غزة.. الجيش الإسرائيلي يوقع عديد القتلى في قصف على القطاع ويستعيد جثتي رهينتين كانتا لدى حماس    أكثر من 1.6 مليون مسلم يؤدون الركن الأعظم للحجّ على جبل عرفات    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع المدرب الإيطالي إنزاغي بعد رحيله عن إنتر ميلان    بعد 5 سنوات.. الرجاء الرياضي يعلن عودة بانون إلى صفوفه    بعد استفحال "الجنوح الدراجي"... حملة أمنية موسعة لمحاربة "السيبة" بطنجة    إيقاف 4 اشخاص ينشطون في تزوير أرقام السيارات ومعطياتها التقنية ووثائق ملكيتها لبيعها في الأسواق    كيوسك الخميس | المغرب يسارع الخطى للتحول نحو السيارات الكهربائية    سلطات الحسيمة تواصل حملات تحرير الملك العمومي بأهم شوارع المدينة    الوزير قيوح يُعفي الكاتب العام لوزارة النقل واللوجستيك ومدير الطيران المدني    قبل انطلاق مونديال الأندية.. لقجع يحفّز لاعبي الوداد في مركب محمد السادس    المنتخب البرتغالي يبلغ نهائي دوري الأمم الأوروبية بفوز ثنائي على ألمانيا    الرئيس الأمريكي يوقع قرارا يمنع دخول رعايا 12 دولة بينها ليبيا والسودان واليمن    المغرب يسرّع تعميم محطات شحن السيارات الكهربائية استعداداً لكأس العالم 2030    تقرير جديد لمندوبية التخطيط: بوادر انتعاش في الصناعة والبناء    الصين والمغرب يتصدران موانئ العالم في الكفاءة اللوجستية... وتفوق واضح على دول كبرى    أجواء حارة في توقعات طقس الخميس    الدورة 26 لمهرجان كناوة بالصويرة.. الكشف عن الفنانين المنتظرين على منصتي الشاطئ وبرج باب مراكش    المنتخب يتنقل اليوم الخميس إلى فاس    مغنية يعدل التحضير لمونديال الفتيات    الركراكي يستدعي زحزوح للمنتخب    ساكنة طنجة تُشيد بحملة تحرير الملك العمومي.. وتطالب بتعميمها على جميع الأحياء دون استثناء    في يوم عرفات.. ضيوف الرحمن يتوافدون لأداء الركن الأعظم بخشوع وإيمان    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    مؤتمر علمي بالدوحة لاستنطاق الإعلام العالمي حول حرب غزة    كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة.. المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب البرازيل وإيطاليا وكوستاريكا    فرنسا تشكر المغرب    الجزائر تقترب من مغادرة مجلس الأمن.. والمغرب يحشد "أصدقاء جددا"    وهبي يترأس ملتقى "سفراء إفريقيا"    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالقنيطرة حفل تخرج الفوج 25 للسلك العالي للدفاع والفوج 59 لسلك الأركان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    حملة على محلات اللحوم بسوق السبت    "مجموعة العمل" تأمل تيسير مصر لمشاركة المغاربة في المسيرة العالمية إلى غزة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    عيد الأضحى في السجون دون ذبح الأضاحي وبرنامج غذائي خاص للسجناء    الأستاذ الفنان الراحل الحاج أحمد عبد السلام الطود علم الموسيقى الأندلسية بالعرائش    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني بحضور الأمير مولاي رشيد    الأغلبية الحكومية تشيد بتماسك مكوناتها وتطابق مواقفها تجاه جميع القضايا وتحيي المعارضة "المسؤولة"    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13        بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    المغرب يستعد لصيف سياحي تاريخي في 2025    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    يوميات حاج (5): "يوم التروية" في مِنى .. مقام النيّة ومهد السكينة    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون        على هامش تصريح بنكيران بين الدين والسياسة: حدود الفتوى ومسؤولية الخطاب العمومي    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    توتر بين الصيادلة ووزارة الصحة بعد إعلان مراجعة تسعيرة الأدوية دون تشاور    أكثر من مليون مسلم يبدأون الحج    مقتل 12 فلسطينيا في قطاع غزة    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة        السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    









بورتري. عبادي محمد...قائد جماعة "العدل والاحسان" بلا مفاتيح
نشر في كود يوم 26 - 12 - 2012

كان اليوم يوما حزينا، بل هو أكثر الأيام حزنا في تاريخ جماعة "العدل والإحسان". مات الشيخ، المربي والقائد، توفي عبد السلام ياسين، مرشد الجماعة. يومها كان أعضاء الجماعة، يشيعون جثمان مؤسس أكبر تنظيم معارض للدولة إلى مثواه الأخير، وسؤال خلافته يؤرق رجال السياسة والإعلام ومريديه أكثر من قيادات الجماعة، والماسكين بخيوط تركيبتها التنظيمية. أكثر من أي وقت مضى، عاد سؤال خلافة الشيخ على رأس الجماعة، من يا ترى سيخلف الفقيد عبد السلام ياسين؟ وهل يمكن أن تؤثر وفاته على مواقف الجماعة على المستوى السياسي ومقاطعتها للمؤسسات الدستورية؟ تناسلت الأسئلة قبل أن يأتي الجواب المنتظر، بقرار مجلس الشورى، غير المعروف أصلا عدد أعضائه وهوياتهم، عن "اختيار" العبادي خليفة لعبد السلام ياسين، وإن كانت خلافة ياسين على رأس الجماعة أصعب مهمة بأي قيادي بارز في صفوفها، لهذا سمي القائد الجديد لسفينة "العدل"، بالأمين العام للجماعة وليس المرشد العام.

