المناظرة الوطنية حول الإشهار ترفع رهان السيادة ومواجهة المنصات العالمية    بعد أيام من الإعفاءات والتوقيفات.. وفاة جديدة لحامل بمستشفى أكادير ووزارة الصحة تفتح تحقيقا    شباب "جيل زد" يعلقون الاحتجاجات يوم الجمعة احتراما للملك محمد السادس    القطاع البنكي يقود نمو أرباح الشركات داخل البورصة خلال النصف الأول من 2025    المكتب الوطني للمطارات يسرع وتيرة التحول الرقمي لمطارات المملكة    إسرائيل تختطف سفن «أسطول الحرية» المتجهة إلى غزة اليوم وتعتقل 150 ناشطا    محامي: غالي وبن ضراوي يخوضان إضرابا عن الطعام وإجراءات ترحيلهما جارية    مونديال الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته تأهبا لمواجهة كوريا الجنوبية في ثمن النهائي    رونالدو أول ملياردير في عالم كرة القدم    بنكيران يتبرأ من أفتاتي بعد التوقيع على رسالة موجهة للملك ويدعو لعدم الانخراط في أي مبادرة مماثلة    الركراكي يوجه الدعوة لأنس باش لمباراتي البحرين والكونغو    المغرب يستعد لاحتضان مونديال الفتيات تحت 17 سنة بأسعار تذاكر تبدأ من 20 درهما    القاهرة تستضيف مباراة السوبر الإفريقي بين نهضة بركان وبيراميدز    فاجعة مروعة بالحسيمة : مختل عقلي يصب البنزين على الفنان «سوليت» ويضرم فيه النار    ثلاثة باحثين بينهم الأردني، من أصل فلسطيني، عمر ياغي يفوزون بنوبل الكيمياء    ابتداء من يومه الخميس وإلى غاية يوم الأحد الجديدة تحتضن الدورة 14 من مهرجان «الأيام السينمائية لدكالة»    إسني ن ورغ 16 بأكادير: تاج ذهبي جديد يتوج إبداع السينما الأمازيغية والعالمية        تشخيص وضعية قطاع الصحة كشف أوجه قصور استدعت إصلاحا هيكليا (التهراوي)    "حكومة شعبية" وحسابات سياسية    12 قتيلا و 2983 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    ولد الرشيد يستقبل مديري وأصحاب المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ورؤساء جمعيات الآباء في حوار جاد ومفتوح    مؤسسة وسيط المملكة تطلق مبادرة خاصة بالتنظيمات الشبابية الحزبية ضمن برنامج "منتديات الحكامة المرفقية"    أتلتيكو مدريد يعيّن ماتيو أليماني مديرا لكرة القدم    رسميا.. أهلي بنغازي يعلن التعاقد مع يحيى جبران    انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        انتحال صفة شرطيين يوقف شخصين بطنجة            الحجمري: الترجمة ضمن الاستشراق أداة لمساءلة الحاضر واستشراف المستقبل    أول ظهور لباسم يوسف على الشاشات المصرية بعد 11 عاما    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    الجامعة الوطنية للتعليم بالحسيمة تحمّل المديرية الإقليمية مسؤولية ارتباك الدخول المدرسي    وزير الصحة: مديرية الأدوية تعرف اختلالات تدبيرية وأخلاقية والتلاعب بالصفقات إشكالية كبيرة    براهمة: غالي وبن ضراوي لا يزالان في حالة اختطاف ومصيرهما مجهول حتى الآن    استمرار احتجاز إسرائيل لنشطاء مغاربة يصل إلى البرلمان.. ومطالب لبوريطة بتدخل عاجل    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    "فيفا": أكثر من مليون شخص يتقدمون لبرنامج المتطوعين الخاص ب"مونديال" 2026    مارين لوبان تنتقد خطة ماكرون لتشكيل حكومة جديدة: "مسرحية بلا نهاية"    تبادل المعطيات.. توقيع اتفاقية شراكة بين كتابة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية ومكتب الصرف والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    لماذا لا تكفي إقالة الوزير لإصلاح التعليم في المغرب؟    سويسرا تختار المغرب شريكا استراتيجيا جديدا لتنمية الاقتصاد الأخضر وخلق فرص الشغل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    انتشال جثة من حوض مائي بإقليم سيدي بنور.. نازلة غرق أم بفعل فاعل؟    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    جمعية إشعاع للثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان ليالي السينما بالعرائش    جيل زد.. حين تكلم الوطن من فم    جيل الغضب وسفينة الحكومة: حين تهتزّ مسؤولية التحالفات وتتعالى أصوات الشباب    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن وقالب السكر .

حين تنظر إلى شكل "قالب السكر" المغربي , أول ما تشعر به : الرجولة , والأصالة , والاحترام , والذكاء ....
وأجمل في هذا القالب , فكرة صانعه , وأعني بذلك , العامل المغربي الأول الذي وضعه على شكل هرم رائع المشهد. منذ فجر الاستقلال ونحن مع هذا القالب الذي استطاع أن ينفذ إلى أجسامنا , وثقافتنا , وعاداتنا وتقاليدنا , رغم التغيير الذي وقع على الأكياس التي كان يوضع فيها . لنرى الآن تاريخ هذا " القالب العجيب " ؟ . وما دوره في الفكر المغربي عبر العصور؟ . كانت القوالب المغربية , واقصد السكرية , توضع في كيس مصنوع في معامل السكر بالدار البيضاء من شركة "كوسيمار " وعدد القوالب اثنان وثلاتون , يزن كل واحد منها كيلوغرامين من السكر , وسط تبن يحافظ على سلامة اصطدام القوالب , لان المغربي آنذاك كان يكره شراء القالب المكسور والمشوه للشكل الهرمي .
