ياسر زابيري يقود "أشبال الأطلس" إلى ربع نهائي المونديال بفوز مثير على كوريا الجنوبية    المنتخب الوطني المغربي يتجاوز كوريا نحو ربع نهائي "مونديال الشبان"    القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    الركراكي: بعض اللاعبين اعتقدوا أن المواجهة ستكون سهلة غير أن المواجهة كانت صعبة    الزابيري يتألق بثنائية تاريخية ويقود "أشبال الأطلس" إلى ربع نهائي المونديال لمواجهة أمريكا    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يكمل عقد المتأهلين إلى الربع بانتصاره على كوريا الجنوبية    رغم الدعوات الحكومية للحوار .. الاحتجاجات الشبابية تستمر في الرباط    الأميرة للا حسناء تحضر مؤتمرا بأبوظبي    "الكتاب" يثمن التضامن مع فلسطين    "الأحمر" يختم تداولات بورصة البيضاء    اللقاء الودي بين المنتخبين المغربي والبحريني ينتهي بانتصار "أسود الأطلس"    المنتخب المغربي الرديف يهزم مصر    الملك يُلقي غدًا الجمعة خطابًا ساميًا أمام أعضاء مجلسي النواب والمستشارين    أمن العرائش ينجح في توقيف شخص مبحوث عنه وطنيا    أمني يستعمل السلاح الوظيفي في سلا    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    "الترجمة في سياق الاستشراق" .. قراءة جديدة في علاقة المعرفة بالهيمنة    مغاربة يندهشون من "ضجة تركية"    حزب التقدم والاشتراكية: الكيان الصهيوني مُطالَبٌ بأن يَحترم فورًا اتفاق وقف العدوان على غزة دون تلكُّؤ أو مناورة    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية            اسرائيل تحتجز ابن الحسيمة ياسين أكوح المشارك في أسطول الحرية                        الحسيمة.. انطلاقة فعاليات المهرجان النسائي للإبداع والتمكين (فيديو)        فدوى طوقان : القصيدة الفلسطينية المقاوِمة    المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار.. الدعوة إلى وضع إطار قانوني موحد لتحديث القطاع وتقوية تنافسيته    تفكيك شبكة للاتجار غير المشروع في الأنواع الحيوانية المحمية بسيدي بوقنادل    فوز المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب    المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي: من البناء التنظيمي إلى الانبعاث السياسي    طوفان الذاكرة    قصة قصيرة : الكتَابُ الذي رفضَتْه تسع وثلاثون دار نشر    إصدار القرار الرسمي لتحديد مؤسسات المجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة    منتجون مغاربة يتسلحون ب"الصمت" وتنويع الأسواق أمام غضب فلاحي أوروبا    حل بالمرتبة 47 عالميا.. تقرير يصنف المغرب ضمن فئة "الجوع المنخفض" ويوصي بدعم الفلاحين الصغار    الزاوية الناصرية تكشف تفاصيل منح "إسكوبار الصحراء" شهادة انتساب    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    المغرب وبلجيكا يبحثان آفاق شراكة اقتصادية جديدة    الأوقاف تحرر خمسة ملايين مغربي من الأمية وتقلص المعدل الوطني بأكثر من 29%    أولى مراحل اتفاق غزة.. التنفيذ في 5 أيام وترامب يزور مصر وإسرائيل    سنة 2025 شهدت ثالث أكثر شهر شتنبر حرا على الإطلاق    ترامب: العالم توحد حول "اتفاق غزة"    ناشطة سودانية تدعم سحب نوبل كرمان    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ترامب يعلن التوصل لاتفاق ينهي حرب غزة ويصفه بأنه "حدث تاريخي"    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكثيف الدلالي وتعدد طبقات المعنى
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 10 - 2020


زخات المطر
بِرائِحةِ البرتقال"
استطاعت هذه الأسطر الشعرية الثلاثة المتوازية أن تنقل إلى متلقيها شعورا جميلا تمكّن من تفتيق قريحته، وتفجير دلالاته الممكنة، وذلك بفضل تكرار النسق النحوي نفسه والذي خلق توازيا تركيبيا نسقيا واضحا، قوله:
بشائر الخريف/ زخات المطر/ برائحة البرتقال. فالهايجن بتكراره ذلك التركيب إنّما حاول أن يجعل من بنية نصه نسيجا متماسكا محكم الخيوط، ومتناسب الوحدات والبنى والإيقاع والموسيقى، باعتباره عنصرا تنظيميّا من جهة، ومن جهة أخرى ليوثّق العرى الدلاليّة بينها فيهيّئ بذلك التّوازي فرصة لتنامي النّص وتناسل معانيه.
