بعد عقود من الجمود، يشهد مشروع نفق جبل طارق الذي يربط بين إسبانيا والمغرب تحركًا جديدًا. المشروع، الذي تم الاتفاق عليه بين البلدين منذ 45 عامًا، بدأ يشق طريقه نحو التنفيذ بخطوات بطيئة ولكن ملموسة. ومن المقرر أن يشهد العام الحالي دراسة النشاط الزلزالي في مضيق جبل طارق لتقييم إمكانية تنفيذ هذا المشروع الذي يهدف إلى إنشاء خط سكك حديدية يربط بين القارتين. الجهة الإسبانية المكلفة بالمشروع، وهي "شركة الدراسات الإسبانية للتواصل الثابت عبر مضيق جبل طارق" (Secegsa)، تعمل بالتنسيق مع نظيرتها المغربية "الشركة الوطنية لدراسات المضيق" (SNED). وتشمل المرحلة الأولى من المشروع إنشاء نفق واحد مخصص لقطارات الركاب والبضائع في كلا الاتجاهين، يليها في المستقبل إنشاء نفق ثانٍ ليعمل كمسار ذهاب وإياب مستقلين. في نوفمبر 2024، قامت "سيغسا" باستئجار أربعة أجهزة قياس زلزالية بقيمة نصف مليون يورو، إلا أن العقد أُلغي لأسباب تتعلق بالسلامة البحرية. ومن المتوقع أن تستأنف الدراسات الزلزالية في أبريل 2025 تحت إشراف البحرية الإسبانية وتستمر حتى سبتمبر من العام نفسه. وتعمل شركة "هيرينكنيشت إيبركا" الألمانية على دراسة الجدوى التقنية للمشروع منذ أكتوبر الماضي بموجب عقد قيمته 296 ألف يورو. ويهدف العمل إلى تقييم إمكانية حفر نفق يمتد أكثر من 30 كيلومترًا ويربط بين "بونتا بالوما" في قادس الإسبانية و"بونتا ملباطة" في طنجة. ورغم الخبرة الكبيرة التي تمتلكها الشركة الألمانية في مشاريع ضخمة مثل أنفاق البوسفور وهونغ كونغ، يقتصر دورها حاليًا على تقديم دراسة جدوى دون الدخول في تنفيذ أو توريد المعدات. من المتوقع أن تستمر هذه الدراسة حتى يوليوز 2025، حيث سيتم تحديد مدى إمكانية تجاوز التحديات التقنية والبيئية. أما بالنسبة للإطار الزمني، فرغم الطموح الذي أبداه وزير النقل الإسباني أوسكار بويينتي لإطلاق المشروع بحلول كأس العالم 2030، إلا أن تقديرات القطاع تشير إلى أن اكتمال النفق قد يستغرق وقتًا أطول، وربما يمتد حتى عام 2040، نظرًا لتعقيدات المشروع وحجمه الضخم.