نظرا لكون المرحلة تتسم بظرفية دقيقة من الناحية السياسية والإجتماعية والإقتصادية نتيجة عوامل أفرزها كوفيد 19 من جهة وأخرى تندرج في سياق السباق السياسي خاصة ونحن مقبلون على سنة إنتخابية الشيء الذي جعل فرقاء السياسة يتصيدون الأحداث ويقومون بتصريفها حسب فهمهم لتفكير المواطن وعقليته . كثر اللغط أخيرا حول واقعة وزيري حقوق الإنسان والتشغيل ومع ذلك لم يتبن المواطن الخيط الأبيض من الأسود لأن السياسة في بلدنا منسوجة بطريقة عنكبوتية . ومن جهة أخرى فإن تحليل الأحداث مرتبط بإستحضار تلك الخبايا التي لا يمكن تحريكها إلا عند الحاجة وفي الوقت المناسب . بناءا على ما تقدم ولأسباب أخرى يعلمها ويدركها كل ذي ذرة عقل ، أود الإستعانة بالأضواء الكاشفة لحزب المصباح لتسليطها على مايهمني كمواطن في المشهد السياسي المغربي تاركا الضوء الخافت للمصباح لأصحاب الحل والعقل ولأولئك الذين يهربون من الأضواء ويحبون الإشتغال في الكواليس . أن تتبوء مكانة الوزير في الحكومة ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، لابد ان تعلم عنك الأجهزة المسؤولة خاصة الإستخبارية منها كل صغيرة وكبيرة بما فيها ما تأكله وتشربه وتلبسه ومن تصاحب ومن تحدث ومن تخاصم ومن تحب ومن تكره ومن تشغل وما ترتاده من أماكن وما إلى ذلك من أدق التفاصيل في حياة الوزير أو الوزيرة أو برلماني أو برلمانية أو موظف سامي او موظفة سامية من مدير وسفير ومديرة وسفيرة . إن إعادة قراءة التاريخ يضعنا أمام حقائق مرة ديمقراطيا وحقوقيا لذلك أتعجب غاية العجب من أصوات عبارة عن أبواق فارغة تقول مالا تفعل كمن يؤذن ولا يصلي وبمعنى آخر يؤدي مهمته الموكولة إليه خارج القيم وروح المهمة نفسها إعتقادا منه ان الذكاء السياسي يبدء وينتهي عنده. إن حزب العدالة والتنمية كان بإقتدار حزب المرحلة إذ تولى مهمة إخلاء الشارع لزخمه الجماهري كحزب معارض وهي حالة مغربية تميز أحزاب المعارضة ولنا في ذلك شواهد كثيرة حيث دائما يعبر خطابها عن أحلام المواطنين وإنتظاراتهم قبل ان تصل إلى الحكومة حيث يفقد هذا الخطاب بريقه ولمعانه أمام خطاب جديد ينتجه الساسة والسادة الوزراء بمايناسب مواقعهم كجيوب المقاومة عند الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وحزب الإستقلال إبان حكومة التناوب والتماسيح والعفاريت عند حزب العدالة والتنمية . فعلى غرار حكومة التناوب التي جيء بها لتمرير مشروع الخوصصة ، فإن حزب العدالة والتنمية جيء به تكريسا لدستور 2011 في موجة الربيع العربي لتمرير مشروع صندوق المقاصة وبدرجة أقل مشروع المحروقات ؛ مع الإشارة إن حزب العدالة والتنمية إعتلى سدة البرلمان والحكومة بأصوات الناخبين فيما حكومة التناوب دخلت البرلمان والحكومة بأصوات مخزنية ؛ ورغم علم أحزاب الكتلة وبقية الشركاء بالفبركة الواسعة لهذه الأغلبية إلا أنهم لا يتوانون مع الأسف في كل مناسبة عن إطلاق خطب عصماء في الديمقراطية والنضال في إستغباء فاضح لعقول المواطنين . إن السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه اليوم بإلحاح هو ماذا فعل الوزير الرميد من فعل لايرضي الدوائر التي أوصلته إلى الوزارة ؟ حتى تثار حوله هذه الضجة بعيدا عن كونه وزيرا لحقوق الإنسان ولم يسجل مشغلته في الضمان الإجتماعي لأن هذا المبرر لن يقنع فقط إلا العقول الصغيرة وإلا علينا طرح السؤال بصيغة أخرى : عن أي أمن نتحدث حين يتم تنصيب وزير في حقوق الإنسان ولا نعلم أنه خارق لها ؟ وعن أي أمن نتحدث حين يتم تنصيب وزير في التشغيل ولا نعلم أنه منهك لحقوق الشغيلة ؟ إن علينا كمجتمع حداثي تقدمي ان نعيد إنتاج أجوبة جديدة لسؤال المستقبل أمام ما يجري من إنتهاك فاضح لذكاء المواطن إنطلاقا من القسم الذي يؤديه المعينون أمام جلالة الملك بتعميمه على كل من يتولى مهمة عمومية في جميع الأسلاك إذ أن الإخلاص والوفاء للمواطن والوطن والملك وأداء المهمة بصدق وأمانة لا يقتصر في الحقيقة على البعض دون الآخر بل بشمل في رأيي كل من يتولى خدمة الوطن داخل مهنة معينة في القطاعين الخاص والعام كالأطباء والمهندسين والمحامين وما إلى ذلك . إن المصرحة بهم في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي يناهز 8000 مصرح لذلك وجب منذ الآن الشروع في عملية تطهير شاملة خاصة داخل الأحزاب التي لا شك أنها تشغل العديد من الناس ولا تصرح بهم ومع ذلك تضع حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الشغيلة بصفة خاصة ضمن أولويتها في البرامج التي تسطرها بمناسبة المواسيم الإنتخابية . إن ما يجري اليوم على الساحة مقلق جدا ويطرح أكثر من علامة إستفهام حول جدية الدولة في إنتاج نموذج تنموي جديد يستجيب لتطلعات مجتمع الغد كما أن الإبقاء على الأساليب المتقادمة في تناول القضايا الراهنة قد غدا أمرا مرفوضا عند القاصي والداني كأن تجد أشخاصا يعينون في مناصب حساسة ومصيرية وهم يحملون جنسيات بلدان أخرى وهذه قرينة كافية لإرخاء ضلال الشك على ولائهم الكلي للوطن وأن تجد موظفون سامون جاثمين على كراسي المسؤولية لمدة تزيد عن عقدين ؛ وأن تجد جمعية ولادتها ودعمها في أقل من أسبوع فقط لإنها تضم والد الوزير ولوبيات إقتصادية وإعلامية من صنع الإدارة وكأننا في العقد الثامن أو السابع من القرن الماضي ؛ وامثلة أخرى تشمل كل المجالات لا تعبر عن الطموحات الوطن والمواطن كما أنها لا تعبر عن رغبة الملك وهو يسردها صراحة في خطاب 20 غشت 1999.