لقد أسس الهايجن نصّه وفق بنية "إيتشيبوتسو" أحادية التوليف، المؤسسة على قاعدة الفكرة الواحدة والموضوع الواحد، لذا نراه لم يعتمد الفصل بين أسطره الثلاثة.
نجح "مصطفى قلوشي" إلى حد كبير في توزيع حروفه ليصبغ نصه بإيقاع خاص، وعلى الأخص استعانته بالحروف الصائتة كقوله :(بشائر/ خريف/ زخات/ رائحة/ برتقال)، ولعلّهذا يعود إلى خصائصها الطبيعيّة التي تنماز بالوضوح السمعي، فتشدّ الانتباه إلى ما في النّص من معان تستوجب التّأمّل، لذلك نجد هذه الصّوائت تتظافر فيما بينها للتّعبير عن المعنى المستبطن الذي يروم الهايجن إلى ترسيخه.
يحضر الكيغو بنوعه المباشر (الظّاهر) في هذا الهايكو عبر ثيمة الخريف التي أضفت على النّص ارتباطا وجدانيا، وليس ارتباطا زمنيا لأجل تحديد مناخ طقسي فقط.
التّنحّي: يتبدّى تنحّي الهايجن وحياديّته تماما عن النّص، وموضوعيته في نقله المشهد، لذا نراه نجح في رصدهلظواهر طبيعيّة واستنطاقهلصمتها المثير.
يقول سمير منصور: "الهايكو يحتاج دائما لحدث نعيشه، ونلتقط من مشهده الواقعي الآني لقطة الجمال التي نبني من ألقها النّص"، وهذا بالفعل ما نقله الهايكست بكل موضوعية لقارئه؛ فصوت زخات المطر صوت شجيّ يقطع سكون الصّمت بنبراته الهادئة المتألّقةفي نوتات موسيقيّة عذبة الألحان، تطرب لها الأسماع. ومن خلال قراءتك لهذا الهايكويتبين لك ذلك الاتصال الوثيق بين الهايجن وعالم الطبيعة؛ لأن الشاعر وحده هو القادر على الإنصات لذلك الصوت المنبعث من الطبيعة الأم، والذي تكمن فيه ماهيتها، حيث يجلب ويستحضر تلك الأصداء التي تدوّي من رنين تلك الطبيعة إلى صوره الشّعريّة.
من المعروف أنّ زخات المطر الأولى عادة ما تثير رائحة التراب الندية، بيد أن الهايكست أحدث مفارقة كسرت أفق قارئه، وخيبت أفق انتظاره، فعبقت تلك القطرات برائحة زهر البرتقال، وهذا ما جعل نصه يتكئ على جماليّة اليوغن أو الغموض الشفيف، فرائحة زهر البرتقال تكون عادة في فصل الربيع، إذن فما علاقة زخات مطر الخريف برائحة البرتقال؟ اعتبارا أن المطر بشائر خير ويمن وبركة وإنتاج وفير، ممّا يجعل الهايجن بدل من أن يشم رائحة التراب مع أول تلك الزخات يشمّ عبق زهر البرتقال، وهو بذلك حدس استباقي؛ إنّه حدس تفتّح زهر البرتقال. فلعلّه لحن الشوق إلى أريج زهر البرتقال في أراضي طفولته وصباه؟؟ !!
جمالية الوابيالسابي: للمطر جمال ورونق خاص نراه في قطراته العذبة، فنستشعره برائحته الفواحة التي تشعرنا بنوع من الوحدة والعزلة كلما عانقت أولى قطراته الأرض، ولتراقص بذلك زهر البرتقال، لتشكل في الأخير سمفونية فريدة تغنيها الطبيعة.
الكارومي: (الخفة): الابتعاد عن الجزالة والثقل في الألفاظ، بالإضافة إلى السلاسة؛ أو بمعنى أقرب هو تفادي التعقيد والجدية المفرطة؛ اعتماد العفوية والبساطة، وهذا بالفعل ما جسده الهايكست في نصه.
الشيوري: هوذلك التعاطف مع الكائنات والموجودات التي تحيط بنا في هذا العالم الفسيح، من زخات المطر ورائحة البرتقال التي تمكّنت منأن تشعرنا بنوع من الحنان أو الألفة إزاءها.
تعد قصيدة الهايكو ممارسة شعرية حداثية تقوم على مبدأ الاختزال والاقتضاب الشديد من ناحية، ومن ناحية أخرى تقوم على التكثيف الدلالي وتعدد طبقات المعنى، كون النص الشّعري موشورا متعدد الأطياف والأوجه لتتعدد بذلك قراءاته وتلقيه من قِبَل المتلقين، وهذا ما حاولت السعي وراءه؛ أي بمعنى هو القبض على الجمال الكامن والمستتر في كنف النص، لا اللهاث خلف معنى ومقصدية الهايكست.
بقلم: آمال بولحمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.