عبد لكبير الركاكنة: المسرح هو المدرسة الحقيقية لكل الممثلين ومنه انطلق كبار النجوم يواصل الفنان المسرحي المغربي نشاطاته الفنية من خلال تقديم عروض جديدة لمسرحية «الأميرة والوحش» (الموجهة للأطفال) ومسرحية «الجدبة»، وتصوير ثلاثين حلقة جديدة ضمن البرنامج التلفزيوني التمثيلي ‘مداولة» (الخاص بقضايا المحاكم)، بالإضافة إلى تصوير سلسلة تلفزيونية جديدة ستعرض على القناة المغربية الأولى خلال رمضان بعنوان»ناس الحومة». وقد دخل الركاكنة مجال الإنتاج الفني، حيث أنتج فيلم «بلاستيك» الذي حاز على سبع جوائز، و»طفل القمامة» بشراكة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الوطنية والذي حاز على أربع جوائز في القاهرة، وفيلم «آخر الرومانسيين» الحائز على ثلاث جوائز: الجائزة الكبرى وجائزة السيناريو وجائزة الإخراج بمهرجان الفيلم التلفزيوني في مدينة مكناس في دورته الثانية. بدأ مسار الركاكنة الفني وهو في الثالث عشرة من عمره، لتكون حصيلة تجربته العديد من المسرحيات من بينها«حدك تم»، «لوزيعة»، «صيحة»، «محكمة الحيوانات»، «الجدبة» و«الأميرة والوحش» وأيضا العديد من الافلام السينمائية تمثيلا واخراجا بالإضافة للمسلسلات التلفزيونية. ولعب دور البطولة الاول، وهو فتى، في مسرحية تحت عنوان «سراب وحقيقة» للمخرج علي التونسي. ويتذكر ان أول عرض بمدينة سلا بحضور أفراد اسرته المتشوقين لمشاهدة ابنهم وهو يمثل لأول مرة دور البطولة مع ممثلين كبار، ان مكافأته كانت صفعتين من والده لم يستوعب سببها إلا بعد عشرين سنة «كانت تلك الصفعات صدمة بالنسبة إلي كونها صادرت فرحة لم تدم سوى لحظات.» واصل ركاكنة ممارسة المسرح خفية عن والده، حيث التحق بمسرح الإعدادية ثم الثانوية وبدار الشباب بالموازاة مع دراسته التربية البدنية، درس الرقص الكلاسيكي لمدة خمس سنوات، وبعد تخرجه شارك في العديد من الأعمال المسرحية وأخرج أول مسرحية بعنوان «لوزيعة»، وهي مسرحية للكاتب العراقي محيي الدين زنكنه، الذي تعرف عليه في رحلة إلى العراق. وفي أول عرض لهذه المسرحية دعا والده للحضور، وبعد انتهاء العرض طلبت من الجمهور أن يصفق للذي صفعني في هذا القاعة قبل عشرين سنة ولم أع سبب ذلك إلا في هذه اللحظة، وهو كوني كنت صادقا في أدائي لدرجة أنه صدق أن ابنه فعلا طفل منحرف وإلا لما أتقن الدور بنجاح. ما الذي ساعد الفتى على التوجه إلى إحتراف المسرح؟ يجيب الركاكنة: المسرح هو أبو الفنون لأنه يجمع كل أشكال الفن والأدب من كتابة وتمثيل وموسيقى ورقص وفلسفة إلى غير ذلك. اختياري لتخصص الرياضة في الباكالوريا لم يكن اعتباطيا بل من أجل أن يساعدني على تقوية بنيتي الجسدية لتتلاءم مع الأداء المسرحي بكل أدواره، بالإضافة إلى الرقص الكلاسيكي والدروس التي كنا نتلقاها في المسرح حول التعبير الجسدي، كما أني كنت من هواة السباحة وركوب الخيل وكلها أدوات تساعد الممثل على التحكم في جسده. فالفنان بالنسبة لي مثل الآلة الموسيقية يمكن أن نستخرج منها نوتات موسيقية متنوعة لتعطي معزوفة جميلة. إلا أن هذه العملية ليست بالأمر الهين خاصة في المسرح، فقد اشتغلت مع فنانين ومخرجين أفادوني فعلا في هذا المجال خاصة الأستاذ والمخرج الكبير المرحوم عباس إبراهيم وعبد الواحد عوزري وفوزي بنسعيدي والطيب الصديقي وعبد الصمد دينيا وجمال الدخيسي. انتقلت من المسرح إلى السينما والتلفزيون، هل كل ممثل مسرحي يمكن أن يكون ناجحا في السينما والتلفزة؟ الممثل الحقيقي هو ممثل المسرح، لأن هذا الأخير مدرسة وفن مباشر مع الجمهور، لا تتدخل فيها المؤثرات الصوتية ولا الكاميرا ولا أي تقنية أخرى، فكل كبار الممثلين في العالم وفي هوليوود انطلقوا من المسرح. أول تجربة لك في ميدان الإخراج السينمائي هي فيلم «بلاستيك» الذي حاز على جائزة مهرجان أسبوع الفيلم القصير بالرباط في دورته السابعة في 2011، ماذا تقول عن هذه التجربة؟ هذه تجربتي الأولى في الواقع، كان هناك مشروع فيلم آخر قبل ‘بلاستيك» بست سنوات وتم الترخيص له، لكني رفضت في آخر المطاف بسبب الغلاف المالي الهزيل الذي رصد له، فجاءت تجربة فيلم «بلاستيك». لست حريصا على ملء رصيدي من الأفلام بقدر حرصي على وضع بصمة سينمائية، لأن هدفي الأسمى هو أن أوصل رسالة إلى الناس بطريقة إخراج جميلة ومبسطة. وأول عرض للفيلم كانت القاعة مملوءة عن آخرها وانتابني خوف كبير رغم أن العديد من الزملاء الذين سبق وأن شاهدوا العمل نوهوا به وهذا العمل مولود قدمته للمجتمع، وحصد سبع جوائز آخرها جائزة في المهرجان الدولي السينمائي بتزنيت. وماذا عن تعاملك مع مسرح الطفل؟ الذي دفعني إلى هذا النوع من المسرح مجرد فكرة اقترحها ابني آدم، لتتبلور مع الوقت وتتحول إلى عمل يرضي جميع الأطفال وليس فقط ابني، حيث أعددت مسرحية «محكمة الحيوانات» كمحاكمة للإنسان على تلويث البيئة وذلك بطريقة استعراضية موسيقية جميلة. وتم عرض المسرحية مائة وعشرين مرة في ظرف خمس سنوات وحصدت جوائز عديدة، لكن الأهم بالنسبة لي هو كيف يتعامل الطفل مع ذلك المنتوج الإبداعي ويبحر في عوالمه، والطريف في المسرحية هو أن الآباء هم أيضا يتفاعلون مع العرض. إلى أي حد يمكن اعتبار مسرحية «الجدبة» التي تصنف ضمن ما يعرف بمسرح «الفودفيل» توأم فيلم «بلاستيك» في النجاح؟ مسرحية «الجدبة» إلى جانب أعمال أخرى، تركز على الجانب الإنساني وتهدف إلى الانفتاح على الجمهور الذي هجر قاعات المسرح. «الفودفيل» عمل قريب من المتلقي، يلامس مشاعره بطريقة هزلية وذكية تمكن الجمهور من تشفير رسالة معينة. أما موضوع المسرحية فيدور داخل فضاء الأسرة والقضايا التي تهمها مثل التعليم، الهجرة، السياسة. هل لديك أي تصور لانفتاح المسرح المغربي على الخارج على غرار المسرح المصري مثلا؟ سبق لي أن شاركت في عدة مهرجانات دولية، ومؤخرا عرضتُ في إيطاليا مسرحية ‘بلادي Mon Pays ‘ أمام جمهور مغربي وعرض آخر أمام الإيطاليين الذين تفاعلوا مع العمل وهذا ما فاجأني، لنتفاجأ أكثر بعد عرضها في إسبانيا حيث كان النجاح باهرا، وتم تأليف كتاب حول المسرحية، كما تناولتها وسائل إعلام كبرى مثل جريدة «البايس». رغم أنك قمت بالعديد من الأدوار إلا أن الشخصية التي طبعت في ذهن الجمهور هي شخصية المحامي في برنامج «مداولة»، ما الذي أضافه هذا الدور لعبد لكبير الركاكنة؟ أضاف لي هذا الدور الشيء الكثير في مساري الفني، ورغم أدائي لعدة أدوار مختلفة في حلقات هذا البرنامج فالجمهور أحبني أكثر في دور المحامي. وأعتبر نفسي قمت بتدريب في مجال المحاماة.