قربلة بمجلس النواب بسبب رفض مناقشة حصيلة الوزراء    البيضاء تحتضن تصوير فيلم فرنسي عن قصة مصرية بمشاهد مثيرة (صور)    السيد الطالبي العلمي يشارك بسيول في حفل الاستقبال الرسمي الذي أقامه الرئيس الكوري على شرف رؤساء الوفود المشاركة في القمة الأولى الكورية الإفريقية    رغم بوادر الانفراج.. تحذيرات من الآثار الكارثية ل"سنة بيضاء" بكليات الطب    منتدى رفيع المستوى بالرباط يشهد إطلاق أول مركز للذكاء الاصطناعي بإفريقيا    لاعب المنتخب المصري يعترف بتعمده استفزاز حكيمي في كأس أمم أفريقيا    بنك المغرب يحدث خدمة لمساعدة المغاربة على اتخاذ القرار أمام تعدد عروض الأبناك    فينيسيوس أفضل لاعب في "أبطال أوروبا"    مندوبية السجون تكشف حقيقة اتصال متهم في قضية "إسكوبار الصحراء"من السجن بمسؤولين "لمحاولة فرض سلطته عليهم"    كاتالونيا تستكشف الاستثمار في المغرب    موسم طانطان.. 20 عاما من الصون والتنمية البشرية    وزارة السياحة…عائدات الأسفار بالعملة الصعبة ترتفع بنسبة 10,6 بالمائة    منتخب زامبيا يشد الرحال صوب المملكة المغربية بعد غد الأربعاء تأهبا لمواجهة "أسود الأطلس"    تتويج لاعب المنتخب الوطني للكراطي سعيد أوبايا بالجائزة الكبرى للاتحاد الدولي    شركة الطرق السيارة تحقق قيمة معاملات 1,19 مليار درهم    الأمن يحبط عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات بمنطقة سيدي رحال الشاطئية (صور)    "شروط على المقاس" تضع بنموسى في عين العاصفة    أسعار النفط تنخفض عالميا وسط استمرار ارتفاع الأسعار في المغرب    الصناعة العسكرية بالمغرب.. خطوات متقدمة نحو الاستقلالية الاستراتيجية لتلبية مُتطلبات الأمن القومي    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    السيسي يتسلم استقالة الحكومة ويصدر تكليفا جديدا لمدبولي    أمن باب سبتة يُلقي القبض على فرنسي مطلوب للإنتربول    قضية جثة الجدار بطنجة.. قاضي التحقيق يأمر بإيداع المتورطين في السجن    نايف أكرد يقترب من الإنضمام لعملاق إسبانيا    من مصر.. وزير خارجية إسبانيا يطالب بوقف الحرب في غزة الآن وفتح المعابر    من أصول مغربية.. وفاة وزير خارجية إسرائيل الأسبق دافيد ليفي عن 86 عاما    القفطان المغربي يتألق في مونتريال    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الوداد الرياضي يكشف مستجدات الحالة الصحية للحارس يوسف مطيع    الجزيرة تفضح مؤامرة الجزائر ضد المغرب وتكذب ما يروجه إعلامها    بنموسى: الحكومة تراهن على 3 محاور رئيسية لتنزيل الإصلاح الشامل لقطاع التعليم    الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يمنى بهزيمة في الانتخابات    المكسيك تشهد تولي أول امرأة رئاسة البلاد    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    محامو المغرب ينددون بعقوبات الاتحاد المصري ضد الشيبي ويعلنون تدويل الملف    قيادة الأصالة والمعاصرة تستجوب الوزيرة بنعلي حول حيثيات وملابسات "القبلة الحميمية"    المغرب يسعى لتحقيق اكتفائه الذاتي من الأسلحة بإحداث منطقتين للصناعات الدفاعية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    مجلس الحكومة يصادق على فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    رغم الجفاف.. المنتجات الفلاحية تغزو الاتحاد الأوربي    الفنيدق: استعدادات مكثفة لإنجاح الموسم الصيفي    