الأزمة المغربية الجزائرية متدهورة مند سنة 1963، وإن لم نقل من قبلها ، التاريخ لم يسجل فترة وفاق وتوافق بين الجارين الشقيقين، فقضية الحدود طفت على سطح العلاقات الدبلوماسية مند استقلال الجزائر، بحيث اتسمت بالفتور والعداء والشقاق، وكانت مسألة الحدود هي فتيل الفتنة، التي دأبت الجزائر على إشعالها لإجبار المغرب على طأطأة الرأس، والخنوع لأطماعها التوسعية، التي ورثتها عن السياسة الاستعمارية الفرنسية، مستغلة تروي المغرب الذي ما فتئ ينزع فتيل الحرب، وترميم تصدع العلاقات الأخوية حفاظا على الإرث التاريخي، وأصول الجوار لما تفرضه الأعرف والقوانين من ضرورة التعايش والتآخي والاحترام وحسن المعاملة. وكانت النتيجة التي حصل عليها المغرب، هي ما نعيشه الآن من تداعيات النوايا الطيبة والحسنة. (مغربا اجتث أجزاء من ترابه شمالا وجنوبا) . المغرب فقد أطرافه جنوبا، وشرقا، وشمالا، في مؤامرات خسيسة و دنيئة لخونة ساهموا في الوضع الاستعماري للمغرب، همهم الحفاظ على مراكزهم ومحيطهم السلطوي، واغتنائهم من خيرات البلاد برا وبحرا، وعمدوا إلى تزوير التاريخ وشجعوا عملاء الاستعمار إلى النيل من وحدة المغرب الترابية. سجلات التاريخ تقر ب (الساورة، والداورة، واكلوم بشار، وحسي بيضة، وتدگلت، واتوات، وتيندوف) أجزاء اقتطعت من التراب المغربي ضمتها فرنسا للجزائر، لان طموحاتها الاستعمارية هو إبقائها إمبراطورية موروثة عن المستعمرة الفرنسية، وملحقة وإقليم خاص لها، أقصى ما يمكن لاستغلال غاز الصحراء، ونفطها من موضع قوة. (ويجب أن لا نغفل قضية سبتة وامليلية – ولا الجزر الجعفرية -) العقدة ومركب النقص، لذي القيادات المتوالية على الحكم في الجزائر، تسمى (المغرب) هذه العقدة، تحولت إلى ورم خبيث، غزا الجسم السياسي الجزائري، الشيء الذي يصعب معه بتره واستئصاله، لأنه تمكن من أدمغة الجنرالات، والجهاز السلطوي المتحكم في مصير شعب يئن تحت وطأة الاستبداد والفساد. هزيمة الجزائر في حرب الرمال، وأمگالة الأولى والثانية، صفحة سوداء وثأر لم ولن ينسى في سجلات تاريخ الجزائر، التي تبحث من خلال تأجج الخلاف وتعميقه عن قيادة إقليمية، وجعلت من قضية الصحراء المغربية، قميص ابن يعقوب، والحجة والدليل، لتبرير الاعتداءات المتكررة. وما الاستفزازات، والمناوشات المقصودة، والمغلفة بالدفاع عن حق الشعب الصحراوي وحقوق الإنسان، إلا ورقة محروقة في يد الجنرالات، والجهاز السياسي الحاكم، الذين يعيشون الإرهاب النفسي، وهاجس الخوف من تبوء المغرب مرتبة القيادة بالمنطقة بوجه خاص، وبالقارة الإفريقية بوجه عام. الشيء الذي يؤكدون فيه من خلال تعاملهم هذا، أن وحدة المغرب الترابية أمر مقلق، وشأن يشكل خطرا على النظام العسكري الجزائري، لدى يجب التصدي له وخلق كل المعيقات لإخفاقه.
