سعد غزغوز (صحافي متدرب) : وأنت تتجول بالمدينة القرية سوق السبت اولاد النمة في الجهة المقايلة لمفوضية الشرطة، يقابلك سور بعلو المتر و النصف بالكاد ترى من خلفه شكل نصف دائري وعبارة على مدخله كتب عليها الولي الصالح سيدي الحضري، وبجانبه رجل خمسيني يضع أمامه عربة صغيرة فوقها سجائر وعلب حلوى وبعض الشموع يظهر أنه يحرس المكان أكثر مما يبيع و يشتري، وخلفه مباشرة باب حديدي مقوس إنه بكل تاكيد مدخل الضريح. عبارة عن قاعة مربعة، تعلوها قبة دائرية الشكل، يتوسطها جامور من ثلاث كرات يعلوها هلال ؛ وتتخذ القاعة لونا احمر، عوض اللون الأبيض الذي كان سابقا. يتم الدخول إلى الساحة عبر باب خشبي، مكون من مصراعين، وهي مربعة الشكل طول كل ضلع سبعة أمتار، وارتفاعها متران ونصف . جدرانها مغطاة بحزام من الزليج "البلدي" يذكرنا بالحمامات الشعبية بالمنطقة، يغطي حوالي مترا وعشرين سنتيمترا؛ وما تبقى من الجدار مطلي بصباغة خضراء ، علقت عليها مجموعة من الأشياء منها: قماش أسود منقوش عليه آيات قرآنية، وعباراة الشهادتين، والتوحيد والإيمان، وصور المسجد الحرام والمسجد النبوي، والكعبة ، ولوحة كتبت عليها سيرة الولي وشجرة نسبه، التي ترجع للقرن السادس عشر. أما سقفه فتتوسطه قبة شعاع دائرتها حوالي مترين وخمسين سنتيمترا؛ وارتفاعها حوالي أربعة أمتار، تتدلى منها ثريا تحتوي على ثمانية مصابيح تنير المكان الذي تفعل فيه العوامل المناخية اثرها ، وهده القبة مزخرفة بنقوش وأشكال هندسية (دوائر، أنصاف دوائر، خطوط...). ويحيط بالقبة سقف من الجبص، تتوزع على زواياه الأربعة ؛أربعة مصابيح وتحتل أعشاش الطيور جزءا منها . وأرضية الضريح مغطاة بنفس الزليج الموجود على الجدار، وهي مفروشة بحصير بلاستيكي، وزرابي تقليدية الصنع، ووسائد، وسلائخ الغنم. وتضم القاعة ثلاثة قبور: وعلى الجهة اليسرى لباب القاعة يوجد قبر الولي الصالح سيدي الحضري، والى جانبه الأيسر يوجد قبر أخته لالة حليمة، وفي يمين القاعة يوجد قبر والده سيدي احمد الحاج. وهذه القبور الثلاث بزليج أبيض من النوع العصري ، ومغطاة بأغطية مختلفة الألوان منها الأخضر، و الأبيض، و الأسود، مع غلبة اللون الأول. يتميز قبر الوالي الصالح سيدي الحضري عن القبرين الآخرين : بهيكله الخشبي ( الضربوس ) المغطى بثمانية عشر ثوبا ، يعلوها ثوب أخضر به رسوم صفراء، وفوقه صندوقان صغيران، أحدهما مغلق وبه فتحة صغيرة توضع فيه النقود، والآخر مفتوح من الأعلى توضع فيه الهدايا : خاصة الشمع . أما خارج الضريح مايسمى بالحوش وهو عبارة عن ساحة يحيط بها سور قديم شرق الضريح ، وبداخله بقايا غرفتين غير مسقوفتين ، وبئر معطل، وجذع شجرة التوت ، كان الزوار يستظلون بها في الماضي. قربه هناك "لا لا زيتونة" المعروفة بكراماتها بين الزوار ،تحتها "خابية" كانت للشرب تكسوها خطوط سوداء من الأعلى "قطرانية" لطرد الزواحف السامة. وعلى بعد أمتار قليلة ، بمحاذاة قاعة الضريح على يمينك، و أنت خارج من الضريح شجرة شائكة"السدرة" . علقت بها مجموعة من التمائم، والملابس الداخلية للنساء، طمعا في الزواج وبعض مناديل الرأس، وخيوط حمراء، وأكياس بلاستيكية مليئة بشعر نسوي، بالإضافة إلى ملح يكسو الأرض.لكن حين تلقي نظرك تتراءى لك مقبرة، وامراة تثاقل بخطواتها بين القبور، يحيط بها سور كبير، تقول بحسرة على وضع الضريح، يظهر أنها هي المسؤولة عن الاستفادة من مداخيل الأسبوع التي تقسم على ثلاث عائلات، تقول المرأة: "أنها كانت مخصصة لدفن الموتى الغرباء؛ أو الوافدين على المنطقة، أما اليوم فقد أصبحت حكرا على الشرفاء الحضريين وموتى الأطفال" الشجرة المعلقة بالضريح سيدي الحضري بن أحمد، تقول الرواية الشفوية التي استقيناها من حفدة الولي: " أنه عاصر سيدي علي بن إبراهيم دفين أكرض، كما يجهل العمر الذي عمره سيدي الحضري. إلا أن المعروف هو أنه مات أعزب، ولم يتزوج." و للشيخ سيدي الحضري كرامات حسب الرواية الشفوية ، يمكن إجمالها في مايلي : 1- السحابة: كانت سحابة تظلله، وتحميه من أشعة الشمس. 2 - دعاءه المستجاب: واقعة الحبابيس 3- شجرة لالة الزيتونة: وهي عبارة عن زيتونة ، وقد ارتبط ظهورها بقدوم سيدي الحضري إلى المنطقة. 4-كرامة الأفعى:عندما كانت أشغال تجديد بناية الضريح جارية. خرجت أفعى من قبر الولي سيدي الحضري . ومنعت العمال من العمل وظلت تطوف به. ولم تنصرف إلا بعد تقديم قربان ودبحه داخل الضريح . - احتفاظ بئر سيد الحضري بمائها : رغم جفاف باقي الآبار "كاع البيار يوكحوا . وبير سيدي الحضري ما يوكح ". ونلمس تاثير الولي على مستوى المدينة في اطلاق اسمه على مؤسسة تعليمية و مسجد وحي ،ربما كان ذلك من خلال افتقار المنطقة لرموز يمكن ان تشغل هذا الحيز. احتفالات الولي الصالح كانت تقام من خلال سوق اسبوعي كل خميس ،والأعياد الدينية التي كانت تجمع سكان القرية بالمحيط في غياب إشعاع الولي خارج الإقليم الدي ظل منحصرا فيه وموسم سنوي خاص به توقف عن الانعقاد إذ كان يعقد في الأيام الثلاثة قبل موسم شيخه سيدي علي بن ابراهيم .