كشف تحقيق لوحدة تابعة للحرس المدني الإسباني (UCO)، ضمن ما يُعرف إعلاميًا ب »فضيحة 2% » أو « قضية كولدو »، عن شبكة معقّدة من الوسطاء والسياسيين ورجال الأعمال الإسبان، حاولوا استغلال نفوذهم داخل الحكومة الإسبانية للتأثير على مشاريع بنية تحتية كبرى خارج البلاد، من بينها مشروع ميناء صناعي بمدينة القنيطرة بقيمة تناهز 5 مليارات درهم. الوثائق ترسم ملامح محاولة توظيف الزيارات الرسمية والعلاقات السياسية من أجل تمكين الشركة الإسبانية العملاقة Acciona من الفوز بعقود في المغرب، عبر اتفاق يمنح شركة صغيرة مرتبطة بمسؤول في الحزب الاشتراكي الإسباني عمولة بنسبة 2% من الأرباح المحتملة. وتؤكد كل التقارير الرسمية أن التحقيق يستهدف أطرافًا إسبانية فقط، بينما لم تُوَجَّه أي تهمة للمسؤولين المغاربة الذين وردت أسماؤهم في المراسلات الداخلية للشبكة. في قلب القضية توجد شركة صغيرة تُدعى Servinabar 2000 SL، يملك سانتوس سِردان—القيادي البارز في الحزب الاشتراكي الإسباني—حصة غير مُعلنة فيها. الشرطة الإسبانية تؤكد أن Servinabar كانت تتلقى 2% من قيمة العقود التي تفوز بها Acciona في عدة مشاريع داخل إسبانيا. الوثائق تكشف أن هذه الآلية توسعت دوليًا، وعلى رأس الوجهات: المغرب. زيارة رسمية إلى الرباط قبل يومين فقط من زيارة وزير النقل الإسباني آنذاك، خوسيه لويس آبالوس، إلى الرباط في يناير 2019، وقّع مُمثِّلا Acciona وServinabar مذكرة تعاون تضمن للأخيرة 2% من أرباح الشركة في حال فوزها بمشروع الميناء الصناعي بالقنيطرة. كيف ورد اسما الوزيرين المغربيين في الملف؟ 1) عبد القادر اعمارة – وزير التجهيز والنقل حينها ورد اسم عبد القادر اعمارة في رسالة داخلية أرسلها سانتوس سِردان إلى كولدو، قبل أيام من زيارة آبالوس للمغرب. وقد تضمنت عبارة: "يجب التواصل مع الوزير اعمارة... فهو المفتاح في هذا الملف". وحسب التحقيق الإسباني، ذُكر الاسم في سياق داخلي بين الوسطاء الإسبان، باعتبار أن وزارة اعمارة هي الجهة المشرفة على ملفات الموانئ والطرق. لكن الوثائق لا تُشير إلى أي لقاء خاص غير رسمي، ولا إلى أي قبول من الوزير لأية مقاربة غير قانونية. كما أن مضمون الزيارة الرسمية كان معلنًا، وجرت في إطار برنامج حكومي عادي. أما عزيز رباح وزير الطاقة والمعادن فورد اسمه في نفس المراسلة، مع تعليق من سِردان: « هو شخص موثوق جدًا ». التقرير الإسباني يفسّر استخدام هذه العبارات بأنها لغة استعملت داخليا بين أفراد المجموعة الإسبانية لاستعراض "علاقات مفترضة" تسمح لهم بإظهار قوتهم أمام شركة Acciona، بل وحتى استخدامها "كذريعة" لإقناع الشركاء بأنهم قادرون على فتح الأبواب الحكومية. لكن لا وجود لأي دليل على أن رباح كان على علم بهذه التحركات، ولم يرد في أي وثيقة ما يشير إلى تواصل غير رسمي بينه وبين الأطراف المتورطة. ولم يرد ذكر أي مكالمة، مراسلة، اجتماع سري، أو مبادرة تشير إلى أن المسؤولين المغاربة كانوا على علم بالمشروع الذي يمنح "2%" كعمولة.