ترقب وصول مستشار ترامب إلى الرباط بعد انتهاء زيارته إلى الجزائر وتونس وليبيا    فاس.. التأكيد على أهمية اعتماد استراتيجيات ومقاربات مبتكرة للاستفادة من الكفاءات المغربية والعربية المقيمة بالخارج (ندوة)    الانحفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        أمن مطار طنجة يحبط عملية تهريب أكثر من 15 كيلو من المخدرات في حقيبة شخصين من أصول افريقية (صور)    كيوسك الإثنين | بنيات تحتية بمعايير عالمية للربط بين الأقاليم الجنوبية    سليم كرافاطة يكشف عن أغنيته الجديدة"مادار فيا"        هل الكاف تستهدف المغرب؟ زعامة كروية تُقلق صُنّاع القرار في القارة السمراء            فرحات مهني يكتب: الحركة من أجل تقرير مصير القبائل (MAK).. كبش فداء للنظام الاستعماري الجزائري؟    إطلاق للرصاص يسقط قتلى في تايلاند    الملحقة الإدارية الجديدة ''البركاوي'' تفتتح حملاتها بشاطىء''الجديدة''    سقوط سيارة في مجرى واد بحي مغوغة بطنجة يُسفر عن إصابات    جريمة قتل تهز حي بنديبان بطنجة إثر خلاف بين شابين    حماس: مفاوضات وقف إطلاق النار لا معنى لها مع استمرار الحصار والتجويع    ترامب: لا توجد مجاعة في غزة.. ربما هم لا يتغدون جيدا    أنفوغرافيك | بخصوص تكاليف المعيشة.. ماذا نعرف عن أغلى المدن المغربية؟    سخرية إيطالية من تبون: قرار تحت "تأثير الكأس" يعيد الحراكة إلى الجزائر    كأس أوروبا لكرة القدم للسيدات.. المنتخب الإنجليزي يتوج بلقب البطولة بعد فوزه على إسبانيا بركلات الترجيح (3-1)    حزب الاستقلال يجدد هياكله في جماعة بني احمد الشرقية وينتخب عمر الحضري كاتبا محليا    الناظور.. قطع زجاج في حلوى عرس تُرسل 16 مدعوًا إلى المستشفى    السيدة الأولى لجمهورية السلفادور غابرييلا رودريغيز دي بوكيلي تحل بالمغرب في زيارة عمل للمملكة        إسرائيل تفرج عن الصحافي البقالي    توقعات بنمو الاقتصاد المغربي فوق 4% عام 2025 رغم التباطؤ العالمي    المنتخب المغربي المحلي يطير إلى كينيا    تسونامي قضائي يهدد برلمانيين ورؤساء جماعات .. العزل والمحاكمات على الأبواب    فيلدا: ضياع اللقب بسبب "تفاصيل صغيرة" والحكم أثر على معنويات اللاعبات    رئيس الفيفا في زيارة ميدانية لملعب الرباط تحضيرا ل"كان" و"المونديال"        أخبار الساحة    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب النسوي على المسيرة المتألقة في أمم إفريقيا    الفنان كمال الطلياني يستنكر إقصاء الفنانين من المهرجانات المغربية من المهجر    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الدكتور سعيد عفيف ل «الاتحاد الاشتراكي»: اليوم العالمي يجب أن يكون مناسبة للتحسيس وتعزيز الوقاية    تاشينويت ويوبا والحصبة غروب يشعلون السهرة الثانية لمهرجان صيف الاوداية    مهرجان ايقاعات لوناسة يقص شريط دورته الاولى بسيدي دحمان بتارودانت    العدالة والتنمية يطالب السلطات المغربية بالتحرك العاجل لإطلاق سراح الإعلامي محمد البقالي المعتقل من طرف إسرائيل            اليماني: مجلس المنافسة تحاشى الحديث عن مدى استمرار شركات المحروقات في مخالفاتها    مؤسسة الفقيه التطواني تعلن عن تنظيم جائزة عبد الله كنون    بين ابن رشد وابن عربي .. المصباحي يحدد "أفق التأويل" في الفكر الإسلامي    مهمة استطلاعية حول دعم استيراد المواشي واللحوم تُواجه مأزقاً سياسياً بالبرلمان    مشروع "تكرير الليثيوم" ينوع شراكات المغرب في قطاع السيارات الكهربائية    بيدرو باسكال .. من لاجئ مغمور إلى ممثل يعكس قلق العالم في هوليوود    نسبة ملء سدود المغرب تستقر عند 36% وتفاوت واسع بين الأحواض المائية    تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش المجيد    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكثيف الدلالي وتعدد طبقات المعنى
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 10 - 2020


زخات المطر
بِرائِحةِ البرتقال"
استطاعت هذه الأسطر الشعرية الثلاثة المتوازية أن تنقل إلى متلقيها شعورا جميلا تمكّن من تفتيق قريحته، وتفجير دلالاته الممكنة، وذلك بفضل تكرار النسق النحوي نفسه والذي خلق توازيا تركيبيا نسقيا واضحا، قوله:
بشائر الخريف/ زخات المطر/ برائحة البرتقال. فالهايجن بتكراره ذلك التركيب إنّما حاول أن يجعل من بنية نصه نسيجا متماسكا محكم الخيوط، ومتناسب الوحدات والبنى والإيقاع والموسيقى، باعتباره عنصرا تنظيميّا من جهة، ومن جهة أخرى ليوثّق العرى الدلاليّة بينها فيهيّئ بذلك التّوازي فرصة لتنامي النّص وتناسل معانيه.
