حرب حقيقية تلك التي دارت رحاها في العديد من الأحياء الشعبية بمدينة الدارالبيضاء.. حرب من أجل النار، تقاسم أطوارها طرفان: طرف أول تشبث بالنيران ودافع عن إشعالها احتفاء بعاشوراء وتخليدا لذكراها التي تمثل ذكرى للفرح والانبساط والأكل عند المغاربة وذكرى للألم والحزن عند طوائف أخرى من المسلمين. وليست النيران إلا تتويجا لهذا الفرح لأن حرق إطارات العجلات المطاطية يزيل "النحس" ويبطل السحر، ويعود بصفاء النفوس والراحة على المشاركين فيها. وطرف ثان يرفض هذه النيران التي تكاد تخنق الأنفاس، وتنشر الرعب، وتهدد سلامة الكبار والصغار، لذلك لا يتوانون في العمل على إطفاء هذه النيران بكل ما أوتوا من قوة ووسائل. وعند هذه النقطة بالذات تكون المواجة قد بلغت ذروتها، لأن مشعلي حرائق عاشوراء أو "شعالة" يدافعون على استمرار ارتفاع ألسنتها عاليا، مساهمين في ازدياد أوراها، واصفين من يقدم على إطفاء النيران بالساحر ابن الساحرة الذي يسعى للحفاظ على عمله الشيطاني، الذي تبطله النار، متناسين أن أدخنة النيران الداكنة السواد تضاعف المصاعب الصحية لمن يعانون من ضيق في التنفس، أما السحر فيبقى عملا يشل العقول فقط.. لذلك ارتفعت أصوات الشبان ليلة الاثنين صادحة مرددة بمل الأفواه: "وا بانوا آلسحرا بانوا"، إيذانا منهم لرفع التحدي الذي يتوهموا أن النار المشتعلة في المطاط ستبطله..!!!