الأمير مولاي رشيد يمثل الملك محمد السادس في قمة الدوحة الطارئة    إضراب ووقفات احتجاجية للنقابة الوطنية للتعليم العالي ضد إصلاح الجامعة    جلالة الملك يهنئ السلفادور بمناسبة عيدها الوطني    الأمن السيبراني تحول إلى مرادف للسيادة الرقمية وداعم للنمو الاقتصادي (لوديي)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على خسارة    من 10 إلى 33 درهما.. تفاصيل الزيادة في رسوم التحويلات البنكية    أمير قطر: إسرائيل تتفاوض وتغتال    سفيان البقالي: "فضية طوكيو" انتصار للتضحية .. والرياضة ربح وخسارة    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    أكادير .. فتح بحث قضائي بعد إقدام ضابط شرطة ممتاز على إنهاء حياته بسلاحه الوظيفي    توقيف شابين من أصول مغربية يحملان جنسيات أجنبية بعد سياقة استعراضية ومحاولة إرشاء    الوقاية المدنية تنقذ شابا علق بسفح جبلي قرب الحسيمة    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    العرائش.. العثور على جثة شخص بغابة الأوسطال في ظروف غامضة    مصرع شخص في حادثة سير مميتة بين طنجة وتطوان (فيديو)    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة صغيرة غرب ألمانيا    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ    في آخر لحظة.. البقالي يخسر لقب بطولة العالم    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين            طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14    الملك محمد السادس يدعو إلى برمجة أنشطة علمية للتذكير بالسيرة النبوية    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    "الاتحاد العربي" يجدد الثقة في لقجع            الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    المغرب يطلق قانون 46.21: نقلة نوعية في تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    بيلاروسيا تنظم مناورات مع روسيا    حريق مهول يشب في قيسارية بحي بني مكادة    أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع ل"كسر الحصار الإسرائيلي"    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    بين صورة الوطن وكرامة المواطن: أي معنى للاستثمار في الملاعب    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط                    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جنون من الطراز الرفيع»
نشر في بيان اليوم يوم 25 - 11 - 2015

تعتبر ترجمة د. يوسف الصمعان لكتاب «جنون من الطراز الرفيع» لناصر قائمي إضافة نوعية للخزانة العربية فيما يخص الطب النفسي والسياسة. تحمل هذه الترجمة، الصادرة عن دار النشر والتوزيع «جداول» ببيروت، رسالة ستساعد بدون أدنى مجال للشك على تغيير النظرة إلى الأمراض النفسية والعقلية وعلاقتها بعالم السياسة والقيادة. فعالم الأمراض النفسية والعقلية في العالم العربي والإسلامي مليئ بتمثلات خاطئة وفي كثير من الأحيان خيالية. يُقابل المريض نفسيا أو عقليا مقابلة سلبية سواء من طرف الأفراد أو الجماعات، لأن فهم مثل هذه الأمراض سابح في عقلية بدائية متأخرة، يُربط بالجنون والسحر وضرب من الجن وفي الحلات القصوى انتقاما ربانيا من شخص ما أو ذويه. وهذا الفهم بالضبط هو الذي يحث المصابين وعائلاتهم إلى اللجوء لطرق علاجية لا تسمن ولا تغني من جوع بزيارة قبور الأولياء والصالحين والوقوع في مخالب مشعوذين يزعمون بأنهم يشفون من مثل هذه الأمراض، عوض زيارة أطباء متخصصين.
