اعتبر رئيس جمعية نادي الصحافة بني موسى حسن المرتضي خلال الندوة الفكرية حول دور الثقافة في التنمية البشرية التي انعقدت يوم الجمعة 16 شتنبر 2005 بفضاء النخيل المطلة على ضفاف أم الربيع بجماعة سيدي عيسى بن علي على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ورش القرن يجب على الجميع أن ينخرط فيه بعيدا عن الأنا وقد اخترنا مجموعة من الأساتذة الأكفاء لإنجاحها كالأستاذ عبد الكريم الجويطي مندوب وزارة الثقافة ببني ملال و الأستاذ محمد الرحيمي و الدكتور أحمد كازا وفي تدخل الأستاذ المحاضر عبد الكريم الجويطي مندوب وزارة الثقافة اعتبر هذه الندوة تنعقد في إطار سياق وطني, هذا السياق التي أطره الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 18/05/2005 و بعد ذلك جاء خطاب العرش ليعمق فلسفة هذه المبادرة الوطنية و التي دعا من خلالها الحكومة إلى تقديم برامج ملموسة وواقعية و فاعلة معتبرا إياها فلسفة للتدبير و ليست مبادرة إجرائية طالبا من الجميع التداول فيها من السياسي و الاقتصادي و الثقافي والمجتمع المدني... و أكد على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليست مبادرة للإحسان ( خيرية ) بل عملية إدماج في مسلسل التنمية باستمرار و اعتبر الثقافة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها إنجاح التنمية البشرية و ليست تلك الثقافة التي أصبحت شائعة و متداولة في الحارة و الفضاءات البعيدة عن الإنتاج الثقافي التي تجدها في الأجساد, فهذا المفهوم للثقافة مفهوم خادع و انتقل الإستاذ المحاضر إلى التعريف بمفهوم الثقافة هي كل الأشياء التي استطاع بها الإنسان أن ينفصل بها عن الحيوان كما اعتبرها شيء جاء لتطويع الطبيعة لصالح الإنسان إلى غير ذلك من المفاهيم بعد ذلك رجع الأستاذ المحاضر إلى مفهوم التنمية وقال بأنه مرتبط بمفهوم développement أو التطور البشري حتى أصبحت التنمية إشكالية تطور مع الثورة الصناعية , الخيرات, المكننة ... معطيا أمثلة عديدة عن التنمية البشرية و أخد مثال الهنود الذين كانوا يعتبرون الطبيعة بمثابة أم فالعالم اليوم قطع مراحل عديدة حتى أصبح الخيار الليبرالي خيار الجميع بما فيه المعسكر الشرقي بحيث أصبح اقتصاد السوق هو الذي يتحكم في العالم و ليس بوش من يحكمه إنها الشركات البترولية حتى أصبحت السلعة لها قيمة عن الإنسان فصندوق النقد الدولي يقول الأستاذ بأنه أصبح يتحكم في سيادة الدول بل سيادة الوطن مشبها هذا العالم بالقطار من لم يحضر في الوقت المناسب ... وكما قال عبد الله العروي هذا العالم لا ينتظر أحدا و قال بان العالم الذي يقوم على التطور فله ما يعترضه و أعطى مثالا عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت في ظروف اقتصادية صعبة وهناك مقاومات أخرى تأتي من المسألة الثقافية , هوية الشعوب لذا وجب حماية ثقافة الشعوب و محاربة الفقر و التهميش في إطار مبادرات احترام الشعوب و أكد على أن مسألة التنمية بالنوايا الخيرية أصبحت متجاوزة و أعطى مثالا بالصين و الأممالمتحدة الدين كانوا ينفقون ما يفوق 500 مليون دولار في المجال الصحي و الطرق ... و النتيجة لا شيء بمعنى تحاول أن تغير وضع الناس الاجتماعي في الوقت لا تغير وضعه الثقافي لذلك فكر مجموعة من الناس في الأممالمتحدة عن طريق اليونسكو جعل العشرية 1988-1998 عشرية الثقافة و أعطى مثالا عن تجربة التصنيع في الجزائر التي أصبحت اليوم ( خردة ) بحيث أصبح البترول لديه نهاية و الدول التي تقدمت إستتمرت في العنصر البشري ففاطمة مرنيس إستتمرت في جبل توبقال بحيث خلقت مجموعة من الأحواض