مصرع ستيني في حادثة سير مروعة وفرار السائق بطنجة    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة        حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    رئيس أمريكا يشيد ب"هدية" استثمارية    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    اختلالات في أنظمة التقاعد الأساسية    ميناء "طنجة المدينة" يسجل زيادة في نشاط المسافرين بنسبة 10 بالمائة    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء    ثلاث مؤسسات تسيطر على القطاع البنكي بنسبة تفوق 60%    مسؤول أممي يحذر من "تداعيات كارثية" لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة    38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    سقوط مميت ينهي حياة شخص بحي إيبيريا بطنجة    المغرب ينتخب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة للبلدان النامية غير الساحلية    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    سقوط "قايد" و"مقدم" متلبسين بتلقي رشوة من صاحب مقهى    الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: "بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون"    الشرطة القضائية بإمزورن توقف مروجاً للمخدرات وتضبط بحوزته كوكايين و"شيرا"        مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من رئيس جمهورية السلفادور بمناسبة عيد العرش        اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!        نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    احتياجات الخزينة ستتجاوز 12 مليار درهم خلال غشت    نظام تأشيرات جديد: 15 مليون للحصول على ڤيزا أمريكا    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    تركمنستان.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    موجة حرارة تصل إلى 47 درجة من الثلاثاء إلى الجمعة في هاته المناطق    زيادة إنتاج نفط "أوبك+" تنعش آمال المغرب في تخفيف فاتورة الطاقة    سائقو الطاكسي الصغير يحتجون بطنجة ضد التسعيرة وأوضاع النقل بمطار ابن بطوطة    أمريكا تسلح أوكرانيا بمال اسكندينافيا    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    خواطر تسر الخاطر    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأعمال التشكيلية للفنانة كنزة المكداسني
نشر في بيان اليوم يوم 10 - 12 - 2013


براءة التصوير وطراوة الألوان
لم تتأثر الفنانة كنزة المكداسني بظروف الغربة التي عاشتها بالديار الهولندية لسنوات، حيث ظلت وفية لجذورها وأصولها المغربية التي تشع عطاء وتبرق نبلاً، وقد تجسَّد ذلك في لوحاتها وتصاويرها التي تنفذها بعفوية وتلقائية تمتد لبساطتها وتواضعها. هكذا انطلقت الفنانة كنزة في الرسم والتصوير بحس وجداني وبمشاعر حيَّة وكأنها تكتب سيرة ذاتية بلغة الألوان الممزوجة بالحنين والشجن. تتأرجح أعمالها الصباغية بين الواقعية الفطرية والتعبيرية اللونية، وهي طافحة بالكثير من المعاني والدلالات الأيقونية المستعارة من الخبرة الذاتية ومن التجربة الفردية في الحياة..مواضيعها عديدة ومتنوعة كحياتها، تغترفها من قاع المجتمع وتعكس في عموميتها التمسك بالمنابع والتربة والوفاء لذكريات الصبوات والطفولة.
أعمالها التصويرية مفعمة بتيمات بسيطة ومبسطة تمتحها من الطبيعة والأرض ومعالم البيئة الحيَّة: الحدائق، المزهريات، وجوه آدمية تتسلى داخل بساتين ملونة بملامح وسحنات شبه تجريدية متحوِّلة ومؤسسة على إيقاع الألوان الشفيفة والكثيفة المؤسَّرة بخطوط إحاطة.
من يقرأ هذه الأعمال التي تنجزها هذه الفنانة الحالمة ذات الأصول الشمالية سيجد نفسه، ولا شك، أمام تجربة صباغية تبوح بكل شيء وتخفي كل شيء في آن، ياللمفارقة! تجربة منطلقها الحياة، وذات مسار طويل يرسم في سيرورته ومتوالياته نوعاً من الاحتفاء بالذات عن طريق الذات. من ثم، أمست لرسوماتها صلة بالفن الخام القائم على التصوير الذهني المتحرُّر من النظم والقواعد المدرسية والقائم على عدم «الاعتراف» بالحقائق المرئية، حيث عفوية الإبداع وبراءة التصوير وطراوة الألوان وقوَّة التبصيم. بهذا، تمثل هذه الرسومات الوفاء للفن الخالص والبكر المنسوب ظهوره للفنان الفرنسي جان دوبوفِّيه (1945) الذي عرّفه بكونه «نتاج مجموعة من الناس العصاميين، مما يجعل نتاجها، من كافة الجوانب، يمثِّل شخصيات مبدعيه، ولا تخضع هذه المجموعة لقواعد الفن المعروفة ولأسسه، وللتيارات والنزعات الفنية السائدة».