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    إسرائيل توصي مواطنيها بعدم السفر لجزر المالديف    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الرجاء البيضاوي يعتلي الصدارة في انتظار خطوة واحدة بوجدة    الدراج العثماني يحل ثانيا في "غاروا"    تتويج الفنان والعازف السعودي عبادي الجوهر بجائزة زرياب للمهارات بمهرجان تطوان الدولي للعود    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك السياسي والاحتجاجي بالمغرب على ضوء الربيع العربي
نشر في بني ملال أون لاين يوم 01 - 12 - 2011

نروم في هذه وجهة النظر إعطاء أهمية لحقائق تاريخية وأحداث واقعية لا ينبغي أن تغيب (بفتح الغين و الياء مع تشديدها)،لأن تغييبها إتلاف للدلائل والقرائن والحجج التي يبنى عليها الحكم وتقييم الأحداث واللاعبين فيها.وإذا غيبت الحجج والبراهين غاب العدل والإنصاف وانمحت الموضوعية في الرؤية المستقبلية ،وفتح الباب لتكرار التجارب والأخطاء وتضييع الجهود وتبديد الطاقات، وقد يبدو لك الذئب حملا وديعا ،والحمل الوديع ذئبا مسعورا. .
ومن أجل طمس الحقائق وإتلاف وسائل الإثبات تمحى الذاكرة التاريخية لأمم فيصبح اللص المحتل معمرا ونموذجا يحتذى،والجواهر و الدرر المتلألئة في تاريخها عينات من التخلف والتزمت والغلطة التاريخية .
ووجهة النظر هذه مبنية من زاوية الرؤية الوسطية حيث البعد عن الأحكام المسبقة والمواقف المتشنجة و التعصب البغيض .كما أنها تنطلق من قراءة لمآلات الأمور و تراتبيتها في التصريح والسلوك بعيدا عن التجاذبات السياسوية من هذا الجانب أوذاك ،أو الإغراق في تفاصيل معروفة.
ومحاور هذه الوجهة كالتالي:
 عن الملكية
 عن الحزبية
 عن حركة 20فبراير
 مجرد تساؤلات وايضاحات
 منطلقان خاطئان لدعوات الإصلاح والتغيير
 المنطلق السليم للإصلاح والتغيير
 خاتمة
1 ) عن الملكية :
المملكة المغربية أمة ذات تاريخ عريق ومجد تليد بقيادة ملوكها سواء على مستوى بناء الدولة المسلمة القوية ممتدة من الأندلس شمالا إلى نهر السنيغال جنوبا ومن المحيط غربا إلى ما بعد وهران وتلمسان شرقا. أو على مستوى التأثير في السياسات الدولية.ولولا دابة الأرض التي أكلت منساته في معركة ايسلي لما استعمر المغرب ولظلت معركة وادي المخازن مسيطرة على التفكير الباطني ولاشعور الغرب و الشرق.وتتحمل المنظومة التعليمية اليوم وزر هذا التغييب المميت لحقائق التاريخ وللتربية على روح المواطنة.
والملكية خيار شعبي قديم يتم التعاقد فيه مع أسرة تدين لها سائر القبائل بالولاء مبايعة وتكون لها القوة والقدرة على توحيد البلاد وضمان قوتها وازدهارها وخلق التوازن الإثني والعشائري والقبلي وحماية الحدود.
وحديثا و كما بالأمس هي خيار شعبي وفي مقدمته النخب السياسية، فقد كانت الملاذ الأضمن لمواجهة تيارات الاستئصال والحزب الوحيد وموجات التصفيات الدموية للمخالفين ، واستغلال النفوذ الوزاري لزج المخالفين في أثون السجون والتصفيات الجسدية والتوريط وخاصة وزارة الداخلية(لم تكن هناك وزارة السيادة لا في الحكومة الأولى برآسة ابراهيم البكاي ولا الثانية ولا المنسجمة و لا الرابعة بل تربع على رأس وزارة الدفاع حزبيون)،والعمل لصالح أجندة خارجية. فعزز موقعها كحكم وأقرت التعددية الحزبية والسياسية،ونظام ملكي دستوري ديموقراطي، وأصبح خيار وزارات السيادة معمولا به(وهذا النموذج بدأ تسويقه مشرقيا مؤخرا في حواراتهم الإصلاحية ).
