مباراة ودية بطنجة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف لصفر    المغرب يهزم الموزمبيق ودياً بهدف أوناحي.. والركراكي: "لدينا اليوم أسلحة متعددة وأساليب مختلفة"    الشرطة تحجز آلاف الأقراص المخدرة    حموشي يقرر ترقية مفتش شرطة ممتاز    المسرحية المغربية "إكستازيا" تهيمن على جوائز الدورة 30 لمهرجان الأردن المسرحي    المنتخب المغربي يهزم موزمبيق وديا.. أوناحي يسجل أول هدف في ملعب طنجة بعد تجديده    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    تداولات بورصة الدار البيضاء سلبية    المكتب المغربي للسياحة يستقطب المؤتمر السنوي لوكلاء السفر الهولنديين إلى المغرب    الجزائر.. إجلاء عشرات العائلات جراء حرائق غابات كبيرة غرب العاصمة    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    عبد الحميد صيام: قرار مجلس الأمن حول الصحراء حمل عدة نقاط تناقض تثير تبايناً واسعاً في قراءات أطراف النزاع    وفد كيني يستكشف الفرص بالصحراء    المغرب يُنتخب لولاية ثانية داخل اللجنة التنفيذية لهيئة الدستور الغذائي (الكودكس) ممثلاً لإفريقيا    إدارة مركز التوجيه والتخطيط التربوي تنشر معطيات تفصيلية حول الجدل القائم داخل المؤسسة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    ملعب طنجة.. الصحافة الدولية تسميه "ابن بطوطة" ومطالب محلية بتثبيت الاسم رسميًا    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    مبديع: "أنا ماشي شفار ومنطيحش ريوكي على فلوس الجماعة"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    بطولة اسكتلندا.. شكوك حول مستقبل المدرب أونيل مع سلتيك    أكثر من 170 لاعباً يحتجون في الدوري الكولومبي بافتراش أرض الملعب    فرنسا.. مقتل شقيق الناشط البيئي أمين كساسي في مرسيليا رميا بالرصاص    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    الصناعات الغذائية.. مسؤول حكومي: "التعاون المغربي-الإسباني رافعة للفرص أمام المصدرين المغاربة"    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    الحكم على سائق "إندرايف" سحل شرطيا ب11 شهرا حبسا وغرامة مالية    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    استفادة "تجار الأزمات" من أموال الدعم.. الحكومة تقر بوجود ثغرات وتؤكد ضرورة تصحيح اختلالات المقاصة    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    عمال راديسون الحسيمة يستأنفون احتجاجاتهم بعد فشل الحوار ويكشفون "مقترحات مجحفة" لإقصائهم    ملكية واحدة سيادة واحدة ونظامان!    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    استطلاع: 15% من الأسر المغربية تفضل تعليم الأولاد على الفتيات.. و30% من الأزواج يمنعون النساء من العمل    إدارة مستشفى محمد الخامس بالجديدة توضح: جهاز السكانير متوفر والخدمات الطبية مفتوحة للجميع    بأغلبية 165 صوتا.. مجلس النواب يقر الجزء الأول من مشروع قانون المالية    سعيد بعزيز: لوبي الفساد تحرك داخل البرلمان وانتصر في إدخال تعديلات لفائدة مقاولات التأمين    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجير المغاربة وثقافتهم بالخارج...وأسئلة الحقل الديني المغربي.
