تراجع ممارسة شعيرة عيد الأضحى بالمغرب وسط الأسر الميسورة والاكثر تعليما    ريال مدريد يعلن مشاركته في كأس العالم للأندية لكرة القدم العام المقبل    الحكم على ثلاثة مشجعين لفالنسيا بالسجن ثمانية أشهر بسبب إساءات عنصرية ضد فينيسيوس    بنموسى: المنظومة التربوية وفرت كل الظروف الملائمة لتيسير اجتياز امتحانات الباكالوريا    لارام تستعد لاقتناء 200 طائرة جديدة    الحصيلة العددية لانتخابات البرلمان الأوروبي تضع القارة وسط "زلزال سياسي"    بلينكن يطالب ب "الضغط على حماس"    مجلس الحكومة ينعقد بعد غد الأربعاء    الصغيري يكتب: مأزق الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية    الركراكي يعقد ندوة صحفية قبل مباراة الكونغو.. وهذا تاريخ مواجهات المنتخبين    الملك محمد السادس يبارك عيد البرتغال    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    بوابة تعزز الخدمات الاجتماعية للأمن    تقرير رسمي يحذر من تفاقم الاستغلال المفرط وغير المشروع للمياه في ظل محدودية آليات التنظيم والمراقبة    استعدادات مكثفة بتطوان والنواحي مع اقتراب وصول الملك محمد السادس    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    مندوبية التخطيط: أضحية عيد الأضحى تمثل 41% من الاستهلاك السنوي للأسر المغربية    اتفاقية شراكة بين مجلس النواب والوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي لتعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين قبل عيد الأضحى    طيب حمضي ل"رسالة24″: احتمال إنتشار فيروس انفلونزا الطيور ضعيف جدا    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة.. الفيلم الكونغولي «متى يحل عهد أفريقيا» لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    العشرات يشاركون في كاستينغ المهرجان الوطني للمسرح والكوميديا ببنسليمان    المحامون يدعون لوقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    مصرع عامل موسمي أثناء صباغته لرصيف والسلطات توقف سائق حافلة    القطاعات الاجتماعية في قلب الاهتمامات النقابية لنقابة حزب الاستقلال بالحسيمة    اقتراع وطني يحسم في وساطة حكومية لإنهاء أزمة طلبة الطب والصيدلة    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    ستيني يُجهز على شقيقته    من سيحسم لقب البطولة الجيش أم الرجاء؟    وليد الركراكي يلتقي بالصحافة قبل مواجهة الكونغو    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    دلالة ‬استنكار ‬المغرب ‬بقوة ‬الاقتحامات ‬المتكررة ‬للمسجد ‬الأقصى ‬ورفضه ‬المطلق ‬لتقويض ‬الوضع ‬القانوني ‬و ‬التاريخي ‬للقدس    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    يدعم مقترح الهدنة في غزة.. واشنطن تدعو مجلس الأمن إلى التصويت على مشروع قرار    تصنيع السيارات.. الصين تتجه نحو المراهنة على المغرب    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    علم التجهيل أو الأغناطولوجيا    المغرب يتجه لتحقيق اكتفائه الذاتي من البترول بحلول منتصف 2025    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    أسعار الأضاحي تحلق بعيدا عن قدرة المستهلكين .. الاستيراد يفشل في كبح الأسعار    لبنان تندد بمخرجات ندوة ببيروت أسيء فيها للمملكة وتجدد تأكيدها لمغربية الصحراء    بعد استقالة غانتس وآيزنكوت من مجلس الحرب.. ما خيارات نتنياهو؟    استطلاع: نصف الشباب المغاربة يفكرون في الهجرة "بأية طريقة"    "عجمان" الإماراتي يستعين بالحسوني    منتخب المواي طاي يتألق في اليونان    العلامة بنحمزة.. الشرع لا يكلف الفقير ويمكن لسبعة أشخاص الاشتراك في أضحية    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    منظمة الصحة العالمية تحذر من احتمال تفشي وباء جديد    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الصحافة في الميزان