وعليه فارتباط وتشبث المغاربة بالملكية لم يكن إذن حبا عذريا وعشقا هلاميا وإنما كان تمرة تفاعل وما حققت من توازن بين القوى الحزبية المتصارعة وضمان استقرار للبلاد.....
دخلت نخب حزبية بعد الصراع على الصدارة السياسية والنهج الدموي مع جزء من رجال المقاومة وشق من جيش التحرير وأحزاب صغرى ، في موضة مشرقية لإسقاط الملكيات وإحلال الجمهوريات ابتداء من كسب الرهان على الحزب الوحيد تبعا لأجندة المعسكر الشرقي. ووجه خيار الإطاحة بالنظام بالخيار الأمني،
وضاعت التنمية وإنشاء الدولة القوية المحررة لكامل ترابها المستقلة في سيادتها.
اعترفت الملكية ب"أخطائها" في "زمن الرصاص" وعوضت الضحايا في ما اصطلح عليه"الإنصاف و المصالحة" .
وتزداد الملكية قوة وتألقا وتكون القوة الإقتراحية الأولى وتقوم بالمبادرات فيقال البصري ويعفى عن معتقلين
سياسيين ، وتتخلى عن وزارة السيادة واليوم تتنازل عن عدة اختصاصات ويكون لها السبق في إعلان المصالحات والإصلاحات... ،نعم قد تكون تحت ضغط هنا أوهناك بل وخطوات إستباقية لسد الطريق على المناوئين و المتربصين
2) عن الحزبية:
لم تعترف خيارات حزبية كان لها الحظ الأوفر والامتياز الأكبر في المصالحة ،برصاصها المصبوب على مخالفيهم السياسيين بعيد الاستقلال وبداية عهد الحسن الثاني رحمه الله. و لا اعتذروا ولا عوضوا أسرى أو أسر ضحايا الطغمة الانفصالية التي زرعوها في خاصرة المغرب بسند خارجي. ولا تحملوا النزيف الذي دام أكثر من36سنة في صحرائنا ولا زال.
نزيف اقتصادي و مالي وبشري، ونزيف إضعاف القرارات الديبلوماسية خارجيا والقدرات التفاوضية في القضايا الاستراتيجية والسيادية؟؟؟
وكما أن للحروب تجارها فللصراع و التوتر تجاره. انتهازيون ونفعيون رقصوا على الحبلين ، وحققوا مآربهم في مقارعة النظام ، ثم في العمل من داخل النظام .
وما زال متحزبونا (إلا من رحم ربك) يتقارعون ويتصارعون على المواقع والمنافع و تقريب ذوي القربى والزلفى، ولو رسمت منظومة العلاقات لوجدت الشجرة من جذورها إلى أعلى أغصانها من سلالة واحدة حتى أن لون الحزب في زمن الألوان صار لون الملفات الإدارية من أصغر وحدة في السلم الإداري لوزارة إلى أعلاها طول المغرب وعرضه.ولا يخجل أحدهم منهم أن يمتص دماء العاطلين والعاملين وأن يكون فيما بعد وزيرا ولو بدون حقيبة أو أكثر من ذلك. ولا يخجلون من أن يتفاوضوا في كل استحقاق ليخرجوا لنا حكومة من ثلاثين إلى أكثر من أربعين وزيرا تفوق حكومة الصين عددا، بلد المليار وأكثر من ثمان مائة مليون ؟؟ ما تنازل منهم أحد عن امتيازاته لمصلحة الوطن ،ولا استقال منهم أحد اعترافا بعجز أو وغز من ضمير.
