القلب الكبير ينبض في جهة الشرق: قافلة طبية توزع آلاف أجهزة قياس السكر وتوعي أكثر من 1500 شخص    الإمارات إلى نصف نهائي كأس العرب لمواجهة المغرب الإثنين المقبل    اجتماع لفتيت والولاة ورؤساء الجهات يدفع ببرامج التنمية الترابية نحو مرحلة متقدمة    طنجة.. حادثة سير خطيرة بطريق تطوان تُخلّف وفاة شاب وإصابة ثلاثة آخرين في حالة حرجة    عاصفة شتوية تصرع 16 شخصا بغزة    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    درك أرفود يفكك لغز جريمة قتل        نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانًا رعدية مرتقبة بطنجة هذه الليلة    يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    كأس العرب.. الأردن يهزم العراق ويضرب موعدا مع السعودية في نصف النهائي    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    بتمويل أوروبي ب150 مليون أورو.. مشروع "سايس 3" يهدف لتأمين الري ل20 ألف هكتار وحماية المياه الجوفية    اتحاد طنجة لكرة اليد (إناث) يستنكر حرمانه من الحصص التدريبية قبيل تصفيات كأس العرش    "خلف أشجار النخيل" يتوج بنمبارك    سمو الأميرة للا أسماء تترأس بالرباط افتتاح المؤتمر الإفريقي الأول لزراعة قوقعة الأذن للأطفال            بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    أخنوش من مراكش: المغرب ملتزم بتعزيز التبادل الحر والاندماج الاقتصادي المستدام في إفريقيا    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    أسعار تذاكر كأس العالم تثير الغضب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    نورس موكادور الكاتب حسن الرموتي في ذمة الله    صادرات الصناعة التقليدية تحقق نموا    فرحات مهني: استقلال القبائل خيار لا رجعة فيه    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    هل تنجح مساعي بنعبدالله في إقناع فدرالية اليسار بالعمل المشترك ولو جزئياً؟    "الفوتسال" المغربي السادس عالميا    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    باللهجة المصرية.. محمد الرفاعي يصدر جديده "روقان"    الملك يشيد بعلاقات المغرب وكينيا    المصادقة على 11 مشروع مرسوم يحددون تاريخ الشروع في ممارسة اختصاصات المجموعات الصحية الترابية    وليد الركراكي يوضح معايير اختيار لائحة "كان 2025"    محاكمات "جيل زد".. ابتدائية مراكش تصدر أحكاما حبسية في حق مجموعة من القاصريين    اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تُصادق على 21 مشروعًا بأكثر من 22 مليون درهم بعمالة المضيق الفنيدق    حوادث النَّشْر في العلن والسِّرْ !    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    وثيقة سرية مسربة تفضح رغبة أمريكا استبعاد 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    فرنسا.. تعرض خوادم البريد الإلكتروني لوزارة الداخلية لهجوم سيبراني    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    إفريقيا توحّد موقفها التجاري قبل مؤتمر منظمة التجارة العالمية القادم    الدار البيضاء.. الإطاحة بعصابة "القرطة" المتخصصة في السرقة    إيلون ماسك يرغب في طرح أسهم "سبايس أكس" في البورصة    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    باحثون يستعرضون دينامية الاعتراف الدولي بالطرح المغربي في ندوة وطنية بجامعة ابن طفيل    مانشستر يونايتد يكشف عن نتائجه المالية في الربع الأول من الموسم    اختيارات الركراكي تظفر بالمساندة    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاس ذاكرة ثانية لأمجاد الأندلس
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 06 - 2015

فاس، إحدى أشهر مدن المغرب التاريخية العتيقة، عمارتها بتفاصيلها العريقة لا تزال تفصح عن مدى ارتباطها بالأندلس تاريخا وحضارة وأسرارا.. ومن يزورها اليوم، ويلتحف بروحها، قد ترتسم في ذهنه أطوار حلقات مجهولة عن تاريخ الفردوس المفقود.
تقف السائحة الأسبانية كاثرين سواريز، على تلة رابية بمحاذاة البرج الشمالي لمدينة فاس، الشبيه بقلعة برتغالية قديمة، متأملة في شرود تفاصيل هذه المدينة العتيقة، وجمال عمارتها وقصص التاريخ التي تضج بها، وتحفظها أسوارها، وتؤرّخ لعراقتها منذ قرون.
تقول سواريز "لا تستقيم زيارة الأندلس، وحواضرها العربية المسلمة، دون التعريج على فاس، الجزء الآخر من قصة الحضارة العربية في الأندلس". وتضيف السائحة الأسبانية، وهي تقف في الجزء العلوي للبرج الشمالي، حيث تظهر بجلاء قباب مدارس فاس العتيقة الخضراء وصوامع مساجدها ومساكن أهاليها التي يعود أغلبها إلى قرون خلت، "هناك شبه كبير بين فاس ومدن أخرى زرتها في أسبانيا كقرطبة وإشبيلية وغرناطة".