نشر في هسبريس يوم 09 - 06 - 2009

أصدرت أمنستي تقريرها السنوي وتطرقت في فقرة منه للصحافة مذكرة بالقبض على بعض الصحفيين ومتابعتهم بتهم جنائية بسبب مقالات اعتُبر أنها تنطوي على تهديد للأمن القومي أو زعزعة للحكم الملكي. ولا شك أن هذه مناسبة أخرى تدق ناقوس الخطر على وضع حرية الصحافة في بلادنا، وفرصة أخرى للوقوف على المفارقة بين الخطاب الرسمي والواقع العملي. ""
والواقع أن هذه التقارير لا تنقل إلا جزءا من الحقيقة، فالصحافة اليوم في بلادنا تعاني أكثر من أي وقت مضى لأسباب عديدة منها أنها لم تكن تجد في الماضي صعوبة لإقناع الرأي العام بالتضييق الذي يطالها والقمع الذي يلحق الصحفيين لأن وسائل التضييق كانت حينها بدائية ومكشوفة؛ ولأن المهام الملقاة على عاتقها اليوم صارت ثقيلة، فقد تحولت الصحافة، بدون إرادتها، إلى صف معارضة الفساد وفتح ملفات الماضي واقتحام بعض الخطوط الحمراء بسبب الفراغ الحاصل وانبطاح أغلب الفاعلين السياسيين؛ كما أنها أصبحت اليوم وحيدة في الميدان دون حماية من السياسيين الذين أصبحت لهم حسابات خاصة، إن لم نقل باتوا يضيقون ذرعا بعملها وجرأتها.
لقد كان المغرب سباقا لسن قانون منفتح ومتطور للصحافة منذ 15 نونبر 1958 ولكنه ظل متخلفا في الممارسة حيث لم يحل النص القانوني دون التضييق العملي، ثم ما لبثت السلطة أن ضاقت ذرعا بهذا القانون فأخضتعه لمجموعة تعديلات شكلت تراجعا حقيقيا. وهكذا لم يساهم القانون في ضمان حرية الصحافة وحماية الصحفيين، ليتأكد أن الترسانة القانونية ليست كفيلة وحدها بضمان حرية الصحافة في دولة لا تعطي السيادة إلا للتعليمات وتكيف القانون على هوى الحاكم، وليتأكد بأن اختزال حرية الصحافة في نص قانوني جيد مقاربةٌُ تبسيطية وتسطيحية لن تؤتي أكلها ما لم يرافق ذلك قضاء مستقل وسلطة محايدة تحترم القانون نصا وروحا.
لكن الملاحظ أن بعض المسؤولين لم تكفهم هذه النصوص المصوغة على مقاسهم فتفننوا في إبداع أساليب جديدة للتضييق على حرية الصحافة للالتواء على هذا النوع من التقارير، وهذه بعض الأمثلة:
-سلاح الدعم: فالدولة تقدم الدعم لصحف دون أخرى وتتخذ منه وسيلة للتحكم في خطها التحريري ومكافأة المقربين منها والانتقام ممن يرفض أن يكون بوقا دعائيا لها. ونظرة بسيطة على المبالغ المنشورة في المجال تزكي هذا الاقتناع.
-التحكم في سوق الإشهار: وهو لا يخضع لمعايير موضوعية ومنطق مقبول، مثل حجم الانتشار أو التوزيع أو التخصص، فهناك صحف تستفيد من مداخيل خيالية رغم محدودية انتشارها، مقابل صحف محرومة منه رغم سعة الانتشار. بل هناك ضغط على بعض رجال الأعمال حتى لا يتعاملوا مع جرائد بعينها. وليست هناك حاجة للتأكيد بأن مداخيل الإشهار صارت تشكل موردا مهما لاستمرار الجرائد الورقية في زمن الفضائيات والأنترنيت والجرائد المجانية.
-التدخل في القضاء: حيث يزج بالقضاء للتضييق على حرية الصحافة من خلال المبالغة في الغرامات التي صار هدفها إعدام الجريدة وليس رد الاعتبار. وهناك أكثر من سابقة في هذا الباب تؤكد أن الأمر مرتبط بخطة ومنهجية وليس مجرد مصادفة.
- الحق في الخبر: حيث تتعامل مؤسسات الدولة بانتقائية مع وسائل الإعلام على أساس الولاء، فتمكن صحفا مقربة منها من المعلومة وتمنحها سبقا أو انفرادا، وتمتنع بالمقابل عن تزويد باقي الصحف بالأخبار؛ بل إنها في أحيان كثيرة تمارس عليها أنواعا من الضغط والتعتيم والتضييق على كل من يتعامل معها من الموظفين وما شابه ذلك.