ولا غرابة أن تجد تخصص قانون على رأس "وزارة الصحة" أو "الفلاحة والصيد البحري" و التاريخ على "الأوقاف والشؤون الإسلامية" أو "الطاقة والمعادن" ...؟؟؟فإن كانت له الأولى فما المانع من أن تكون له الثانية؟؟
والمؤسف أن يبقى حزبيونا يطرزون المبادرات الملكية بالحواشي و الشروحات (تابع جرائدهم)، بل ويتخذون من تلك المبادرات يافطات لمزيد من اكتساب المواقع والمنافع ، وتبقى أذرع أحزاب الضاربة في المجالس القروية والبلديات والمصالح الإدارية مثالا صارخا للفشل والجشع واتخاذ المبادرات مطية ل"لحس" الميزانيات (إلا من رحم ربك ). فتتم مثلا التعبئة للتصويت بنعم على الدستور على ايقاعات الشيخات و"التبوريدة" فرجة وتسلية ومطية للمال العام، مما يذكرنا بحقبة رصد اعتمادات للنعناع بآلاف الدراهم في مناسبة من المناسبات.ولم تقم لا ندوات ولا محاضرات ولا حوارات ولا تنوير. ولم يتخذوا قرارات لجعل الجماعة أو البلدية أو المصلحة الإدارية أكثر شفافية وحركية وايجابية في خدمة التنمية و تجسيدا وتنزيلا للمبادرة الملكية في الإصلاح والتغيير وإزاحة الغصة والحنق للمواطن يريد نسخة عقد ازدياد أو شهادة من الشهادات، وغير هذا كثير. ولم يقل أحد منهم :"من دائرة نفوذي و طائلة مسؤولياتي يبدأ الإصلاح ؟؟ دون أن نبخس القلة الصادقة ذات النوايا الحسنة حقها.
هؤلاء الحربائيون الذين يتقنون فن ركوب الأمواج حتى العاتية منها أخطر على استقرار البلاد وتقدمها ورخائها وأمنها ،وهم آليات إنتاج الاحتقان وتسميم العلاقة بين المواطن ودولته لاحتكاكهم المباشر واليومي معه .إنهم الأخطر. في حين أن حركة20 فبراير في براءتها ونسختها الأولى أعلنت حبها لجلالة الملك ، إعلان وعي وإدراك لما أسلفنا عن حب المغاربة للملكية. وجريئة وصريحة حتى في "الشاذ" من مطالبها.
3) عن 20فبراير:
طالبت بصراحة وبقوة وجرأة محاربة الفساد والمفسدين .وأحرجت صرختها "المقاولات الحزبية" (وليست الأحزاب السياسية) وزعماءها التاريخيين والمحدثين ."وغدوا على حرد قادرين"فكانت المؤامرة عليها وتم تحريف مسارها فتغير أسلوب التعامل معها من أسلوب هادئ متفهم إلى حساسية أمنية متوجسة .
حركت الماء الراكض والآسن ومدت المبحوحين بجرعة صوت ،وفتحت شهية قناص الفرص والحربائيين والوصوليين ،فركب موجتها أصحاب البؤس الإيديولوجي والانحسار الجماهيري وتمنوا لو حققوا على ظهرها ما عجزوا عنه عشرات السنين . وألقت حبال شبيبتها أحزاب لعلهم يكونوا هم الغالبين ،وزاد الأمر تعقيدا دخول الطوفانيين على الخط لعل فوهة بركانهم تنبعث بدخان ،ولعل حلم 2006 الذي كان خيبة ساعتها يتحقق اليوم على جرأتها. وكم كان رائعا صراحة ذ/ عبد الإله بنكيران في ترك مسافة بين حزبه و حركة20فبراير.
وضاعت الحقيقة والوضوح والجرأة ،وبدأ القوم يتصارعون عن بداية المسيرات ونهايتها ،وأماكن إقامتها ونوع الشعارات عوضا عن السهر على بلورة مشروع وإيجاد أرضية مشتركة وخلق حد أدنى من التجانس في الرؤى والمواقف والخطاب وطرح المبادرات البناءة وتأطير الناس والبراعة في ذلك.