لقد أسس الهايجن نصّه وفق بنية "إيتشيبوتسو" أحادية التوليف، المؤسسة على قاعدة الفكرة الواحدة والموضوع الواحد، لذا نراه لم يعتمد الفصل بين أسطره الثلاثة.
نجح "مصطفى قلوشي" إلى حد كبير في توزيع حروفه ليصبغ نصه بإيقاع خاص، وعلى الأخص استعانته بالحروف الصائتة كقوله :(بشائر/ خريف/ زخات/ رائحة/ برتقال)، ولعلّهذا يعود إلى خصائصها الطبيعيّة التي تنماز بالوضوح السمعي، فتشدّ الانتباه إلى ما في النّص من معان تستوجب التّأمّل، لذلك نجد هذه الصّوائت تتظافر فيما بينها للتّعبير عن المعنى المستبطن الذي يروم الهايجن إلى ترسيخه.
يحضر الكيغو بنوعه المباشر (الظّاهر) في هذا الهايكو عبر ثيمة الخريف التي أضفت على النّص ارتباطا وجدانيا، وليس ارتباطا زمنيا لأجل تحديد مناخ طقسي فقط.
التّنحّي: يتبدّى تنحّي الهايجن وحياديّته تماما عن النّص، وموضوعيته في نقله المشهد، لذا نراه نجح في رصدهلظواهر طبيعيّة واستنطاقهلصمتها المثير.
يقول سمير منصور: "الهايكو يحتاج دائما لحدث نعيشه، ونلتقط من مشهده الواقعي الآني لقطة الجمال التي نبني من ألقها النّص"، وهذا بالفعل ما نقله الهايكست بكل موضوعية لقارئه؛ فصوت زخات المطر صوت شجيّ يقطع سكون الصّمت بنبراته الهادئة المتألّقةفي نوتات موسيقيّة عذبة الألحان، تطرب لها الأسماع. ومن خلال قراءتك لهذا الهايكويتبين لك ذلك الاتصال الوثيق بين الهايجن وعالم الطبيعة؛ لأن الشاعر وحده هو القادر على الإنصات لذلك الصوت المنبعث من الطبيعة الأم، والذي تكمن فيه ماهيتها، حيث يجلب ويستحضر تلك الأصداء التي تدوّي من رنين تلك الطبيعة إلى صوره الشّعريّة.
من المعروف أنّ زخات المطر الأولى عادة ما تثير رائحة التراب الندية، بيد أن الهايكست أحدث مفارقة كسرت أفق قارئه، وخيبت أفق انتظاره، فعبقت تلك القطرات برائحة زهر البرتقال، وهذا ما جعل نصه يتكئ على جماليّة اليوغن أو الغموض الشفيف، فرائحة زهر البرتقال تكون عادة في فصل الربيع، إذن فما علاقة زخات مطر الخريف برائحة البرتقال؟ اعتبارا أن المطر بشائر خير ويمن وبركة وإنتاج وفير، ممّا يجعل الهايجن بدل من أن يشم رائحة التراب مع أول تلك الزخات يشمّ عبق زهر البرتقال، وهو بذلك حدس استباقي؛ إنّه حدس تفتّح زهر البرتقال. فلعلّه لحن الشوق إلى أريج زهر البرتقال في أراضي طفولته وصباه؟؟ !!
جمالية الوابيالسابي: للمطر جمال ورونق خاص نراه في قطراته العذبة، فنستشعره برائحته الفواحة التي تشعرنا بنوع من الوحدة والعزلة كلما عانقت أولى قطراته الأرض، ولتراقص بذلك زهر البرتقال، لتشكل في الأخير سمفونية فريدة تغنيها الطبيعة.
الكارومي: (الخفة): الابتعاد عن الجزالة والثقل في الألفاظ، بالإضافة إلى السلاسة؛ أو بمعنى أقرب هو تفادي التعقيد والجدية المفرطة؛ اعتماد العفوية والبساطة، وهذا بالفعل ما جسده الهايكست في نصه.
الشيوري: هوذلك التعاطف مع الكائنات والموجودات التي تحيط بنا في هذا العالم الفسيح، من زخات المطر ورائحة البرتقال التي تمكّنت منأن تشعرنا بنوع من الحنان أو الألفة إزاءها.
تعد قصيدة الهايكو ممارسة شعرية حداثية تقوم على مبدأ الاختزال والاقتضاب الشديد من ناحية، ومن ناحية أخرى تقوم على التكثيف الدلالي وتعدد طبقات المعنى، كون النص الشّعري موشورا متعدد الأطياف والأوجه لتتعدد بذلك قراءاته وتلقيه من قِبَل المتلقين، وهذا ما حاولت السعي وراءه؛ أي بمعنى هو القبض على الجمال الكامن والمستتر في كنف النص، لا اللهاث خلف معنى ومقصدية الهايكست.
بقلم: آمال بولحمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.