كرة اليد الوطنية كغيرها من الرياضات الأخرى تعيش مشاكل متنوعة ساهمت بشكل كبير في عدم تطور هذه اللعبة مقارنة مع بعض الدول الشقيقة التي أصبحت تقارع أقوى المنتخبات العالمية، حيث لم تستطع الجامعة أن تستثمر النجاح الذي حققه المنتخب المغربي من خلال مشاركته لرابع مرة في بطولة العالم. فالبطولة الوطنية لم تنطلق بعد لأسباب لا يعرفها إلا المكتب الجامعي المشرف على هذه اللعبة، وهذا ما يؤثر فعلا على أندية هذا المنتظم وكذا على استعدادتها، وحتى بالنسبة للناخب الوطني الذي ينتظر انطلاق المنافسات لاختيار العناصر التي يمكنها تعزيز المنتخب المغربي استعدادا للبطولة الإفريقية المزمع تنظيمها ببلادنا في الشهر المقبل. لقد عرفت كرة اليد في السابق تطورا ملحوظا بالنسبة للمستوى العام عكس ما نعرفه اليوم، لسبب بسيط هو كون أن جل الأندية كانت تجد في الرياضة المدرسية مرتعا خصبا لاكتشاف المواهب وصقلها ومن تم إعدادها للإنصهار داخل بوثقة فريق الكبار. وتأسيسا على ذلك فجامعة كرة القدم مطالبة بتوقيع شراكة مع المؤسسات التعليمية بهدف التنقيب على الكفاءات الرياضية سواء الفئة الممارسة أو المكلفة بالتأطير للدفع بعجلة هذه اللعبة إلى المستوى المطلوب، وهذا في ظل افتقار أغلب الأندية إلى الفئات الصغرى التي تمثل القاعدة لإعداد الخلف. كما أن وزارة التربية الوطنية مطالبة هي الأخرى بإلزام المؤسسات التعليمية بالعودة إلى النظام القديم، وذلك بتدريس مادة الرياضة، وتنظيم دوريات في مختلف الرياضات بين الثانويات والأكاديميات كما هو الشأن بالنسبة لكأس دانون الذي اكتشف العديد من المواهب على صعيد كرة القدم. ولعل الحضور المتواضع للمنتخب الوطني خلال الدورة الثانية عشرة من البطولة العربية بالدوحة، تدل على التراجع الكبير الذي عرفته كرة اليد الوطنية بعد أن كانت محط إعجاب من طرف الجميع، خصوصا بعد المشاركة الرابعة على التوالي للفريق المغربي في المونديال. فالعناصر الوطنية لم تستطع الصمود أمام قوة لاعبي منتخبي مصر وقطر وانهزمت بحصص قوية، بينما حققت الفوز الوحيد على السودان أضعف منتخب بالدورة العربية، وهذا يعود بالأساس إلى أن الفريق المغربي كان يتشكل من لاعبين يفتقدون للتجربة في مثل هذه المنافسات التي يتم لها الإعداد بشكل جيد. ويمكن القول أن النتائج التي حققها الفريق الوطني في هذا العرس العربي كانت متوقعة نظرا لتأخر انطلاق المنافسات الوطنية لهذه اللعبة والتي كان مقررا أن تنطلق البطولة في الخامس من نونبر الماضي لكن عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وسارت الجامعة على نفس منوال السنوات الأخيرة بتأخير البطولة مرة أخرى، وهو ما سيجعل الموسم الحالي ينتهي متأخرا. فالجامعة كانت تراهن على انطلاقة مبكرة لمنافسات البطولة حتى يتسنى لبلادنا احتضان بطولة إفريقيا للمنتخبات خلال شهر يناير المقبل وهو ما سيفرض تأجيل البطولة الوطنية خلال هذه الفترة، ويعلم الله متى ستنطلق خصوصا أن هذا التأخير ليس في صالح العديد من الأندية التي لها التزامات اتجاه المحتضنين والمستشهرين. إن تنظيم تظاهرة في هذا الحجم يتطلب إمكانات مالية كبيرة وتجهيزات في المستوى لإنجاح بطولة إفريقية تضم أكثر من عشرة منتخبات، وهو ما تفتقر إليه الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد في الوقت الراهن بالرغم من الضمانات التي قدمت إليها في الموضوع. وهنا نستحضر التصريحات التي أدلى بها رئيس الجامعة عبد اللطيف الطاطبي، في أكثر من مناسبة حول صعوبة المهمة في تنظيم هذا الحدث القاري، نظرا لافتقارها لكل مقومات إنجاح هذه البطولة، خاصة بعد أن حظيت الجامعة بهذا الشرف من خلال سحبها لبساط التنظيم من الشقيقة تونس التي سبق أن نظمت البطولة العالمية لهذه اللعبة رغم ما تتوفر عليه من تجهيزات رياضية قل نظيرها في القارة الإفريقية. إذن، فمسؤولية اختيار المغرب لاحتضان هذه التظاهرة هو رهان لكل مكونات هذه اللعبة التي أخذت على عاتقها تنظيم البطولة الإفريقية من أجل البحث عن موارد مالية وصيانة القاعات التي ستحتضن المنافسات لإنجاح هذا الحدث، خاصة أن المغرب له تجربة في هذا المجال بعدما كان سباقا على المستوى القاري في تنظيم العديد من التظاهرات القارية والدولية. لكن المشكل الكبير هو أن المدرب الفرنسي «كاراكا» الذي تعاقدت معه الجامعة مؤخرا سيكون أمام خيار واحد لا ثاني له وهو الإعتماد على العناصر المحترفة من أجل إنقاذ ماء وجه هذه اللعبة، لأن اللاعبين المحليين يفتقدون على التنافسية، ونتمنى أن تكون البطولة الإفريقية تجربة ناجحة في مسار النخبة الوطنية حتى لا تتكرر مهزلة الدوحة.