وصفت هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، المحاكمة الكبرى لنشطاء حراك الريف التي عقدت استثنائيا أمام محكمة الإستئناف بالدارالبيضاء بقرار من محكمة النقض، بأنها « استوحت الكثير من فصولها بكل الأسف من قواعد محاكمات عهد الرصاص نسبة للظروف التي شهدتها خلال العشرات من الجلسات، وخلفت في نهايتها عقوبات عشوائية انفعالية وجد قاسية بعشرات السنين ضد معتقلين في أجواء مسطرية فاسدة ». وذكرت الهيئة في بلاغ لها توصلت فبراير بنسخة منه، أن « جلسات المحاكمة طبعتها انتكاسات تاريخية لحقوق الدفاع ابتدائيا واستئنافيا، وما سبق ذلك خلال الاعتقالات الجماعية والتحقيقات الشكلية التي مورس فيها التعذيب والمساس بالسلامة البدنية للعديد منهم، كل ذلك خلف اندلاع لهيب من الاحتجاجات ومن التنديدات بأصوات الأسر والعائلات والمظاهرات السليمة، وببيانات المنظمات المدنية والحقوقية الوطنية والدولية والتعليق بأقلام حَمَلة الفكر والضمير والإحساس الإنساني والتاريخي ومن الصحافة والإعلام » . وأضاف نفس المصدر أن المغرب شهد في « محاكمة حراك نشطاء الريف بمرحلتيها بالدارالبيضاء مأساة انهيار أسس المحاكمة العادلة بشكل لا مثيل له في العهد الجديد ولا نحتاج للتذكير بها كلها لأنه سبق بيانها في مناسبة قبل اليوم وشهدت سياقاتها وسوء تدبير جلساتها في مرحلتيها معا، و بشكل ملفت، على ضعف النجاعة القضائية الجنائية وخلط الإجراءات بسبب غضب وانفعال رئيس الهيئة أدت به إلى جر المحاكمة لمتاهات برفض إخراج المعتقلين من قفص وضعوا به داخل المحكمة. وأردف البلاغ أنه « رغم صبر ومعاناة المعتقلين ورغم مناشداتهم ونداءاتهم لمن يعنيهم الأمر من أجل رفع الاعتقال عنهم واحترام كرامتهم والاعتذار لهم بعد اتهامهم بالعَمَالة و بالخيانة والانفصال، والحاحهم الانكباب على معالجة الأسباب العميقة والحقيقية وراء حراك الريف على المستويات السياسية والسوسيو-اقتصادية والعمل على فتح آفاق تجاوز الأزمات التي تسببت في الحراك أصلا أو التي لحقت به، والتي لمَس الواعون من القوم مضاعفاتها من بعيد، لم تستوعب السلطة عمق النداء ولم تفتح باب المصالحة. أشار البلاغ أيضا إلى أن، ما جرى في مُحاكمة الدارالبيضاء بانتهاك القانون والمساطر وضعف الرقابة وإهمال المحاسبة، بَعْد أن استعملت ضدهم الحكومة خطاب التخوِين واختارت بعض مؤسساتها الابتعاد عن الحياد وتثمين المقاربة الأمنية، فكان صدور أحكام الإدانة بمثابة غسل الخروقات الخطيرة التي عرفتها الأبحاث التمهيدية و إجراءات التحقيق في القضية. وأضاف نفس البلاغ « وهَاهم المعتقلون السياسيون ناصرالزفزافي ونبيل أحمجيق ومحمد حاكي وزكرياء أضهشور وسمير أغيد ووسيم البوستاتي، وهم عُزل أمام قهر وعنف مُتعدد الوجوه، وحِصَار سَد عليهم بأغلاله العاتية منافذ الأمل، يُعلنون تنازلهم عن جنسيتهم ، وها هو المعتقل السياسي كريم أمغار يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ ما يزيد عن عشرين يوما احتجاجا على الظلم الذي لحق به وبرفاقه، وها هو المعتقل السياسي ربيع الأبلق من جديد يقرر الاستشهاد و خوض الإضراب الأخير عن الطعام معتذرا لوالدته، وها هي أم المآسِي التي تسبب فيها تعنت وضعف الوعي من قبل السلطات السياسية والاضطراب من قبل القضاء تأتي إلينا وتدخل المغرب وتفرض مساحات من الصمت القاتل على المسؤولين وكأن الموضوع يهم أشباحا في كوكب آخر. ودق دفاع المعتقلين ناقوس الخطر أمام نتائج « الانحراف المسطري والمس بالمشروعية وسيادة القانون والاحتماء وراء المقاربة الأمنية في معالجة الملف، وحمل المسؤولين بالسلطة القضائية قضاءا جالسا وواقفا عواقب الجري نحو الإدانة دون اثبات ولو بأرخص حجة وأ بخسها وانتهاك أسس المحاكمة العادلة انطلاقا من الأبحاث التمهيدية ومن التحجير على وسائل الإثبات للمعتقلين إلى إعلان الأحكام النهائية مرورا بكل ما عرفته من ضعف التدبير والخلل في التوازن بين المتهمين والنيابة العامة.