السمكية التي كان لها الوقع الكبير على حياة المنطقة سواء على المستوى المادي أو الغذائي لما يحتويه السمك من بروتينات و أعطى مجموعة من التجارب الأخرى كزاوية الشيخ التي أصبحت بعض الجمعيات تستثمر في قطاع المعز , متأسفا الأستاذ المحاضر على كون المغرب يزخر بإمكانيات هائلة كالمخازن الجماعية - فخور,النقوش الصخرية, الجبال , الشمس , البحر, الزوايا كزاوية أحنصال , زاوية تناغملت – لكن الدولة لم تستثمر في العنصر البشري الذي هو أساس كل تنمية و ختم الأستاذ على أنه لا تنمية بدون ثقافة و في مداخلته أكد الأستاذ محمد كازا معتبرا قضية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من القضايا الاجتماعية و الفكرية و السياسية و أتت في وقت يعرف فيه المجتمع المغربي لحظة تنوع لكن السؤال الذي يمكن أن يثار مسألة التنمية من جانبها الإنساني أي الثقافي بحيث اعتبر التنمية ليست معطى جديد بل قضية تناولها مفكرون و فلاسفة عبروا عنها بطرق فنية بالشعر,بالكتابة...بحيث كانت التنمية قديما ترتبط بالمدينة فيما بعد ارتبطت بالدولة انطلاقا من منضور التنوير و العقلانية فأفلاطون تكلم عن المدينة و المجتمع الغربي اليوم يعتبر أن العالم تحول إلى قرية صغيرة مما دفع الإستاذ المحاضر القول إن هذه مفارقة غير صحيحة بحيث مفهوم المدينة اليوم ليس هو مفهوم مدينة الأمس فمسالة هذا عالم ثالث و هذا عالم متقدم حدث الصدمة حدث يحس به الفقير و الضعيف عالم يواكب مسار العولمة وعالم ينتظر. هناك قفزة للمعرفة أصبح الإنسان منتج لها بل مفروضة عليه و لا يمكن أن نبلور معرفة آو ثقافة بدون حرية و أن التنمية هي التي تعطي الحرية و قال الأستاذ المحاضر بان عملية الدمج ما هو ثقافي في التنمية أصبح مسالة ضرورية لا محيد عنها فالثقافة مرتبطة بالشخصية فعندما تنهدم الشخصية يسقط كل شيء و أعطى مثالا على دلك بمدينة املشيل التي كانت تعرف بسوق عام و تحولت اليوم لالتقاء الثقافات و الهويات و رجع الأستاذ المحاضر إلى مفهوم التنمية و قال إن التنمية التي نتكلم عنها هي التي تفكر في المهمش المقصي وعندما تنحصر التنمية في المركز تبقى معاقة لدى يجب إخراجها من المركز الذي يشكل عمقا فعلينا إعادة النظر في الجغرافيا والمركز والمحيط و إعادة الحوار بين من يملك المال و من يملك الثقافة لان من يملك المال و لا يملك الثقافة لا يملك شيئا.معتبرا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثورة على القديم تبدأ من الأسرة, من الحي , من المجتمع المدني , من الأحزاب السياسية أنذاك سوف نحقق ما نصبو إليه جميعا كما حان الوقت لإعادة النظر في مسؤولية كل جهة وقال بأن أول شرط لإنجاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هو 1- عدم إهدار المال العام معتبرا هدره وراء تهميش الثقافة بحيث كانت زائدة و هي ظاهرة غير صحية. 2- محاربة المصلحة الشخصية و تغليب المصلحة العامة. فهناك قضايا عديدة تستدعي التفكير لذا و جب انخراط الجميع في تنمية الجهة و تنمية الأطر التي تريد أن تعمل جادة فالمبادرة مبادرة الجميع. أما الأستاذ محمد الرحيمي أكد في مداخلته على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فتحت أمالا عريضة لشرائح اجتماعية واسعة بالرغم من كون المغرب احتل حسب الوكالة الدولية للنماء المرتبة 142 مذكرا بهذا الرقم لمعرفة مستوى الخصاص الاجتماعي الذي يعاني منه المغرب خصاص تراكم عبر عقود متتالية خلت و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت للإجابة على هذا الخصاص و على التحديات التي يطرحها الفقر و الإقصاء و التهميش في