نشر في شبكة دليل الريف يوم 06 - 08 - 2016

احتضنت قاعة بلدية الحسيمة يوم الاحد 24 07 2016 ندوة علمية في موضوع "المهاجرون المغاربة على ضوء الحق في الاندماج ومخاطر التطرف الديني" من تنظيم جمعية تازيري للتواصل والتنشيط الثقافي بالحسيمة في اطار الدورة العاشرة لمهرجان انموكار. وقد اطر الندوة العلامة سيدي أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية الى جانب الناشط الحقوقي والامازيغي الأستاذ أحمد عصيد والأستاذ عبد السلام امختاري عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان والطبيب النفسي عبد الكريم اكروح . وقبل التطرق الى موضوع الندوة لابد في البداية من التنويه بالمنظمين لهذا اللقاء العلمي وحسن اختيارهم لموضوع النقاش، الذي جاء في سياق سياسي وثقافي ينطوي على أسئلة مفصلية ومصيرية وإستراتيجية من حيت التحديات الثقافية والهوياتية ، الفكرية ،الاجتماعية ،الاقتصادية ،العلائقية...التي تواجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وهي كلها تحديات تلقي بظلالها على مشكلة الاندماج التي تواجهها هذه الجالية امام حالة من الجمود و انسداد الافق التي تعيشها في غيات حلول حقيقية تنطلق من رؤية متكاملة لتشخيصها ومن ثم معالجتها لإنقاذ هذه الشريحة التي تعتبر قطعة من الجسد الوطني وكيان المجتمع المغربي يتألم الوطن بأكمله لآلامها كما تألم هي لآلامه، -انقاذها- من براثن التطرف الديني والتزمت الفكري والفكر التكفيري الذي يتربص بها ويهددها في عمق هويتها الدينية وانتماءها الحضاري والثقافي المغربي، الذي يعتبر انموذجا فريدا من نوعه في تسامحه واعتداله ووسطيته، كما تجلى ذلك في سلوك وثقافة المغاربة تاريخيا. ان اثارة الندوة لخطر التطرف الديني عند الجالية ورطبه بمشكلة الاندماج وتداعياته، وذلك في سياق اقليمي ودولي يتسم بتدفق المد الإرهابي الذي يجتاح المنطقة الإسلامية والعربية والمغاربية - بالمعنى الجيوسياسي- ، سيخلق لا محالة دينامية فكرية لقضية تعد من اخطر القضايا التي يعرفها مغرب اليوم كمدخل لفهم انتشار ظاهرة التطرف والإرهاب التكفيري في اوروبا وسط الجالية المغربية وهو في حد ذاته يعد مكسبا وينم صراحة عن وعي سياسي وهوياتي عميق وأفق واعد يحسب للقائمين على جمعية تازيري للتواصل والتنشيط الثقافي وعلى رأسهم الاستاذ محمد لمرابطي.
من هذا المنطلق كانت للندوة راهنيتها في السؤال الهوياتي والسياسي الذي يهم الجالية المغربية المقيمة بالخارج خاصة والمغرب عامة. وإذا كانت تدخلات الاساتذة حاولت ملامسة بعض جوانب الموضوع المطروح للنقاش من مداخل شتى ( الهوية ، الدين ، حقوق الانسان ، علم النفس) فان جوهر النقاش ضاع بين بعض التحفظات والقراءات التي ركزت على المداخل الاقتصادية والسياسية في تفسير ظاهرة التطرف الديني في صفوف المغاربة في الداخل والخارج وهي مقاربات على اهميتها ابتعدت عن اصل المشكلة والسبب الحقيقي في انتشار هذا المرض لذي حول الشباب المغربي في المهجر الى فريسة وصيد سهل لشبكات الاجرام الديني المشرقية.
لقد كانت مداخلة العلامة سيدي احمد الخمليشي متحفظة بشكل كبير في تسمية الاشياء بمسمياتها متجنبا كما السنة الماضية في ندوة " النموذج المغربي ومحاربة الإرهاب" التي نظمتها جمعية اريد بنفس القاعة، التركيز على العامل الاصولي السلفي الوهابي وحركاته الموازية في استهداف الهوية والشخصية الدينية المغربية فالعلامة د الخمليشي باعتباره يجمع بين التكوين الديمقراطي والحداثي وكذا العلوم الشرعية وباعتباره ايضا ممارسا في الحقل الديني -كمدير لمؤسسة دار الحديث الحسنية- الذي تحكمه قبضة الحركة الأصولية، نأى بنفسه في مقاربتة الكثير من الاسئلة الحارقة التي تهم الحقل الديني المغربي وهذا النأي يمكن تفسيره بتجربته المريرة مع الحركة الاصولية فخطه الاجتهادي جر عليه في الماضي و لايزال كثير من الملاحقات التهديدية والتكفيرية من طرف الحركات المتظاهرة بالقداسة الفارغة من المضامين التي لم تخفي مقصديتها في تكسير عظام الرؤية الحداثية والحقوقية التي ينتمي إليها د الخمليشي. وهكذا اكتفى ببعض الاشارات على سبيل "اللبيب بالإشارة يفهم" خاصة عندما اثرنا سؤال دور التيارات الاصولية المتأسلمة في غسل الشباب المغربي من انتماءه الديني والهوياتي المغربي.