توافق الأجيال والتيارات

انتقل، إذن المرشد العام إلى دار البقاء، عاش محمد العبادي أمينا عاما للجماعة. نهاية حتمية لمسار طبيعي انطلق مع تغيير بنود وفصول في المنهاج النبوي، لم يعلم بها إلا الراسخون في "العدل والإحسان"، وانتهى حتى قبل وفاة الراحل عبد السلام ياسين. كان واضحا أن العبادي سيخلف عبد السلام ياسين على رأس "العدل والإحسان"، بكونه أحد رجالات التربية داخل الجماعة إذ أنيطت به مسؤولية الإشراف على لجنة التربية في الجماعة، ومن بين المؤسسين الأوائل للجماعة والذين رافقوا عبد السلام ياسين، بالإضافة إلى الراحلين أحمد الملاخ والعلوي السليماني، وأيضا لأن الجماعة تتمتع بقوة تنظيمية كبيرة في الجهة الشرقية التي ينتمي إليها محمد العبادي. إشارات كثيرة بعثت بها الجماعة حتى قبل وفاة ياسين بسنوات قليلة، لعل أبرزها تكليفه بمهام قد تبدو ظاهريا عادية، ولكنها حملت حينها إشارات بكون "الخليفة" المنتظر لمرشد الجماعة الراحل لن يكون إلا محمد العبادي. لهذا تم تهيئ العبادي قبل التاريخ الموعود لخلافة ياسين بسنوات عديدة ضمانا للاستمرارية وسيادة لمنطق التوافق، خصوصا أن دور الراحل عبد السلام ياسين ظل رمزيا خلال السنوات القليلة الماضية قبل وفاته، وحالته الصحية لم تكن تؤهله للوقوف على تدبير شؤون الجماعة.

رغم ذلك، فأمام العبادي مهام جسيمة داخل الجماعة، فمن جهة عليه أن يواكب العمل التربوي الذي قامت عليه الجماعة منذ تأسيسها ويشكل لها صمام أمان كبير من "مضايقات" الدولة لأنه يحصنها بنسبة كبيرة من الاختراقات، ومن جهة ثانية ضمان توافق الأجيال والجهات والحفاظ على وحدة الجماعة وتجديد خطها السياسي أيضا، الذي أصبح مطلبا للعديد من شبابها القادمين من القطاع الطلابي. وما تعيين فتح الله أرسلان، رجل التنظيم والسياسة والناطق الرسمي باسم الجماعة، نائبا للأمين العام الجديد، إلا تجسيدا لهذا التوافق، الذي هو أولا توافق بين الجهات (ثنائية الهامش والمركز) وتوافق الأجيال، وتوافق للتيارات الثلاثة التي تخترقها، تيار عائلة الشيخ والمؤسس ممثلا في ابنته نادية ياسين وزوجها عبد الله الشيباني ومنير الركراكي والرافض لكل تقارب مع الدولة والدخول في لعبة المؤسسات، وتيار الشباب الذي عاشوا تجربة النضال داخل أسوار الجامعة المغربية ولم يعيشوا تجربة الاعتقال والتأسيس مع المؤسسين الأوائل ويظهر نشاط أعضائه بقوة داخل الدائرة السياسية للجماعة التي أسست لاحتواء مطالب شباب الجماعة، بالإضافة إلى التيار التربوي الذي يمسك بخيوطه محمد العبادي.

التوافق وتجديد الخط السياسي

هذا التناقض بين الأجيال، بدا جليا مثلا، خلال الرسالة، التي وجهها عبد الله الشيباني إلى عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، التي كانت تحمل بين كلماتها رسائل عديدة موجهة إلى داخل الجماعة، ومعناها بصريح العبارة، أن نجلة الشيخ ياسين التي كان يتحدث عبد الله الشيباني بلسانها، عندما تحس بأي تقارب بين الجناح السياسي للجماعة والدولة، فإنها كانت ترى فيه ما يشبه "انقلابا" على أبيها.

اختيار الجماعة لمنطق التوافق بين مكوناتها وقياداتها البارزة، يجعل من السهل القول، إنها تعيش ما يشبه مرحلة انتقالية يسودها نوع من الضبابية على مستوى الخط السياسي، وسيكون فيها الجدل الفكري واسعا حول تفسير وإعادة قراءة كتابات وأدبيات مؤسسها عبد السلام ياسين، وأمام هذا الوضع فإن ظهور توجه إصلاحي داخل الجماعة فيما بعد، راغب في الدخول إلى المؤسسات يبقى أمرا واردا جدا، خصوصا إذا وجد مصوغات كافية من تراث الجماعة، قادرة على إقناع أعضائها بحتمية طرحه، وبالتالي الخروج من منطق الجماعة الإسلامية المعتمدة على القوة المضادة التي تعيد إنتاج سلوك الدولة، والتي من طبيعتها التوفر على جهاز لتجميع المعطيات حول المعارضين وحتى غير المعارضين. وهنا لا يجب أن ننسى تصريح منسوب إلى فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم الجماعة قبل أكثر من عشر سنوات قال فيه بأن "إمارة المؤمنين مسألة فقهية ينبغي أن يتصدى لها العلماء وليس أي كان"، كما لا يجب أن نغفل مضامين أحد أهم الوثائق الصادرة عن الدائرة السياسية لجماعة "العدل والإحسان" وهي نداء "جميعا من أجل الخلاص"، التي قدمت جردا لمختلف المشاكل التي تتخبط فيها البلاد على جميع المستويات، لكن أهم القراءات التي قدمها المتتبعون ، لمضامين هاته الوثيقة حين صدورها ، كون الجماعة أصبحت تتحدث من داخل النظام السياسي وليس من خارجه، لدرجة يخال فيها المرء أن الجماعة هي تنظيم سياسي إصلاحي وليست تنظيما معارضا للدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.