سيقت ثم انساقت إلى معركة مطلب عجز عن تحقيقه دعاته الأقدمون ، نهايتها محسومة قبل بدايتها.وها هم اللاعبون المحترفون من الحزبيين والسياسيين في حملاتهم الانتخابية يتسابقون على اقتسام الكعك الذي كان ل20فبراير سرعة في إنضاجه في ما جاد به الدستور الجديد بنفس الشراهة ونفس العقلية وبنفس غالبية الوجوه ونفس الآليات. وبقي المحتجون في نفس مواقعهم وساحاتهم وجموعهم تنقص من أطرافها.
غريب أن تختزل أزمة أمة في مطلب تغيير الدستور رغم أهميته ، والأغرب أن تتم شخصنة الأزمة رغم تشعبها وامتدادها الأفقي و العمودي وبنيويتها في شخص أو مجموعة أشخاص وفي البروتوكولات ؟؟؟. قال لي أحد الظرفاء البسطاء ممن خبروا الحياة :" لن يحدث إصلاح حقيقي في المغرب حتى تشتري صندوق البطاطس فتجد ظاهره كباطنه". أغرمت بالفكرة .
4) مجرد تساؤلات وايضاحات:
نحن أمة التميز والتفرد ألا يمكن أن نبقى كذلك ؟؟
ألا يمكن أن نبدع في تطوير وتقدم الوطن بأسرع وقت وبأقل تكلفة؟؟؟
هل نريد الدفع بمشروع لتطوير وتحديث البلد أم نريد التنازع على المواقع والمنافع والاختصاصات وكسب الرهانات؟؟
هل النهوض والتقدم يكون باستعمال الأنسخ أو الاستنساخ أم يتم عبر استنباته من المعادلات الإجتماعية والمخزون القيمي والمعرفي والعقدي لأمة مع الانفتاح على السنن الإنسانية المشتركة ؟؟؟
أليست مؤشرات التقدم واحدة مع اختلاف دوله قيميا ومعرفيا وعقديا؟؟؟
فإذا كان استيراد الأشياء دون مراعاة المعادلات الاجتماعية يخلف السلبية ، فطنجرة الطبخ السريع(كوكوت) مثلا تسمح بتوفير مساحة من الوقت في المجتمعات الديناميكية الحية ،وتزيد من مساحة الفراغ في المجتمعات الخاملة الكسولة ، فكيف باستيراد المنظومات المعرفية والقيمية والمنظومات التربوية والقانونية ومدونات السير وأخواتها ....؟؟؟
هل انطلق في مطالبتي بالتغيير والإصلاح من المعاناة و الفشل الذي أعيشه والمطالب الذاتية أم من الواجب الذي ينبغي علي فعله ؟؟؟؟
لماذا تستعمل الوسائل الدنيئة في خلافاتنا الفكرية والسياسية والإعلامية الدعائية،فتستدعى صور لأميرة من شاطئ بالبرازيل ،ويتلصص على غرفة نوم قياديين من جماعة العدل والإحسان بأحد المخيمات ،لهتك ستر من ابتلي فاستتر على فرضية صحتها ؟؟
أليس من تعاليم ديننا حرمة الأعراض وستر العورات و"من تتبع عورة امرئ تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته أوشك أن يفضحه "؟؟؟ الحديث
في العصر الجاهلي ،حيث العنف والحروب لأتفه الأسباب ،كان الرجل يجد عدوه نائما فيوقظه وإن لم يكن له سيف أو سقط منه ناوله إياه لمنازلته ومقاتلته فلا يأخذه على غفلة أو عدم التكافئ ،ألسنا اليوم أجهل الجاهلين
في أقل من الحروب؟؟؟
وإذا كان استعمال الوسائل الدنيئة ولو لأهداف نبيلة محرما شرعا ،أليس استعمالها سياسة الفاشلين محدودي الرؤية والأفق ؟؟؟ فليكن النزال والمواجهة في مواطن النزال و المواجهة وتلك من شهامة الرجال ، أما التلصص على الهفوات ،ومواطن الضعف الإنساني الأخلاقي فتلك خسة ونذالة.