فيما نجح الاستاذ احمد عصيد في مستوى التحليل الفكري والسياسي في تقديم عرض جريء لظاهرة التطرف الديني وربطها بالمرجعية الاصولية التراثية التي يتجمد عندها المتأسلمون في قراءتهم لقضايا العصر خاصة عنتما استعرض دور التمسلف الوهابي ودور البترودولار في انتاج ثقافية تفجيرية مضادة ومعادية لكل اشكال الحداثة والمدنية والإنسانية وحصره للدين في نموذج ماضوي مغلق ومنغلق على نفسه يكفر كل من يبرح اطاره العقدي والفكري، ولئن كان السيد عصيد لم يعي مثله مثل الكثير من المثقفين -للأسف الشديد - لعمق الصراع مع مشروع التهريب الديني من حيث انهم يقرؤون طبيعة الصراع مع التهريب الديني ايديولوجيا وسياسويا وعليه فهم يقدمون قراءة دفاعية عن التهريب الديني بدون ملامسة جوهر المشكل.
ورغم ذلك فقد كانت لمداخلات الاساتذة دور ايجابي في اثارة الاسئلة من قبل الحضور الذي ابان على مستوى عال جدا من الوعي الديني والسياسي و بدور حركات التهريب الديني في استهداف النموذج المغربي والزج بالشباب المغاربة في الداخل والخارج في حركات التطرف الديني وشبكاته التنظيمية والتمويلية.
على كل حال حركت الندوة كثير من الاسئلة الكامنة في الحقل الديني المغربي وإشكالية التأطير الديني والثقافي والسياسة الدينية التي ينهجها المغرب في شخص وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية والمجلس العلمي الاعلى في الخارج و التي تهم الجالية المغربية هناك. وكان السؤال المركزي الذي يهم الندوة وسياقها هو :
من المسؤول عن تفجير المغاربة وثقافتهم في اوروبا باسم الدين؟ ولماذا وكيف ينخرط المغاربة في حركات الارهاب الاسلاموي مما يؤثر سلبا على اندماجهم ؟
مرت في السنوات الماضية أحداث بالغة الأهمية ولم يتم إيلاءها عنايتها من القراءة والتحليل، تتعلق بالأساس بتفجير مغاربة لأنفسهم في عمليات انتحارية في سوريا والعراق قادمين اليها من اوروبا ناهيك عن انخراط الالاف منهم في تنظيمات الاجرام الديني كداعش والنصرة وغيرها وقد افرد تقرير استخباراتي امريكي نشر 2014 لائحة بالدول والمجتمعات التي تعتبر اكبر مصدري الارهابيين الى بؤر التوتر والحروب الطائفية في المشرق وكان المغرب ضمن البلدان الثلاثة الاولى فقد احتل الرتبة الثالثة بعد السعودية وتونس. وفي سنة 2012 فجر مغربيين لأنفسهما في عملية انتحارية في سوريا، أحدهما طبيب والآخر مهندس قدما إليها من فرنسا، كما ان تفجيرات بروكسيل وفرنسا الاخيرة يوجد مغاربة من ضمنهم. وهكذا ما من حدث او عملية ارهابية إلا وتجد مغربي او اكثر من مدبريها او مشاركا فيها. إضافة إلى ذلك يتم إلقاء القبض على عشرات الشبكات الارهابية من طرف الاجهزة الامنية تعمل على استقطاب الإنتحاريين وإرسالهم لسوريا. فضلا عن تورط 15 مغربيا في احداث 11مارس 2004 الإرهابية باسبانيا على ايدي منظرين سوريين: تيسير علوني وابو الدحداح وكذا تنفيذ اغتيال انتحاري ضد شاه مسعود في افغانستان من لدن مغاربة من بلجيكا - تورط المساوي من فرنسا والمزوطي ومنيرالمتصدق من ألمانيا في العمل الارهابي 11سبتمبر واغتيال فان كوخ في هولندا على يد مغربي،
ولعل هذه الأحداث على بشاعتها وخطورتها تبدو نتائج موضوعية لمسيرة عمل تعبوي وهابي يتحرك على مرأى الجميع، ويتحرك بتراخيص إحداث التعليم الديني وإمامة المساجد كما هو الحال مع جماعة " محمد المغراوي" التي تتوفر على شبكات في الداخل والخارج، ومصادر تمويله من أجل هدم سريع لثوابت الهوية المغربية التاريخية والحضارية، الأمر الذي جعل من المغاربة صيدا سهلا للشبكات الإرهابية العالمية، وهي تبدو وتتجلى أكثر من حيث نتائجها الكارثية على مغاربتنا في الخارج بصورة أقوى وأخطر، وإلا ما معنى أن يتوجه طلبتنا وتلاميذنا إلى أوربا وكندا وأمريكا للبحث العلمي وللدراسة، فيصبحون أعضاء فاعلين في التنظيمات والشبكات الإرهابية والإنتحارية؟ وكيف لطبيب ومهندس مغربيين أن تتم تعبئتهما واستقطابهما بسهولة وتجنيدهما إلى سوريا وداخلها بين النظام ومعارضته، فهل جفت عيون مواردهم البشرية الجرارة من الخليج والمشرق عامة لتعمل على تجنيد المغاربة؟ وكيف بطلبتنا وأطرنا المغاربة في أوربا الذين ذهبوا للتكوين ومن المنتظر منهم أن يشكلوا نماذج لنا من الحداثة والعلوم والحرية والتعدد الديمقراطية وإذا بهم يتحولون إلى انتحاريين ومفجرين لأنفسهم وللآخرين؟ لكن المؤلم الآن هو أن الإجابة عن هذا السؤال المفارقة لم يعد خافيا على أحد، فكلنا يعلم الإجابة عنه ، ومنه ما سبقت الإشارة إلى جزء منه، فهو ليس عنا ببعيد في سبتة ومليلية حيث تدعم السلطات الإسبانية هناك الشبكات الوهابية في المساجد وملحقاتها وتعليمها الديني الوهابي المهدم للهوية الوطنية المغربية ضدا على أصالة المغاربة هناك المضادين للاستعمار الإسباني لكن النهج الفتنوي الوهابي الهدام والداعم للاستعمار الإسباني ضدا على مبدأي إمارة المؤمنين والبيعة، فإنه يحضا بالرعاية الإسبانية ودعمها، أمام الجميع وبدون رمزيات.
