شرعت مدينة طنجة في اعتماد نموذج جديد لتدبير النقل الحضري، موكلة مهمة تشغيل شبكة الحافلات لتحالف مغربي-فرنسي، في خطوة تهدف إلى تحديث البنية التحتية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030. وأسندت السلطات عقد التدبير المفوض لشركة "إيصال طنجة"، وهو تحالف تقوده "الشركة المغربية للنقل" (CTM) بنسبة 51 بالمئة، وشريكتها الفرنسية "ترانسديف" (Transdev) بنسبة 49 بالمئة. وجاء اختيار هذا التحالف عقب منافسة مع شركة "ألزا" الإسبانية، التي تدير قطاعات واسعة من النقل الحضري في مدن مغربية أخرى. وتعود ملكية (CTM) لمجموعة "أو كابيتال" التابعة للملياردير المغربي عثمان بنجلون، بينما تتمتع "ترانسديف" بخبرة سابقة في المملكة عبر تشغيل ترامواي الرباط والدار البيضاء. ويقوم النموذج المعتمد في طنجة على فصل الهياكل، حيث تحتفظ شركة التنمية المحلية "طنجة موبيليتي" بملكية الحافلات والمعدات لضمان استمرارية الاستثمار العمومي. في المقابل، تتولى "مؤسسة التعاون بين الجماعات البوغاز" مهام التخطيط والمراقبة، بينما ينحصر دور التحالف الجديد في التشغيل الميداني والصيانة. ورصدت الجهات الوصية استثمارا بقيمة 806 ملايين درهم لاقتناء 280 حافلة جديدة تحمل شارة "حافلات البوغاز"، منها مركبات مفصلية ذات أرضية منخفضة لتسهيل ولوج الركاب. كما خُصص مبلغ إضافي قدره 104 ملايين درهم لتجهيز الأسطول بأنظمة تكنولوجية، تشمل التذاكر الإلكترونية وشاشات المعلومات الآنية وكاميرات المراقبة. وتهدف هذه الخطة، وفق المعطيات المعلنة، إلى زيادة العرض بنسبة 55 بالمئة وتقليص زمن الانتظار بنسبة 41 بالمئة، مع ضمان انتظام الرحلات. وتشمل الاستثمارات أيضاً تحديث ورشات الصيانة واعتماد أنظمة لتدوير المياه، تماشياً مع المعايير البيئية. وتتطلع طنجة، بوابة المغرب نحو أوروبا، إلى تعزيز شبكتها مستقبلا عبر إطلاق خطوط الحافلات ذات المستوى العالي من الخدمة (BHNS) في أفق عام 2029. ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية أوسع لتحسين التنقل الحضري في المدينة التي تشهد توسعاً عمرانيا متسارعا وتستعد لاستحقاقات دولية كبرى. ويراهن المشروع الجديد على رقمنة الخدمات، من خلال تعميم التذاكر الإلكترونية واعتماد تطبيقات للدفع المفتوح لتسهيل الولوج إلى الشبكة. كما ستمكن الأنظمة الذكية من تتبع حركة الحافلات وإشعار الركاب بمواقيت المرور في الزمن الحقيقي، سواء داخل المحطات أو عبر الهواتف الذكية. وتضمنت الأشغال المنجزة توسيع الورشات الميكانيكية وتحديث المخازن، لضمان صيانة تنبؤية تحافظ على جاهزية الأسطول وتضبط تكاليف التشغيل. وتسعى الأطراف المتعاقدة إلى الحصول على شهادة الجودة "إيزو 9001″، وترسيخ المعايير البيئية والاجتماعية في تدبير المرفق العام. وتشكل هذه الخطوة حلقة محورية في مسار تأهيل مدينة طنجة، لجعلها نموذجاً في التنقل المستدام قبل انطلاق المواعيد الرياضية العالمية.