وقديما قال الفرنسيون:On a mille façons de dire non لدينا ألف طريقة لقول لا. وقال المغاربة: من له باب واحد أغلقه الله عليه". أي هناك تعدد في الخيارات و الأصح فيما هو مشروع ،ويرفع من إنسانية الإنسان.
وطلب المصطفى عليه الصلاة والسلام من المسلم أن يسمو بإنسانيته حتى وهو يذبح شاته :" وليحد أحدكم
شفرته وليرح ذبيحته" لكن نحن مستعدون اليوم أن نعربد ببعضنا البعض ب"ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا
خطر على قلب بشر"، في الأجسام والأجساد و الأعراض و الحرمات ؟؟؟ وصدق الله العظيم إذ قال :بل هم كالأنعام بل هم أضل ".
إن سلوكاتنا اليومية تحدد مشاهد نهايتنا وصدق المصطفى عليه الصلاة والسلام إذ قال: "اعمل ما شئت كما تدين تدان" الحديث
هل الخيار الأمني أثبت جدواه استراتيجيا بالأمس ، وكيف اليوم مع تطور وسائل الاتصال وتعدد وسائطه وأصبحت الدولة يرى ما بباطنها و تعبث بما في أحشائها استخبارات الغير؟؟؟
قد نستغفل الناس أو نستخفهم و نقهرهم فيطيعونا لكن لا يمكن لأي أحد أن يسلبهم إرادتهم ، وإذا مررنا من باب إرادتهم كنا الأقوى والأنقى و الأذكى والأسلم مكانا ومقاما دنيا وآخرة.
5) منطلقان خطئان لدعوات الإصلاح والتغيير :
1) المنطلق الصبياني (خاصية الصبا التعلق بالأشياء):
البعض في مناشدته التغيير والإصلاح يكون منطلقه عالم الأشياء والمادة المحسوسة، فيطالب بتغيير الأثاث والديكورات وتلميع الواجهات .ألا ترى أن معالجة مشكل النظافة بإكثار صناديق القمامة والسلات المهملة كانت نتيجته أن تلك الصناديق والسلات تبقى مهملة (حسب تعبير المفكر مالك بن نبي) والأزبال في كل ركن وزاوية؟؟؟
ألا ترى أن تغيير صالون الوزارات كالتربية و التعليم مثلا بكل مواد ميثاقها والمخططات والبرامج العادية والاستعجالية وكل الوسائل البيداغوجية والديداكتيكية لم تفلح في الرفع من جودة تعليمنا؟؟؟
وهل استعمال الصناديق الزجاجية رفع شأننا ديموقراطيا ورتبة أمام العالمين ؟؟؟
وهل من بيده أدق وأثمن ساعة يستثمر الوقت على أحسن وجه أم قد تجده أكثر عربدة وضياعا؟؟؟
وهل الزيادة في أجرة مهما بلغت قيمتها لمرتش ستحجزه عن رشاويه ؟؟ وهل زيادتها لكسول خامل ستنفث فيه الروح المهنية والشعور بالمسؤولية؟؟ وهل وصول متسول بدافع الحاجة إلى الكفاف أو الغنى حجزه عن تسوله أم أن دخله اليومي دون تعب غير المسير أقنعه بمواصلة المسير؟؟؟
إننا بهذا كمن يزين عجوزا شمطاء بأحدث مساحيق الماكياج لنزفها عروسا قاصرا بكرا كاعبا؟
2) المنطلق الطفولي (خاصية الطفولة التشبث بالأشخاص) :
