في رسالة مفتوحة موجهة إلى الجهات المعنية، أعرب كل من منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، جمعية ذاكرة الريف بالحسيمة، ومرصد الريف للتنمية عن قلقها الشديد تجاه الوضع الذي آلت إليه البناية التي كانت مقرًا لباشوية الحسيمة، والتي كان من المقرر تحويلها إلى "متحف الريف". المشروع، الذي انبثق عن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وتهدف إلى الحفاظ على الذاكرة الجماعية للمنطقة، يواجه عقبات تعرقل تنفيذه منذ أكثر من 13 عامًا. واوضح التنظيمات الموقعة على الرسالة انه في يوليوز 2011، شهدت مدينة الحسيمة ندوة دولية تحت عنوان "التراث الثقافي بالريف: أية تحافة؟"، حضرها باحثون مغاربة وأجانب، إضافة إلى ممثلين عن السلطات والهيئات المحلية. الندوة كانت مناسبة لتأكيد أهمية إحداث "متحف الريف"، كما ورد في الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس للمشاركين، مشددة على ضرورة حفظ الذاكرة الجماعية للريف وتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة. ومع ذلك، رغم مرور سنوات طويلة على هذه التوصيات والاتفاقيات المبرمة، لم يشهد المشروع سوى بعض الإصلاحات السطحية التي لم تدم طويلاً، ليظل المبنى شبه مهجور ويستخدم كملجأ للمشردين. في يونيو 2024، أعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن استئناف الأشغال بالمشروع نهاية غشت 2024 بعد توقيع اتفاقية مع الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة. إلا أن الجمعيات الموقعة على الرسالة استنكرت تغيير اسم المشروع إلى "متحف الحسيمة"، معتبرةً ذلك تراجعًا خطيرًا عن الأهداف الأصلية للمشروع وتقزيمًا لمفهوم الذاكرة الجماعية لأهالي الريف الكبير. الجمعيات أكدت في رسالتها على ضرورة الحفاظ على اسم "متحف الريف" باعتباره رمزًا لخصوصية المنطقة ودلالة على تاريخها الثقافي. وطالبت بفتح تحقيق فوري وشفاف للكشف عن أسباب التأخير في تنفيذ المشروع، ومصير الميزانية المخصصة له، وما آلت إليه المقتنيات التي كانت داخل بناية الباشوية. كما دعت إلى استكمال الأشغال بسرعة وتوسيع المشروع ليشمل مركز التكوين الإداري المجاور وأجزاء من الساحة المحيطة بالمبنى. بالإضافة إلى ذلك، دعت الجمعيات إلى إقامة مركب ثقافي في أجذير يحمل اسم "محمد بن عبد الكريم الخطابي"، يضم متحفًا وقاعة للعروض ومكتبة ومركزًا لجمع أرشيف المقاومة الريفية. الجمعيات شددت على أن إنشاء متاحف بمواصفات عالمية يعد ضرورة قصوى للحفاظ على الذاكرة الجماعية وتوثيق تاريخ الريف العريق، داعيةً الجهات المعنية إلى الالتزام بالتوجيهات الرسمية وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بما يضمن حفظ الذاكرة الجماعية للريف وتكريم رموزه.