وهذه الصورة نفسها تكاد تتكرر مع المغاربة في باقي أروبا، بين مغاربة ما زالوا ينافحون عن هويتهم الدينية المغربية بثوابتها وبشخصيتها التاريخية والثقافية والفكرية، وبين ميليشيات أخرى ارتدت عن هويتها المغربية واغترت بالموارد المالية السيالة القادمة من دول الخليج، وهو ما تعيشه الآن منطقة الأندلس في إسبانيا، وهو ما تحدث به الدكتور مصطفى مشيش العلمي الذي كان وما يزال في علاقته بالموريسكيين هناك من الذين ظلوا متمسكين بهوية الإسلام الأندلسي التاريخي المعانق للإسلام المغربي ورضيعه التاريخي والجغرافي والحضاري، لكن الإنزال الوهابي المالي الخليجي هناك كاد يفسد كل شيء، والصورة نفسها نجدها الآن في فرنسا التي تعيش على ايقاع الارهاب التكفيري و التي ظلت مناطقها تعرف استقرارا عقائديا مغاربيا وسط جاليتنا هناك، ولو أن الصراع المغربي الجزائري حول نمط التدين في عدة مساجد ومراكز دينية، لم يكن صراعا مغاربيا في حقيقته أو عمقه، لأن نمط الإسلام المغاربي الحقيقي كان وسيظل واحدا في شخصيته وهويته، ولهذا فإن حقيقة الصراع كانت بين النمط الوهابي الذي تبناه النظام الجزائري العسكري العلماني في جوهره ، وذلك ضدا على الحضور الديني المغربي الذي ترعاه إمارة المؤمنين المغربية، ولتحقيق ذلك ظل النظام الجزائري يضخ الموارد البشرية الوهابية إلى فرنسا من خريجي جامعة الأمير عبد القادر التي أرساها الوهابيون في مدينة قسنطينة، وبجيوش ممن المؤطرين الوهابيين المستقدمين من مصر وسوريا والخليج في إطار تحضيرهم لهدم الجزائر التي أريد لها حينها التمسلف بقيادة القرضاوي قبل رحيله منها إلى قطر لينخرط في مشروع دولي ومخطط آخر كان اخر فصوله ما سمي "بالربيع العربي " الذي كان فيه القرضاوي عبر قناة الجزيرة ذلك البوق للفتنة الطائفية خدمة لأجندة دولية لعب فيها القرضاوي مفتي الاخوان المسلمين دور رأس الحربة لذلك المشروع. ولتعمل الجزائر بعدها على تحويل هذه المهزلة إلى ورقة داعمة لورقة البوليزاريو ومحاصرة المغرب بها في فرنسا من جديد، لكن المثير للاستغراب هنا هو أن وزارة الأوقاف المغربية، تتدخل في الصراع وبأموال الوزارة لكنها تدعم جبهات الوهابيين الهدامة للهوية المغربية هناك ، ونماذجها متعددة وغارقة ، فلو أخذنا مثلا مسجد بن رشد في مونبيليي بفرنسا، فقد قدم إمامه المغربي المدعو " محمد خطابي" خدمات جليلة وما يزال للمشروع الوهابي إلى درجة كادت سلطات فرنسا طرده لدعوته مناصرة أسامة بلادن، وبعد أن كان في كندا وطردته من أراضيها بعد أن اشتكت من نهجه الوهابي الإرهابي، وهو الآن مأجور لعدة جمعيات في فرنسا كمربي ديني، وبين يديه 250 تلميذ مغربي كعجينة يسهل عليه تشكيلها، و1800 مصل كل جمعة، بعد أن مر على مساجد المغاربة في هولندا، وما يزيد الأمر غرابة هو أن هذا الشخص وأمثاله كثيرون ، كان قد توجه إلى كندا سنة 1981 لدراسة الرياضيات، لكنه ارتد عن الرياضيات والعلوم الحقة وعانق الوهابية ليتحول بها إلى إمام ومتحدث في علوم الدين، ونحن نسأل: هل علوم الدين تؤخذ من مراكزها العلمية التاريخية بدءا بالقرويين والزيتونة والأزهر؟ أم أنها أصبحت تؤخذ من أمريكا وكندا حيث يذهب الطالب هناك مغربيا ليطلب العلوم الحقة، فيتحول إلى أصولي متطرف يحدث الناس، ويفتي لهم في أمور دينهم وهو نفسه يجهلها؟؟ مادام يجد فيها معيشة كبرى ومجانية، لا يستطيع أن يوفرها بتلك السهولة عبر العلوم الرياضية، فيقوم السيد محمد خطابي بإنشاء المواقع الإلكترونية موقعة بيد السيد " سيباستيان لوكويون، وتلفزة خاصة، يرسل عبرها دروسه الوهابية، ومقتطفات من إعلانات جمع الأموال من المسلمين المهاجرين، ومنهم ايضا الوهابي طارق بنعلي المنحدر من منطقة الناظور والذي يقوم بجولات مكوكية بين الدول الاوروبية ليجمع الاموال من عمال وكادحي الجالية المغربية ويحرض ابنائها "للجهاد" في سوريا وجمع الاموال "لثوارها" ولم تتوقف النتائج الكارثية على الهوية المغربية للمهاجرين المغاربة في الخارج فحسب، وتجنيد المغاربة من عوامهم ومن أطرهم لعسكرتهم في خلايا الإرهاب وتفجيرهم هنا وهناك، إنما تعدى ذلك إلى تهديد السلم الاجتماعي، وهوية المجتمعات الأوربية التي تكافح هيئاتها الحقوقية ومنظماتها المدنية والثقافية من أجل منح مهاجرينا حقوقهم كاملة. وقد كانت للعمليات الارهابية الاخيرة في فرنسا وبلجيكا وألمانيا... اثارها الكارثية على الجالية المسلمة وشكلت وقفة تأملية للإنسان الاوروبي استرجع فيها كل ذلك الخطاب والسلوك المملوء بالحقد والضغينة والتكفير الذي كان يسمعه ويراه لعقود او تنقله وسائل الإعلام ، ومادام هذا الانسان لا يملك من المعرفة والوعي من ان يميز بين الاسلام الوهابي التكفيري المتعارض جذريا مع الاسلام المغربي والمغاربي بصفة عامة فانه يلقي باللائمة على الجالية المغربية ، خاصة اذا رأى بأم عينية ان المغاربة انفسهم من يتبنون هذا التكفير والإرهاب ويمارسونه .
في كثير من لقاءات وندوات الحقوق الثقافية يقول الفرنسيون: " نحن كفرنسيين نحب الكسكس والحناء والملابس المغربية التقليدية والأكلات والوجبات التراثية والأهازيج، لكننا لا نحبها إلى درجة يمكن أن نجعل منها نمطا دائما لمعيشتنا داخل أوطاننا نستبدل به أنماطنا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والتربوية، وعاداتنا،" وهم محقون في ذلك ونحن نوافقهم ، و بالأحرى أن يصلي الشباب المهاجر في شوارع أوروبا فيقطع الطريق، ويقوم الوهابيون هناك بتغطية المرأة بالنقاب والقفازات، ألا يغير هذا ويؤثر على صورة الهوية الدينية المغربية هناك باسم الدين ؟.. والأخطر من ذلك أن نجد وزارة الأوقاف لدينا ووزيرها يدعم هذه الأشكال المخيفة والمدمرة للهويتين الأوربية والمغربية باسم ثقافة متأسلمة بدوية مهربة من صحاري تحمل بين ثناياها قنابل ومتفجرات تفجر بها المغاربة وثقافتهم.. وتلكم هي الاسباب والعوامل المسؤولة عن حقن مصل الارهاب والتطرف لجاليتنا بالخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.