إن من آليات إخفاء آثار الجرائم ووسائل إثبات الإدانات والتستر على دواليب التحكم في مفاصيل القرارات الإستراتيجية لدولة ونهب خيراتها ومدى تورط دول أجنبية في كل ذلك وغيره ، التمكين لأسلوب شخصنة الأزمة .وعند اشتدادها توجه وتتوجه الجماهير ثائرة ضد شخص أو مجموعة أشخاص (عند انتهاء الصلاحية طبعا)،فتسقط عروش إلى منفى الموت السريري تحت مراقبة استخبارات حلفاء الأمس ،أو شنقا وقتلا لمن كان عصي الرأس عنيدا . وفي المقابل تأكل الثورة أبناءها ويكتشف المجتمع الثائر أن الوضع زاد سوءا. فهل عراق اليوم أحسن من عراق الأمس؟؟ ألم يخرج العراقيون في تظاهرات عاضين على أصابعهم من الندم؟؟ وهل ليبيا السنوسي أسوء من ليبيا القذافي؟؟ وهل جزائر الشاذلي أسوء من جزائر بوتفليقة ؟؟ فالمشهد كله رغم التضحيات الجسيمة لا يخرج عن إسقاط أشخاص وتنصيب آخرين، ليس هناك من الضمانات ما يجعلنا نجزم بأن لا يكونوا أسوأ من الأولين .إنهم نتاج موجات إرتدادية للاحتقان والشعور بالمظلومية واليأس والإحباط الفردي والجماعي دفعت بهم إلى الواجهة ولم يكونوا الولادة الطبيعية لمشروع مجتمعي متكامل جاءت بهم الكفاءة والمهنية ونظافة ذات اليد و المشروعية المجتمعية .
وهاهي أحزاب لم تنتج مساطيرها الداخلية و تداولات منخرطيها على مر عقود إلا القائد الوحيد الأوحد. ولا يخرج من الحزب إلا مرتين لقضاء مآرب حال دونها الحزب نفسه أو نعشا إلى القبر.
وهاهي ثنائية نمط الاقتراع بين الإسمي واللائحة يعكس الصراع بين الشخصنة ومركزيتها في توسيع النفوذ وسرعتها في تحقيق المطلوب و المؤسسة والبرنامج الذي ينبني على التزامات وواجبات .
وما المقصود من النطق ب"لا إله إلا الله " غير التحرر من عبودية غير الله و أنانية الشخصنة.
6) المنطلق السليم للإصلاح والتغيير:
منطلق المشروع وهو ما ربتنا عليه تعاليم الإسلام:
فيه أذيبت الشخصانية وارتفع صوت الفكرة والمنهج :
" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " الآية
ويخاطبه الوحي وهو الرسول إلى العالمين :" لست عليهم بمسيطر" "وما أنت عليهم بوكيل" الآيات
فيه قدرت الأشياء والماديات بقدرها الطبيعي"وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا و
أحسن كما أحسن الله إليك " الآية .
فيه التربية على التنازل على الحق جزءه أوكله من أجود وأحب ما لديك "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقونه...." مساهمة في سد ثغرات في النسيج الاجتماعي ضمانا لاستقراره كواجب شكرا على إحسان الخالق وليس كمنة فيه حق الحياة للنفس البشرية :
"أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا " "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".الآية 93 من سورة النساء وهذه لمحترفي صناعة الموت
فيه حق حماية المخالفين :
" وإن أحد من المشركين استجارك (طلب حماية) فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " وأنت في حمايتك له لا بد أن تبلغه مراد الله منه (كلام الله)وهذا واجبه عليك لأنه عليه ينبني مصيره الأخروي إما نعيما أبدا وإما سعيرا أبدا وهذا مسعى إلى تأمينه أخرويا .ثم تبلغه المكان الذي يشعر فيه بالأمن على نفسه وماله وعرضه دنيويا، وهذا في حق المشرك حيث التضاد العقدي الذي قال فيه تعالى :إن الله لا يغفر أن يشرك به". ولا يطلب منك إلزامه بدين الله.