مختلف ربوع المملكة معتبرا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فلسفة جديدة و مقاربة جديدة لتدبير معظلة الفقر و الإقصاء و التهميش كما تعتبر منهجية جديدة تعتمد العقلانية و حسن تدبير الموارد وفق خطة مضبوطة تنطلق مما هو محلي و إقليمي و جهوي تم ما هو وطني في إطار تنمية مستدامة و مندمجة و قد وضعت لهذا الغرض مجموعة من الآليات تتداخل فيها الإدارة و الجماعات المحلية و المجتمع المدني و القوى الحية للبلاد كما تعد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثقافة جديدة تجعل من الإنسان المغربي الهدف و الغاية لإخراجه من العجز الاجتماعي الذي يعاني منه و يمكن إجمال هذه الثقافة في ما يلي 1- المبادرة الوطنية تأسس لثقافة التضامن و الانفتاح. 2- المبادة الوطنية تعتمد فلسفة و ثقافة حقوق الإنسان. 3- المبادرة الوطنية تغرس ثقافة المواطنة الإيجابية. 4- المبادرة الوطنية تجعل الفرد في خدمة الجماعة و الجماعة في خدمة الفرد. و بشكل أجمل تجعل المجتمع في خدمة الدولة و الدولة في خدمة المجتمع لمواجهة كل التحديات في هذا الباب ولكن يبقى دائما هناك سؤال يطرح نفسه يقول الأستاذ المحاضر هو من أين يجب أن نبدأ لتفعيل المبادرة الوطنية لقد أجاب على هذا السؤال من خلال الاقتراحات الآتية 1- تحديد الخصاص و العجز الاجتماعي محليا أولا جهويا ثانيا ووطنيا تالتا. 2- اعتماد إحصائيات موضوعية و تحيينها. 3- إشراك جميع المستهدفين بشكل مباشر و فعال في إنجاز المشاريع المقترحة 4- اعتماد آليات الحوار و التشاور تفعيلا لسياسة القرب. و يعود الأستاذ ليطرح السؤال عن دور الثقافة في التنمية البشرية التي تطرحها المبادرة الوطنية ؟ مجيبا عن السؤال كون الثقافة تعتبر المدخل الأساسي لكل تنمية مستدامة و مندمجة تنطلق من الإنسان و تنتهي عند الإنسان و المقصود بالثقافة هنا هو مجموع العادات و التقاليد و الرموز التي من خلالها يرى الإنسان نفسه و العالم المحيط به و على ضوءها تتحدد الأولويات لديه في كل ممارسة فردية أو جماعية انطلاقا من: 1- التربية على حقوق الإنسان و العدالة الاجتماعية. 2- التربية على قيم الديمقراطية و الانفتاح و التسامح. 3- التربية على قيم التضامن و التشارك. 4- التربية على الحوار البناء لإثراء ثقافة التنمية التي تصب في اتجاه الإنسان و من الإنسان و اعتبر الأستاذ بأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت في فضاء العولمة التي أصبح للغرب فيها الدور الحاسم في التوجه الدولي هذا الغرب الذي كما قال داريوش شيفان لا يصدر إلينا من سلعة إلا ثقافته. من أجل الهيمنة والسيطرة في كل أبعادها السياسية و الاقتصادية و الثقافية حيت أصبح العالم في زمن العولمة لا يقتصر على الكرة الأرضية بل الكرة الأرضية + الفضاء و من سيطر على الفضاء سيطر على الأرض بكل إمكانياتها المادية و البشرية متسائلا كيف الدخول إلى العولمة و نحن نفكر في التنمية البشرية من خلال المبادرة الوطنية مجيبا بأن الدخول إلى العولمة ينطلق من الإنسان بمعنى يجب التركيز على الإنسان و اقتحام تحديات العولمة بالإنسان المغربي الذي أثبت قدرته على الانفتاح و الفعل الإيجابي في محيطه الاجتماعي و الإقليمي و الدولي و هذه هي الفلسفة التي أتت بها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإرادة ملكية سامية من خلال الخطاب التاريخي لجلالته يوم 18-05-2005 و الذي سيظل محطة كبرى و لا شك في تاريخ المغرب الحديث و المعاصر بل انطلاقة فعلية لمغرب الحداثة و الديمقراطية و التنمية المستدامة التي تجعل من الإنسان المغربي القيمة و الهدف.