من أجل هذا، فالواقع والظرفية الحرجة، تحتم علينا نحن الشعب المغربي (الشعب المسالم)، أن نتوقع من الجار الجائر، أسوأ ما يمكن أن نتصور، فالسلطة العسكرية الجزائرية على وعي جيد مما تقوم به، من مناوشة جبانة، واستفزازات حقيرة، فأحداث الحدود الشرقية الأخيرة، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طبعا، فضرورة مراجعة الأوراق السياسية، والحسابات المغلوطة، في العلاقات المتوترة، والمضطربة، بين البلدين أصبحت تفرض نفسها . مع العلم أن: ● السياسة لا تؤمن بالعاطفة، أو الإرادات الطيبة والنوايا الحسنة. ● السياسية مواقف حسابية حساسة ومضبوطة، لا تقبل الخطأ. ● السياسة مصالح، وخطاب ما وراء الستار، وقراءة ما تحت السطور. ● السياسة فيها الخد أولا، والعطاء بعد مشورة بحيطة وحذر. فإشكالية رسم الحدود، وفتحها في وجه مواطني البلدين، للوصال، والتواصل، وصلة الرحم، وفتح مسالك التعامل التجاري، لما فيه مصلحة الشعبين، ورخاء وازدهار البلدين، اقتصاديا واجتماعيا، وتنمويا، أمر حتمي وضروري شئنا أم أبينا، لتحقيق الحلم المغاربي، (المغرب العربي الكبير) الذي يفرضه عهد التكتلات الإقليمية والجهوية والدولية، فإغلاق الحدود وعسكرتها ، إجراء وتدبير لا يخدم مصلحة البلدين ولا الشعبين. حكام الجزائر، جعلوا من قضية الصحراء المغربية، شماعة جاهزة، لتعليق أزمات أوضاعهم الداخلية، وتوتراتهم السياسية، وقناعا يقيهم غضب الشعب، وسخطه، وشغله عن مطالبه الحقوقية، والاجتماعية، وستر حقيقة الإشكالية الحقوقية، لمخيمات العار بتدندوف التي يتاجرون ضمنها بمغاربة مغررين بهم، ويسوقونها بأطروحة حقوق الإنسان. وصنفوا المغرب العدو اللدود الأول، ومصدر البلية والبلوى، وعملوا جاهدين لعزله عن امتداده الإفريقي، وقد انكشفت خيوط مؤامراتهم، الرامية إلى استنزاف الجهود المغربية، ودعم منهج الانفصالية، ضد مقومات الوحدة. التستر وراء قضية الصحراء، وجعلها من أولوية الأولويات، لدوام استمرارية النظام المستبد، المنغمس في بركة الفساد، ونهب أموال الشعب، وصرف عائدات البترول، والغاز في البذخ، والثراء الفاحش، وإبرام الصفقات، مع الشركات العالمية، لبيع الأسلحة، بعملات و رشاوى، تضخ في أرصدة الجنرالات، بارونات تجارة الأسلحة، والمخدرات بالا بناك الأوربية، هو أصل الاختلافات السياسية، والنزاعات عن الثروة، وتصفية الحسابات، السلطوية للإنفراد بالمراكز الحساسة، في دائرة النفوذ والكرسي الرئاسي. الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وتداعيا الإختلالات الأمنية، بالحدود الإقليمية لكل بلدان الجوار، والقارة الإفريقية بوجه عام، يتجاوز الرقعة الجغرافية لمنطقة التوتر، لدى فالتعاون والتنسيق الإقليمي، والدولي، هو ضرورة وحتمية أكيدة، وما النداءات الأوربية، والأمريكية، والعربية، الدعية لكل دول المنطقة، وخاصة الجزائر للانخراط في مساعي التكتل الإقليمي، لمحاربة الإرهاب، إلا دليل على خطورة التهديدات الإرهابية، لكن الجزائر وللأسف، لها رؤيتها الخاصة، في الموضوع، فطموحات الزعامة الفردية، والريادة الإقليمية، ولما لا نقول القارية، إن كانت سلطة (البيترو دولار) تحقق حماقة النزعة الاستعمارية التوسعية. خيار اليقظة، والحذر، الذي أقره واعتمده المغرب، هو شأن وطني خاص، واعتماد ذاتي لمعالجة الوضع الحدودي الاستثنائي، ومبادرة استباقية لحماية الحدود، وصون الوحدة الوطنية. الإجماع الشعبي، وكل القوى الحية بالبلاد، وكل فصائل المجتمع المدني، من منظمات، وجمعيات، ومؤسسات، أمنية ودفاعية، ملتحمة يد واحدة، وملتفة بروح وطنية، حول رائد الوحدة الوطنية والترابية، إنها صفحة جديدة، من صفحات تاريخ المغرب، مغرب التكافل، والتماسك، والتلاحم الصلب، الذي تتحطم عنده كل المناورات المناوئة لأمن واستقرار البلاد. الحرب على الإرهاب، والتهديدات الإرهابية، والمناورات العدائية، المستفزة لأعداء الوحدة الوطنية والترابية، لن تزيد المغرب ملكا، وحكومة، وشعبا، إلا التحاما وصمودا، وعزيمة، لتحقيق الانفتاح والخيار الديمقراطي و التنموي، وربح كل الرهانات، في إطار البعد الحضاري، والدفاع عن الهوية المغربية. إنها الرسالة، والخطاب الذي يجب أن يستوعبه كل الحالمين للأطماع التوسعية، فحرية وأمن المواطن وسلامته، واستقرار المغرب، تبقى فوق كل اعتبار. 22 أكتوبر2014 محمد علي أنورالرگيبي [email protected]