لم تنسخ الفنانة كنزة أية تجربة صباغية سبقتها، إذ ظلت أصيلة ووفية لنهجها وأسلوبها التلويني الشخصي الذي ينمو فيها ومعها كلما قرَّرت أن ترسم وتصبغ داخل مشغلها الذي ينبت وسط فضاء سيدي رحال وقد تحوَّل إلى خيمة واسعة تتسع لكل الزوار، لاسيما الأطفال المولعين بالرسم وعوالمه، حيث يجدون فيه ما يشفي غليلهم ويشبع فضولهم واندفاعهم التلقائي والطبيعي لتعلم الفن وممارسته.
الفنانة كنزة بثقافتها البصرية التي راكمتها من خلال زياراتها للعديد من المتاحف والمكتبات الأوروبية، شقت طريقاً آخر موازياً لفنها، هدفه نقل تجربتها للأطفال الباحثين باستمرار عن من يصغي إليهم ويفتح أمامهم مساحات واسعة للتفكير والتخييل وممارسة الحق في الحلم والإبداع، وهذه واحدة من الرسائل النبيلة التي يقوم عليها الفن الحقيقي، وليس المزيَّف الذي لا محتوى له..ولا معنى له..
إبداع الفنانة كنزة كحياتها..وحياتها هي فنها المطبوع بقوة التعبير وبلاغة الفن في حدود أبعاده الإنسانية. فبرؤية فنية خالصة مليئة بالحب والدهشة والضياء، ترسم لوحات لا تخلو من فعالية طيفية مفعمة بصدق المشاعر، وتتعايش فيها الألوان الدافئة والألوان الباردة، محدثة بذلك نوعاً من الكتابة الوجدانية النابعة من عين القلب.
من عين القلب تبدأ الفكرة بالانتقال التدريجي من الرؤية إلى الرؤيا لتجد صداها داخل مساحة الفن، ومن عين القلب ينشأ الفن وينمو، الفن الصادق والأصيل الذي يمثل في لوحات الفنانة كنزة أبعادا جمالية خاصة تتمثل في القيمة التعبيرية والحدسية للمفردة اللونية في حدود طبيعتها وطراوتها ووضعها الخالص.
ولأن الألوان تمنحنا الحق في الحلم والحياة، فإن الفنانة كنزة تستعمل اللون كقيمة حسية للتواصل والتخاطب والحوار، وكثيرا ما تتملكها الألوان على غرار ما استنتجها بول كلي. المادة اللونية، إذن، هي لعبتها وأفقها الجمالي الذي يمنحها الإمكانيات الكاملة لشغل المساحات والكتل بسحنات تعبيرية عالية وتحويلها إلى رؤية ذاتية عابقة بالمشاعر والأحاسيس.
يشتغل اللون في لوحاتها الصباغية كخطاب طيفي تقوى تعبيريته على رمزيته..ورمزيته على تعبيريته بالشكل الذي يَشُدُّ المتلقي نحو عوالم ذاتية تدفع إلى تفحص بناءاتها وإنشاءاتها المؤسسة على تضاد شكلي ولوني (ضوئي) مفعم بالعديد من المعاني والدلالات القزحية الكثيرة.. إنها لغة صباغية تعبيرية تمتح خصوصياتها من عمق الذاكرة الطفولية الملأى بالفضول والطموح والرغبة في الاكتشاف..لتظل بذلك حاملاً بصريا ينطق بحقائق متوارية خلف التشكيل والتكوين والتوليف. أليست الألوان أصواتا تسمعها العيون؟، كما يقول أحد نقاد الفن.
هي هكذا لوحات الفنانة كنزة المكداسني تعبيرات فطرية حرة، غير مؤطرة، تشبيهية وتجريدية تحكي تجربة ذاتية لا يمكن ولوجها والإحساس بها سوى عن طريق لغات خاصة تنهض عليها، وأقصد بذلك لغات الباطن والداخل، أي عين العقل التي هي رهان هذه التجربة الصباغية المفتوحة على تعدد القراءات والتأويلات.
*ناقد تشكيلي مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.