الخط : إستمع للمقال مرة أخرى، تعود جريدة لوموند الفرنسية إلى عادتها القديمة القبيحة في محاولة يائسة لرسم صورة قاتمة لواقع المغرب الحقيقي والتطاول على الملك محمد السادس، متناسية الحقائق الدامغة ومستمرة في اجترار سرديات مهترئة تحاول إضعاف ثقة المغاربة بمؤسساتهم. لكن، وكما يقال: الحقائق تعاند الأقلام المسيسة، والإنجازات على الأرض أقوى من أي تضليل إعلامي جاهل بواقع المملكة. في البداية، من المفيد التذكير أن المغرب لم يتحرر من الاستعمار الفرنسي والإسباني إلا منذ سبعين سنة فقط، وهي مدة قصيرة جدا في عمر الدول وخصوصا مقارنة بالمسارات التنموية للبلدان ما بعد فترات الهزات الكبرى المرتبطة بالتغيرات في الأنظمة السياسية ونظم الحوكمة. هو ليس استعمارًا عابرًا، بل نموذجًا لما يسميه المفكر السياسي دارون عجم أوغلو والإقتصادي ديفد روبنسن في كتابهما "لماذا تفشل الدول، أصول السلطة والازدهار والفقر" بالاستعمار الاستخراجي(extractive institutions)، حيث تُبنى العلاقة ما بين الدولة المستعمرة والمستعمرة على النهب والتبعية لا على التنمية وبناء الإنسان. والتجربة التاريخية بيّنت أن أغلب البلدان التي عانت هذا النوع من الاستعمار وجدت نفسها غارقة في أزمات الاستقرار والشرعية والانقسام بعد الاستقلال. لكن المغرب كان استثناءً لافتًا: فبفضل ملكيته التاريخية، استطاع أن يحافظ على وحدة الدولة ويعيد بناء المؤسسات على أساس السيادة والاستقلال، ويؤسس لمسار تنموي متدرج جعل منه اليوم دولة ذات استقرار سياسي ونمو اقتصادي متواصل. قليل من الدول الخارجة من الاستعمار الاستخراجي استطاعت بلوغ هذا المستوى من الاستقرار والثقة في المستقبل الذي يعيشه المغرب. استطاع المغرب أن ينتقل بسرعة من بلد جريح عانى الأمرّين من التمزق الإقتصادي والجغرافي بسبب التعسف والإستغلال الإستعماري إلى دولة صاعدة ذات تنمية عالية، بفضل قيادة ملكية تاريخية متجذرة في شرعيتها منذ قرون. جريدة لوموند التي تتعالى على المغرب تتناسى أنه بلد بنى نهضته بنفسه، دون نفط ولا غاز ولا موارد طبيعية جبارة، بل برأسمال قيمي وثقافي وحضاري عريق و متأصل بملكيته. وخلافا لما تدعيه جريدة لوموند، في عهد الملك محمد السادس، انطلق المغرب في ورش غير مسبوق لتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لفائدة ملايين المواطنين، وهي خطوة تاريخية نحو إرساء الدولة الاجتماعية. كما شهد البلد ثورة تشريعية لتحديث القوانين من مدونة الأسرة والمسطرة المدنية والجنائية، وتطوير العدالة الرقمية، وتعزيز حقوق النساء والشباب، في قفزة إصلاحية لا تخطئها العين إلى تغيير وجه العدالة الجنائية بالمغرب عبر إخراج قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ فقط الأسبوع الماضي. على المستوى الخارجي، يواصل المغرب بقيادة الملك محمد السادس تعزيز موقعه كقوة إقليمية ودولية، وتتواصل نجاحاته الدبلوماسية في الدفاع عن مغربية الصحراء التي تحظى بدعم متزايد من دول كبرى. يواصل عقد شراكات إستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، الولاياتالمتحدة، الصين، وبلدان إفريقيا. كما يفخر المغرب بتنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، كعنوان لمكانته كبلد استقرار وانفتاح. المغرب اليوم يتموقع بين الدول ذات مؤشر التنمية البشرية المرتفعة، بفضل رؤية ملكية بعيدة المدى. هذه الحقيقة الملموسة يحاول الإعلام الفرنسي التعتيم عليها، لأنه لا يريد الاعتراف بنجاح بلد لم يركع يوماً، ولم يقبل أن يكون تابعاً لأي قوة. والملكية المغربية التي تحاول لوموند السخرية منها ليست مجرد مؤسسة رمزية، بل هي ضمانة وحدة، واستقرار، ومصدر شرعية تاريخية حافظت على تماسك الأمة في مواجهة الأزمات. في الوقت الذي تنغمس فيه بعض الأقلام الفرنسية في صناعة "سيناريوهات نهاية عهد"، يواصل المغرب شق طريقه بثقة نحو المستقبل: من المشاريع العملاقة في الطاقات المتجددة، إلى إطلاق أوراش البنية التحتية الكبرى، إلى تعزيز موقعه في إفريقيا والعالم. هذه إنجازات تتحدث بصوت أعلى من أي مقالات سامة أو انطباعات مضللة. يبقى السؤال المطروح: كيف لجريدة عريقة مثل لوموند أن تنساق وراء إعادة تدوير الإدعاءات الكاذبة، وأن تنخرط في حملات تشهير لا تختلف عن بروباغندا مأجورة؟ أليس من واجب الصحافة المهنية أن تنقل الحقائق بموضوعية، بدل الانخراط في حملات تضليلية مكشوفة تستهدف استقرار بلد اختار الإصلاح والبناء؟ إن الهجوم الإعلامي على المغرب ليس جديداً، لكن التاريخ علّمنا أن الحملات الدعائية تزول وتبقى الحقائق. والمغرب اليوم، تحت قيادة الملك محمد السادس، هو بلد صاعد، قوي، وراسخ في قيمه واستقراره، شاءت لوموند أم أبت. فالقافلة تسير والكلاب تعوي. الوسوم الدبلوماسية الملكية المغرب الملك محمد السادس المنجزات قوة إقليمية قوة صاعدة