تساعد قراءة هذا المؤلف كذلك على فهم نوعية القادة العرب عندنا، فالأغلبية العظمى منهم هم بالضبط ما يتحدث عنه موضوع هذا الكتاب: ترجموا «جنونهم» إما باضطهاد شعوبهم وفرض ديكتاتوريات قمعية واضحة المعالم أو بدفعهم لحروب عشواءضد شعوب أخرى. ما لم يهبنا إياه «القدر» هم حكاما مجنونين عبقريين، لأنهم في الأطروحة العامة للكتاب مؤهلون أحسن من غيرهم لإدارة الأزمات: «أفضل الزعماء للأزمات هم إما مرضى عقليون أو غير عاديين ...». وهناك حسب المؤلف أربعة عناصر لبعض الأمراض العقلية كالهوس والإكتئاب تساعد على تطوير القدرة على إدارة الأزمات: الواقعية، المرونة، التعاطف، الإبداع. وبهذا يحدث فهما جديدا للمرض العقلي عامة وللصحة النفسية بالخصوص. فلكي يكون القائد «مجنونا بالفعل» لابد أن يكون مرضه النفسي ثنائي القطب، أي نوع من التركيب بين الإكتئاب والهوس: الأول يجعل منه شخصا أكثر واقعية وتعاطفا، أما الثاني فإنه يجعل منه إنسانا أكثر مرونة وإبداعا. إذن، عندما تجتمع هذه العناصر الأربعة في شخص واحد، وعلى الرغم من ثبوت أعراض المرض عليه، فإن مرضه هذا يحمل في طياته كذلك بذور الشخصية القيادية الصالحة لتدبير الأزمات.
إضافة إلى كل هذا تساعد هذه الترجمة غير المتخصص لفهم مرض نفسي شاع بطريقة ملفة للنظر في عموم العالم العربي والإسلامي، ويعد المرض الشعبي بامتياز في الدول المصنعة:إنه «الإكتئاب» وما يصاحبه من مشاكل سلوكية واجتماعية. ويميز المؤلف بدقة بين الإكتئاب والهوس، الملازم لما نسميه عادة «المجانين»، وهو تمييز ضروري في نظرنا، لأنهما ينتميان لطبيعتين نفسيتين مختلفتين.
ما يعطي للترجمة قيمة خاصة، إلى جانب قيمتها العلمية، هو كونها تمت على يد متخصص في الطب النفسي، له دراية بالصحة النفسية والعقلية، يجول ويصوب في دروبها بانتظام وبعمق منقطع النظير. فبالإضافة إلى دقة ترجمة المصطلحات المتخصصة، هناك تمكن من اللغة عالي المستوى، ويتجلى هذا بالخصوص في سلاسة الأسلوب، إلى درجة أن القارئ ينساب في مجرى التعابير وفصاحة المعنى، ناسيا بذلك الوقت. .
باختياره لترجمة كتاب «جنون من الطراز الرفيع» يكون الدكتور يوسف الصمعان قد اختار بالفعل أحد أهم الكتب المتخصصة في الصحة النفسية المعاصرة، وبهذا فإنه يقدم خدمة جليلة ليس فقط للمتخصصين في ربوع العالم العربي، بل لكل من يهتم عن قرب أو بعد بهذا الميدان، وبالخصوص لكل من له علاقة بعالم السياسية والقيادة في أوسع معانيها، أتعلق الأمر بإدارة وقيادة مؤسسة سياسية أو تعليمية أو تجارية أو صناعية إلخ. تساعد هذه الترجمة إذن على فهم الميكانيزمات النفسية والعقلية لمنطق التسيير والتدبير بصفة عامة. من هذا المنطلق يمكن اعتبار هذه الترجمة بديلا حقيقيا لفهم جوهر الشخصية القيادية «المجنونة» والتفطن إلى الجانب الإيجابي للإكتئاب والهوس، عوض اعتبارهما على الدوام مرضين نفسيين وعقليين «خبيثين» وسلبيين. ولا يعني هذا بتاتا تبجيلهما والتقليل من خطورتهما، بل فقط وعي الجانب الجيد فيهما، بوضع الجانب السلبي بين قوسين، لفهم الكيفية التي يشتغلان بها والنتائج التي يؤديان لها. من هنا فإن ترجمة هذا الكتاب هي إضافة نوعية في الثقافة العربية المعاصرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.