في قصة إنسانية مؤثرة تعكس حجم المعاناة التي يعيشها العديد من القاصرين المهاجرين، برزت تجربة الشاب المغربي مروان شهابي بريق، الذي تمكن من تحقيق حلم بدا مستحيلًا بعدما وصل إلى إسبانيا بشكل غير نظامي وهو قاصر، ليصبح اليوم شرطيًا محليًا في مدينة إشبيلية. وتعود فصول الحكاية إلى سنوات مضت حين كان مروان، المنحدر من مدينة القنيطرة حيث يعمل والده حلوانيًا ووالدته ربة بيت، يحلم بمستقبل أفضل خارج المغرب. وبسبب الظروف الصعبة، حاول مرارًا الوصول إلى إسبانيا وهو دون السن القانونية، قبل أن يتمكن أخيرًا من التسلل إلى باطن حافلة نحو طنجة، ثم الاختباء تحت شاحنة صعدت على متن سفينة متجهة إلى ميناء الجزيرة الخضراء. ولحظة إدراكه أنه تجاوز الحدود الأوروبية، لم يتمالك دموعه من شدة التأثر. وبمجرد وصوله إلى التراب الإسباني، أوقفته الشرطة ونقلته إلى مركز للأحداث، قبل أن يُحوَّل إلى مركز آخر في إشبيلية نتيجة تزايد عدد القاصرين الوافدين. وبعد بلوغه سن الرشد، منحته السلطات إمكانية العيش في شقة مخصصة للشباب الذين غادروا مراكز الإيواء، وذلك بفضل سلوكه الحسن خلال فترة إقامته في المراكز. وخلال هذه المرحلة، وجد الشاب دعماً من مؤسسة "الساليزيانوس"، حيث عاش معهم رفقة شبان آخرين كانوا في وضعية مماثلة. وقد ساعدته المؤسسة على متابعة دراسته بعد حصوله على شهادة التعليم الإلزامي، كما قدمت له الإرشاد والمساندة التي افتقدها في سنوات طفولته الصعبة. وبعمل دؤوب وإصرار كبير، بدأ مروان الاستعداد لاجتياز اختبارات الولوج إلى الشرطة المحلية. وبعد سنوات من الجهد، تمكن من النجاح في المباراة والحصول على منصبه رسميًا ضمن شرطة إشبيلية، وهو الحدث الذي وصفه بأنه من أكثر اللحظات تأثيرًا في حياته، إلى جانب لحظة عبوره البحر مختبئًا تحت الشاحنة. وقد جرى تكريم مروان خلال احتفالية يوم الشرطة المحلية في إشبيلية، حيث عُرض شريط فيديو يوثق قصته، وجرى الاعتراف بجهوده وإصراره، إلى جانب الترحيب ب75 عنصرًا جديدًا ضمن الجهاز الأمني. قصة مروان اليوم تُقدَّم كنموذج لمعاني المثابرة، والتحول، والقدرة على بناء حياة جديدة رغم قسوة البدايات.