بينما تكثف السلطات المغربية مراقبتها البحرية في محيط مدينة سبتةالمحتلة، يعمد بعض الصيادين إلى استغلال نشاطهم المهني كغطاء لتهريب مهاجرين بطريقة سرية تعتمد الرمي المدروس في البحر، في واحدة من أحدث الحيل التي تلجأ إليها شبكات التسلل الفردي. وتعتمد هذه الخطة، بحسب مصادر ميدانية، على إدماج مرشح للهجرة ضمن طاقم القارب، حيث يرتدي ملابس صيد تقليدية ويوضع في وضعية لا تثير الشكوك أثناء مغادرة احدى نقاط الصيد، قبل أن يتم الاقتراب من سواحل سبتةالمحتلة ليلا، وتطلب منه القفز في البحر لاستكمال الطريق سباحة نحو الصخور القريبة من خط الاحتلال. وغالبا ما ينتقى التوقيت بعناية، إذ يجري التنفيذ بعد منتصف الليل لتفادي المراقبة البصرية، مع الاستفادة من المساحات التي يعتقد أنها أقل كثافة من حيث الدوريات، سواء من الجانب المغربي أو من الحرس المدني الإسباني. كما أن استعمال قوارب مجهزة بأجهزة إضاءة منخفضة وشباك صيد تستخدم كغطاء بصري أثناء الاقتراب، يجعل من الصعب ضبط العملية في وقتها. وتشير المعطيات إلى أن هذه الأساليب لا ترتبط بشبكات منظمة بالمعنى الكلاسيكي، بل هي مبادرات معزولة من طرف صيادين محليين يمرون بصعوبات اقتصادية، ويرون في هذه العمليات مصدرا للدخل السهل والسريع، حيث يتم فرض مبالغ تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم على كل محاولة، بحسب درجة الخطورة والمسافة البحرية. وكانت السلطات الاسبانية قد رصدت خلال الأيام الأخيرة تحرك قارب صيد على نحو غير اعتيادي قبالة منطقة لا سيرينا، وهو ما دفع إلى اعتراضه ومصادرة معداته واقتياده للتحقيق. ورجحت المصادر أن يكون القارب قد استخدم لتهريب شاب مغربي ألقي في البحر وتمكن من الوصول سباحة إلى اليابسة، في واحدة من الحالات القليلة التي لم تحبط بفعل التنسيق الأمني القائم. ومع اشتداد الرقابة على المعابر المحيطة بمدينة سبتةالمحتلة، تسعى هذه الحيل إلى الالتفاف على الحواجز التقليدية، دون أن تغير من الواقع الميداني الذي تفرضه السلطات المغربية عبر انتشار دائم للبحرية الملكية ومصالح الدرك الملكي، وبما ينسجم مع موقف المملكة الثابت من رفض أي ترسيم حدودي مع المدينتين المحتلتين. ويطرح هذا النوع من التهريب المقنع تحديات متعددة الأبعاد، ليس فقط على مستوى الضبط الميداني، بل أيضا من حيث التدقيق في هوية القوارب التي يفترض أن تكون مخصصة للصيد. كما يصعب تعقب المسؤولية الجنائية في حال نجح المهاجر في الإفلات دون أن يتم توقيفه أو التبليغ عنه. ورغم ذلك، تظهر الإحصائيات أن الغالبية العظمى من هذه المحاولات تفشل، نتيجة تدخلات استباقية تقوم بها الأجهزة المغربية بتقنيات رصد برية وبحرية متطورة، إلى جانب حملات تحسيسية في صفوف الفئات الشابة الأكثر استهدافا من قبل وسطاء الهجرة السرية.