فيه حق حرية المعتقد:"فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر" الآية
فيه حق عدم الاعتداء على المخالفين عقديا أو فكريا أو سياسيا باستعمال الوسائل الخسيسة والحربائية والغدر لامتصاص ممتلكاتهم والاعتداء على أعراضهم "الغاية لا تبرر الوسيلة" و"التحايل على الحرام حرام" وليس فيه :"لا يعذر أحد بجهله للقانون" بل فيه :" يعذر أحد بجهله حكم الله" قال شيخ الإسلام ابن تيمية "إنما تقوم الحجة على العباد بأمرين العلم والقدرة على العمل " ومن هنا يكون واجب الدولة شرعا رفع الجهل لا تكريسه.
فيه الحرية والاختيار حتى في الانخراط والدعوة إلى المشروع نفسه ،وعدم الشطط في استعمال السلطة والإكراه البدني لذلك :"وما أنت عليهم بجبار ، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد"الآية "لا تكلف إلا نفسك وحرض المومنين" الآية اعتماد أسلوب تربوي أساسه التحفيز والترغيب
فيه التماثلية في الحقوق و الواجبات بين الرجل والمرأة :
" ولهن مثل الذي عليهن" الآية مع استثناءات محدودة في المسؤوليات والتخصصات للخصوصيات الذاتية ولتنوع مجلات العمل : " وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى ".
فيه حق المحاكمة العادلة:"ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى"الآية
فالخصومة لا تلغي الحقوق.
فيه حق العفو العام عند التمكن وانهزام الخصم : "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" الآية " اذهبوا فأنتم الطلقاء". لكفار مكة بعد فتحها.(الحديث)
هذه بعض الأساسيات للمشروع . أما المشروع فإني أعجز من أن أطرح مشروعا مجتمعيا تطويرا وتأهيلا وتنمية ورقيا ،وإنما يمكن التداول فيه .
ولما فهم المسلمون الأوائل أنهم دعاة مشروع فتحوا العالم في خمسين سنة، فقد استجاب الله دعاءهم :" اهدنا
الصراط المستقيم " فأقصر مسافة للوصول إلى الهدف الخط أو الطريق المستقيم.
وقد لخص الجندي البسيط ربعي بن عامر أعرابي الصحراء المشروع الذي يحمله ودفعه إلى دخول بلاد الفرس مجيبا على سؤال القائد العام لجند الفرس "رستم" ما الذي جاء بكم إلى بلادنا ؟
قال:" جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عباد رب العباد "
وهاهي الجماهير العربية في الربيع العربي تصرح بأعلى صوت "... حرية وبس " لقد ملت الانحناء وتقديم القرابين لعقود دون أن ترى خيرا ؟
وتابع قائلا :" ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام"
وهاهي الشعوب في الربيع العربي وغيره تدعو إلى التخلص من دساتير وقوانين لا تحرس إلا امتيازات أقلية الأقلية ومن منظومات إيديولوجية وتربوية وفكرية أصابها الصدأ ولا تنتج إلا العفن؟؟ وما أجمل وأكمل أن يكون المشرع غير إنسي (متخلصا من حاجات البشر التي تتضخم فتخلف الكوارث) ,وقديما قيل :
"العدل أساس الملك " بل إنه أساس الملك والرقي والرخاء و الازدهار والتطور.
لذلك تابع ذلك الجندي البسيط الدبلوماسي المحنك :ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة " "
"بلدة طيبة ورب غفور" الآية و من هذه الزاوية أجاب أردوغان تركيا عن أصعب سؤال بأبسط جواب . كيف حققتم هذا النهوض الاقتصادي أو كما قيل فأجاب: لم أسرق أحدا؟
ولما كان المسلمون يدعون إلى المشروع وليس إلى الإحاطة بالرؤوس ويتقنون فن تسويقه انتشر الإسلام كالبرق وأسلم الملوك وشعوبهم بماليزيا و أندونسيا وغيرها و أصبح التعاقد السياسي والاجتماعي وفق الأصول والتعاليم الإسلامية ولم يقفز على كرسيهم أحد لا من عبس و لا من ذبيان. (قبيلتان عربيتان) .
حرر ببني ملال في
28/10/2011
عزيز المردي
رئيس الرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.