-الانتقائية: حتى الهامش الضيق الذي استطاع مناضلون انتزاعه بعد تضحيات جسام لا يستفيد منه الجميع على قدم المساواة، فهناك نفس الرأي أو الخبر يغض الطرف عنه في جريدة مقربة من السلطة وتحاسب عليه جريدة أخرى ترى فيها السلطة مصدر إزعاج.
-الدعاوي القضائية الفردية: فمنذ القرار المشؤوم الذي كان أصدره عبد الرحمن اليوسفي بإيقاف ثلاث جرائد دفعة واحدة وما رافق ذلك من حملة ضد المغرب بدأت السلطة تنهج خيارا آخر حيث تقف على الحياد، ما أمكنها، وتدعم في الخفاء أشخاصا لرفع دعاوي ضد جرائد مزعجة، ثم يكمل القضاء المهمة بإنزال أقصى العقوبة على الجريدة. وهذا ما يصعب المهمة على الهيئات الحقوقية وخاصة حين تدعي السلطة أن النزاع بين أشخاص وأن لا دخل لها فيه وأن الحكم صادر عن جهاز القضاء الذي يجب احترام استقلاليته!!!.
- المكافأة التلفزية: وهي الحلقة الأخرى لمسلسل التضييق، حيث هناك تحكم في الوجوه الصحفية المدعوة للبرامج الحوارية، وتضخم في الدعاية لمنابر بعينها، وخاصة في فقرة قراءة في الصحف، وتشويه أو اختزال لمضامين صحف أخرى أو تهميش لها. والأدهى والأمر هو التحكم في ضيوف البرامج التلفزية حيث ما زالت المكالمات الهاتفية سيدة الموقف في اختيار هذا الموضوع وتفضيل هذا الضيف على ذاك، ويتعامل مع الصحفي المنشط كأجير ليس له إلا السمع والطاعة. ولهذا فالتلفزة إلى اليوم محرمة على بعض الوجوه، ومنهم ساسة ومثقفون وفنانون وصحفيون. والمواطن للأسف، وهو ممول هذه التلفزة، ممنوع من مشاهدة ما يريد.
بل إن التحكم اتسع ليشمل قنوات أجنبية تهدد بالمنع من البث إن لم تتراجع عن الموضوع الفلاني أو تلغي دعوة فلان، أو تستبدل فقرة بأخرى. وكل هذا يجعل التحرير المتحدث عنه للقطاع السمعي البصري فارغا من أي مضمون.
- إغراء الصحفيين: وهذا أسلوب تلجأ إليه السلطة أحيانا حيث يتم إغراء صحفيي مؤسسات مزعجة مع وعدهم بامتيازات أكثر وأجور أعلى للتأثير على أداء هذه الصحف، وجعلها تتخبط دائما في بدايات التأسيس.
- تشتيت الجسم الصحفي: وذلك بتسليط الصحفيين بعضهم على بعض لتنفير القارئ وتسطيح الأداء المهني، بل قد تتدخل جهات خفية لإحداث جرائد ضرار لإسقاط أخرى قائمة. وتقف السلطة موقف المتفرج.
هذه بعض من تدابير التضييق على حرية الصحافة والتحايل على المنظمات الدولية نرى ضرورة التذكير بها موازاة مع تقرير أمنستي الأخير الذي رصد، رغم ذلك، بعضا منها.
وبالطبع فمن لم تنفع معه هذه الوسائل الحديثة فالقديم منها موعده. ونعني بها الحجز والإيقاف والسجن وتهديد المطابع وشركات التوزيع وغير ذلك من الوسائل الممجوجة. لذلك لا نستغرب تشبث واضعي المشروع الجديد لقانون الصحافة بالعقوبات السالبة للحرية وللحجز الإداري للصحف لأنه سلاح يحتاجونه بين الفينة والأخرى.
ولكن المطمئن هو خط الاستمرارية الذي يطبع مسار العديد من الصحف والصحفيين الأوفياء لمبادئهم والمخلصين لمبادئ مهنتهم، وكذا تجاوب القراء مع هذه الصحف. هذا ما يبشر بخير.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.