وايضا في هذا التبن تجد حبالا صغيرة عددها اثنان وثلاثون تسمى "القناب" . وفي أسفل القالب تجد دائرة غائرة شيئا ما , وفي رأسه تجد ثقبا صغيرا . يوضع القالب في ورق ازرق اللون وعليه طابع للمعمل على شكل صورة للنمر , وكان الكيس المملوء بالقوالب السكرية يلف بحبل مصنوع من الحلفى . وبما أن هذه القوالب الثقيلة الموضوعة في الكيس تسبب صعوبة في حملها , فإنها كانت رمزا للشجاعة والقوة لكل من يستطيع حملها من مكان إلى آخر .
فلا تجد أية زيارة ولا عرس ولا خطوبة إلا والقالب واقف على رأسه في كبرياء وافتخار . ففي القرى وبعض الدواوير النائية , توضع " الصينية" ومن بين مستلزماتها صديقنا القالب الشهم , ملف في سلهامه الأزرق وطابعه الأحمر المزين بصورة "النمر" . وقد تحدث خصامات أسرية أو أكثر من ذلك خصامات قبلية , قد تسقط فيها موتى أو جرحى , وبدلا من اللجوء إلى المحاكم الابتدائية و الاستئنافية ... تتدخل بعض القوالب السكرية , أو كيس كبير منها ليرد المياه إلى مجاريها , وليعيد الحب والاحترام بين المتخاصمين . وأجمل ما خلفه قالبنا في نمط تفكيرنا فترة الستينات و السبعينات و حتى أواخر الثمانينات . أنه شكل جزءا من حياتنا اليومية , فمثلا حين نصاب ببعض الأمراض كالسعال نتيجة نوبة من البرد , كنا نلف ورق السكر الأزرق على شكل سيجارة , ثم نشرع في عملية تدخين هذا الورق بفكرة العلاج والشفاء . وفي ليلة الزفاف يقيم أهل العروس حفلا فيه قالب السكر مخضب بالحناء ليزيد للحفل بهاء ورونقا .
وفي أواخر الثمانينات وبداية التسعينات , سيتغير مكان القالب وعدده , وثمنه أيضا , نظرا لظهور نمط جديد في العيش المعاصر استوردتاه من الفكر الغربي الأوروبي عن طريق الهجرة السرية , فاصحب المغربي يجد نفسه ينتقل من العيش في العائلة والأسرة الكبيرة , إلى العيش في اسر صغيرة داخل منازل وشقق صغيرة وضيقة , الشيء الذي دفع بالقالب المغربي أن يفضل هو أيضا الانتقال إلى العلبة الضيقة بدل الكيس الكبير , مع ستة أو اثنا عشر قالب آخر فقط , بدل ما كان مع اثنان وثلاثين قالبا . كما فقد مجموعة من الاصدقاء الأعزاء, كالمجمر , والفحم الأسود الخشبي , والصينية النحاسية الصفراء المنمقة , واللوز و الجوز , وحديث الشعر والثقافة الأصيلة ...ليطبخ بسرعة فوق النار الملتهبة المسرعة من قنينة الغاز الصغيرة ,في مطبخ ضيق , لا يشارك الضيوف ولا يستمع إلى أحاديثهم ولا سمرهم .
ومنذ التسعينات إلى اليوم , أصبح القالب يستعمل في مصطلحات لا تليق تماما بهذه التحفة المغربية النادرة , فالقالب المغربي ,اصحب رمزا للغدر والحيل والتهكم بالآخر , قد تسمع من جالس في مقهى معين وهو يحاور صديقا له , انه وضع "قالبا " ممتازا لشخص آخر , فسلب منه ما أراد وما شاء ... وفي الميدان السياسي مثلا , قد تسمع أن حزبا نصب قالبا سياسيا لحزب آخر , أو لمنطقة محددة , أو أكثر من ذلك , فقد تنتشر القوالب ينما اتجهت حتى أصبحت الحياة فاسدة , لا تستطيع التمييز بين القالب السكري والقالب الرمزي .
والجميل في القالب المغربي , هو انه رغم غلائه , فان المواطن المغربي الفقير , يستعمله ليل نهار لأنه قوته اليومي , وأنه لا يصاب بالمرض السكري . أما المواطن المغربي الذي تجاوز حده , ولجأ إلى أكل مال الحرام , واستغلال الضعفاء والمحتاجين , فان القالب المغربي الشهم والهمام , يتصدى له ويحاربه , ليجعله مصابا بالمرض السالف الذكر , كل طعامه ليس فيه أي ذوق من السكريات , وليحرمه من حلاوة وطعم الحياة اللذيذة والسعيدة . وأخيرا فهنيئا للعامل المغربي الذي صنع قالبنا على شكل هرم يعتبر الحجر الأساس في التغذية المغربية , وفي كل عاداتنا وتقاليدنا وأصالتنا .
محمد همشة .
دار ولد زيدوح في : 17/02/2012.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.