تجارب علمية تبعث الأمل في علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول

تعيش الأوساط الطبية والعلمية حالة من التفاؤل الحذر بعد نشر نتائج سريرية جديدة، أشارت إلى إمكانية التوصل إلى علاج جذري لمرض السكري من النوع الأول. وقد أبرزت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن هذه النتائج دفعت عددا من الأطباء إلى الحديث عن "بداية نهاية المرض"، الذي يفرض على المرضى اعتماد حقن الأنسولين بشكل دائم منذ التشخيص.
ويعتبر السكري من النوع الأول مرضا مناعيا ذاتيا، إذ يقوم الجهاز المناعي بتدمير خلايا "بيتا" المنتجة للأنسولين في البنكرياس. هذا الخلل يفرض على المصابين، ومعظمهم من فئة الشباب، الاعتماد على الأنسولين الخارجي مدى الحياة. وتشير الأرقام إلى أن نحو 260 ألف شخص في فرنسا وحدها يعانون من هذا النوع من السكري.
في السنوات الأخيرة، تركزت الأبحاث على زرع خلايا "بيتا" بهدف استعادة القدرة الطبيعية للجسم على إنتاج الأنسولين. غير أن الاعتماد على خلايا مأخوذة من بنكرياس متبرعين متوفين ظل محدودا، بسبب ندرة المتبرعين من جهة، وبسبب ضرورة الخضوع لعلاج مثبط للمناعة مدى الحياة من جهة أخرى، وهو ما جعل هذه التقنية متاحة فقط للحالات الأكثر خطورة.
التطور النوعي تحقق عبر مسارين متوازيين: الأول اعتماد الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا "بيتا" في المختبر بكميات غير محدودة، والثاني تعديل هذه الخلايا جينيا لجعلها غير مرئية للجهاز المناعي. وقد أثبتت تجارب نشرتها مجلات طبية مرموقة مثل "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين" و"Cell" أن عددا من المرضى تمكنوا من التوقف عن استخدام الأنسولين بعد زرع هذه الخلايا.
أكثر التجارب إثارة للاهتمام جاءت من السويد صيف 2025، حيث تمكن فريق بحثي من استخدام تقنية "كريسبر" لتعطيل الجينات المسؤولة عن تعريف الخلايا (HLA)، وإعادة تنشيط جين آخر (CD47) يحميها من هجمات الجهاز المناعي. وبعد زرعها في عضلة ساعد أحد المرضى، بدأت الخلايا المعدلة في إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أي علاج مثبط للمناعة.
ورغم هذه النتائج التي وصفت بالاستثنائية، يواصل العلماء التأكيد على ضرورة التريث، مشيرين إلى أن التجارب ما زالت محدودة النطاق، وأن متابعة سلامة الخلايا المزروعة على المدى الطويل أمر ضروري. ومع ذلك، يتفق عدد متزايد من الأطباء على أن العالم أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق اختراق طبي قد يغيّر جذريا حياة ملايين المصابين بالسكري من النوع الأول.