فاس، تعد عاصمة ثقافية للمغرب، وإحدى أشهر مدنه العتيقة، التي يعود تأسيسها إلى أكثر من 1200 سنة، حيث أقام هذه الحاضرة المولى إدريس الأول، مؤسس أول دولة في المغرب، وانقسمت المدينة تاريخيا إلى بلدتين يسميان: "عدوة الأندلسيين" و"عدوة القرويين"، أي المهاجرين العرب الوافدين من مدينة القيروان التونسية، ولكل بلدة من البلدتين مسجدها الأعظم المسمى باسمها.
وتعد فاس على رأس قائمة المدن التاريخية التي استقبلت الهجرات الكثيفة لعرب الأندلس القادمين بحرا من الجنوب الأسباني، بعد سقوط الحكم الإسلامي فيه.
وكان المسلمون واليهود الأندلسيون قد تعرّضوا آنذاك لتضييق شديد من قبل سلطات الكنيسة على عباداتهم الدينية وممارسة شعائرهم وعاداتهم العربية والإسلامية.
يقول حسن أهماني، مرشد سياحي بالمدينة له من العمر 38 عاما، "ظلت فاس على مرّ السنوات مركز استقطاب للسياح، بل إن الكثيرين منهم يختزلون المغرب في فاس، وأبوابها الأربعة عشر، التي تروي تفاصيل بناء هذه المدينة وعلاقتها بمحيطها الخارجي، وتأثرها بالأحداث الجارية بها".
ويسيّج مدينة فاس سور تاريخي تخترقه أبواب كانت قديما تؤمن المدينة وتحرسها، وصارت اليوم معالم أثرية شاهدة على أزمنة فاس العديدة.
ومن أهم أبواب فاس وأشهرها باب أبي الجنود القائم على مدخل منطقة فاس البالي، وهي أقدم منطقة في هذه المدينة وأكثرها عراقة، فضلا عن باب أفريقي الذي يعد أول الأبواب المقامة بالمدينة، وكذلك باب العجيسة وباب الجزيين، وباب الحديد.
ويضيف أهماني أن "أبرز ما يميّز فاس عن سائر مدن المغرب العتيقة، المدارس والكتاتيب القرآنية المنتشرة في أزقتها وحاراتها، بل إن مدارس فاس كالمدرسة البوعنانية، المقامة ما بين 1350 و1355 للميلاد، وجامعة القرويين، التي أنشئت عام 857 للميلاد، (وهي ثاني جامعة إسلامية بعد جامعة الزيتونة في تونس)، كانت ذات صيت إقليمي وعالمي، ومركزا علميا، احتضن تطور العلوم الإسلامية وطلبها".
من جانبه، يقول ناصر بولمان، وهو سائح مغربي يبلغ من العمر 45 عاما، "وأنا أتجول في فاس أشعر بعمق الحزن الأندلسي، وبانقضاء زمن، كانت فاس شاهدة تتخلله على تألق الحضارة الإسلامية".
ويضيف بولمان، وهو يتجوّل في أزقة فاس البالي "فاس هي الفصل الثاني من قصة رقي الحضارة الإسلامية في الأندلس، قدم الأندلسيون إلى فاس لاستكمال ما بدؤوه من إبداع وتميّز في الفنون والعلوم في موطنهم الأصلي، وواصلوه هنا وإن بشجن وحنين شديد للأندلس كما تروي ذلك أشعارهم".
تحافظ العمارة في فاس على نقوشها الأندلسية، وتضجّ أسواقها بالباعة الذين يعرضون أصنافا متنوّعة من المأكولات والمواد التجميلية والعطور والألبسة، تمتاز بجودتها الفاسية، فكل ما يؤتى به من فاس، يرسخ في ذهن المغاربة على أنه مميز وذو ذوق رفيع.
ظلت فاس تستقطب "المورسكيين"، أي المسلمين الهاربين خفية من بطش الكنيسة، بعد سقوط غرناطة. وأصبح للعائلات الأندلسية الفاسية دور ريادي في المجالات العلمية والمالية والسياسية والثقافية والحرفية. وتوجد إلى غاية اليوم بفاس مئات العائلات ذات الأصول الأندلسية، من بينها من حافظ على اسمه الأعجمي ومنها من تغير اسمه بفعل الزمن.
في مدينة فاس القديمة يصطف بائعو ماء الورد والزهر المقطّر المستعمل في تحضير الخلطات التجميلية، وهنا كذلك يباع الخليع، وهو لحم مقدد معد بطريقة فاسية أصيلة، كما تعرض بعض الحوانيت أحذية الجلد التقليدية، حيث تنتشر في فاس مدابغ الجلود، ومشاغل الأثواب، وورش النقش على الفضة وصناعة الأواني المعدنية، وجميعها صناعات وحرف عزّزت قدوم الأندلسيين إلى فاس واستقرارهم بها وساهمت في نمائها، لتبقى فاس ذاكرة ثانية للفردوس المفقود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.