أصدر "مرصد الريف للتنمية" بلاغًا أعرب فيه عن بالغ قلقه وانشغاله إزاء وفاة النزيل (ر.ب) بالسجن المحلي بوجدة بتاريخ 11 ماي 2025، في ظروف تُحيط بها شبهات قوية بالإهمال الطبي والتقصير الإداري، معتبرًا أن الواقعة تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية بشأن احترام الحق في الحياة داخل المؤسسات السجنية. وأشار البلاغ إلى أن الضحية، وهو شاب حديث الزواج وأب لطفل صغير، كان على وشك إنهاء فترة عقوبته السجنية التي امتدت لعشر سنوات، بالإضافة إلى سنة إضافية بموجب متابعة من إدارة الجمارك. إلا أن أسرته فوجئت بانقطاع أخباره بشكل مفاجئ يوم 11 ماي، دون أن تتلقى أي إشعار رسمي من إدارة السجن، قبل أن يصدم والده بخبر الوفاة أثناء زيارته للمؤسسة يوم 22 ماي، أي بعد 11 يومًا من وقوعها، ما خلف صدمة إنسانية عميقة داخل الأسرة. واعتبر المرصد أن هذا التأخر في الإبلاغ يشكل خرقًا واضحًا للمادة 24 من القانون رقم 23.98 المنظم للمؤسسات السجنية، والتي تُلزم الإدارة بإشعار الجهات المختصة وذوي المعتقل فورًا في حالات الوفاة أو الحوادث أو الأمراض الخطيرة، كما أنه يتعارض مع مقتضيات المادة 73 من المرسوم الوزاري لوزارة العدل، التي تشدد على ضرورة إشعار الجهات المعنية بحالات الوفاة خاصة إذا كانت الأسباب مشكوكا فيها أو غير معلومة. وفيما أشارت المندوبية العامة لإدارة السجون في بلاغها إلى إرسال تلغرام بريدي وتعذر الاتصال الهاتفي، شدد مرصد الريف على أن هذا لا يعفيها من مسؤولية الإشعار الفوري الفعال، متسائلًا عما إذا كان النزيل قد أُعيد إلى السجن رغم تدهور حالته الصحية، في خرق لمبدأ السلامة الجسدية والحق في الرعاية الطبية. البلاغ أشار أيضًا إلى عدد من النصوص القانونية التي يُحتمل أن تكون قد خُرقت، من بينها الفصل 432 من القانون الجنائي المتعلق بالقتل غير العمد الناتج عن الإهمال، والفصل 431 بشأن الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر، بالإضافة إلى الفصلين 225 و231 المتعلقين بامتناع الموظف العمومي عن أداء واجبه، وسوء المعاملة أو الإهمال المؤدي إلى الوفاة داخل مؤسسة عمومية. وبناء على ما سبق، دعا مرصد الريف للتنمية إلى فتح تحقيق قضائي عاجل ومحايد تحت إشراف النيابة العامة المختصة لتحديد المسؤوليات الجنائية والإدارية، وتمكين الأسرة من جميع الوثائق والتقارير الطبية، وإخضاع الجثة لتشريح طبي محايد، مع مراجعة عاجلة لمساطر الإشعار الإداري في حالات الوفاة. كما طالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بفتح تحقيق ميداني مستقل حول مدى احترام المؤسسة السجنية للمعايير الوطنية والدولية، خاصة قواعد نيلسون مانديلا الخاصة بحقوق السجناء. واختُتم البلاغ بالتأكيد على أن ما وقع لا يجب أن يُسجل كحادث معزول، بل يستدعي فتح نقاش ومساءلة شاملة بشأن مسؤولية الدولة في حماية حياة السجناء وضمان كرامتهم، مشددًا على أن إنصاف هذا الشاب يبدأ بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن التقصير.