الملك محمد السادس يترأس مجلساً وزارياً    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    بعد 20 سنة من النجاح.. دي جي كور يستعيد وهج "راي أند بي فيفر"    حجز كمية كبيرة من الحشيش بمدينة الحسيمة    الكوكب يحقق أول انتصار في الدوري    الجيش يتعادل مع "حوريا كوناكري"    حكيمي يدعم أشبال المغرب قبل نهائي كأس العالم للشباب    "تدبير المياه" محور المؤتمر الإفريقي السابع للهندسة القروية من 22 إلى 24 أكتوبر بفاس    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى للرباط 2025 لجولة لونجين العالمية للأبطال    لو باريسيان: بفضل مواهبه المنتشرة في كل مكان، المغرب ضمن أفضل الأمم الكروية في العالم    احتجاجات "لا ملوك" في مدن أمريكا تستقطب حشودا كبيرة للتنديد بترامب    سرقة مجوهرات "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفر    "حماس": ملتزمون باتفاق غزة بينما إسرائيل تواصل خرقه    ندوة « إفريقيا: تحديات التنمية والأجندة الجيوسياسية»: الإرث الاستعماري بإفريقيا عمق أزماتها ورهن مستقبلها للصراعات    انطلاق الموسم الفلاحي وشبح الجفاف .. المؤشرات المائية تنذر بعام صعب    تسريب مشروع قرار الصحراء يزلزل تندوف وينهي وهم "دولة البوليساريو"    "حالة استعجال قصوى" تدفع الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لإصلاح المستشفيات    سرقة مجوهرات في متحف اللوفر بباريس    المنتخب النسوي يواجه اسكتلندا وهايتي    إسرائيل تتهم "حماس" بانتهاك الاتفاق    ندوة «فلسطين ما بعد اتفاق السلام» : أحمد مجدلاني: خطة ترامب خطة اعتراضية لإفشال المسار الدولي الذي أعلن عنه مؤتمر نيويورك    "إجراءات مُهينة" بمطارات تركيا تدفع مغاربة إلى طلب تدخل وزارة الخارجية    "حماس" ترفض اتهامات بخرق الاتفاق    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. التاريخ في مرآة السينما ووجع المجتمع    لا شرقية ولا غربية... وإنما وسطية    سرقة مجوهرات نابوليون بونابرت وزوجته من متحف "اللوفر"    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    تقرير يضع المغرب ضمن أكثر الدول يسود فيها الغضب في العالم    كانت تحاول الهجرة إلى سبتة سباحة.. العثور على القاصر "جنات" بعد اختفائها    إطلاق خط بحري جديد لنقل البضائع بين طنجة وهويلفا    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    تأخر التساقطات المطرية يثير مخاوف الفلاحين المغاربة    تكريم مغربي بروح فلسطينية: نادي بالستينو بالشيلي يحتفي بالمدرب محمد وهبي قبل نهائي المونديال    التعاضدية العامة تعتمد برنامج عمل لتقويم الأداء والرفع من المردودية    تونس توضح حقيقة منع تصدير التمور إلى المغرب    بعد صدور حكم بالبراءة لصالحها.. سيدة الأعمال الملقبة ب"حاكمة عين الذياب" تلجأ للقضاء الإداري للمطالبة بوقف قرار الهدم لمطعمها    5 سنوات لزعيم شبكة القروض بالجديدة .. أفرادها استغلوا هويات موظفين بالعمالة قبل حصولهم على 72 مليونا    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    نهائي مونديال الشيلي.. جيسيم: "عازمون على انتزاع اللقب العالمي"    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    الجيل الرقمي المغربي، قراءة سوسيولوجية في تحولات الحراك الإفتراضي وإستشراف مآلاته المستقبلية.    استدعاء كاتب فرع حزب فدرالية اليسار بتاونات بسبب تدوينة فايسبوكية    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين إيران وإسرائيل .. الحرب تستهدف غرف نوم القادة وتهز تل أبيب
نشر في هسبريس يوم 15 - 06 - 2025

اجتاز التصعيد الإسرائيلي–الإيراني مرحلة اللاعودة، حين فجّرت تل أبيب واحدة من أوسع عملياتها الاستخباراتية والعسكرية داخل العمق الإيراني، في هجوم غير مسبوق جسّد كل ما راكمه الموساد من اختراقات داخل أجهزة الأمن الإيرانية، وعكس "خبثًا استخباراتيًّا" تخطى الحدود التقليدية للمواجهة.
فبحسب تقارير إعلامية متطابقة، لم تكن العملية الإسرائيلية مجرّد ضربة جوية خاطفة، بل خطة مدروسة سبقتها تحضيرات طويلة الأمد، شملت تهريب طائرات مسيّرة مفخخة إلى الداخل الإيراني، وتثبيت منصات هجومية في مناطق قريبة من طهران، وإنشاء قواعد إطلاق سرية قرب مواقع بالغة الحساسية.
المرحلة الأولى من الهجوم تمثلت في تعطيل ممنهج لأنظمة الدفاع الجوي الإيراني، عبر طائرات بدون طيار سبق إدخالها مسبقًا، بالتوازي مع عمليات كوماندوز دقيقة استهدفت مفاتيح شبكة الدفاع. بعدها، انطلقت موجة من القصف الجوي بأكثر من 200 طائرة مقاتلة من طراز F-16 وF-35، ضربت أكثر من مئة هدف استراتيجي شمل منشآت نووية تحت الأرض، ومقار قيادية للحرس الثوري، ومراكز لتطوير البرامج الصاروخية.
النتائج المباشرة كانت صاعقة. في ليلة واحدة، قُتل عدد من أبرز قادة النظام الإيراني، أبرزهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، رئيس هيئة الأركان محمد باقري، وقائد غرفة العمليات المشتركة غلام علي رشيد. كما أُعلن عن مقتل ستة من العلماء النوويين، منهم فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي. اللافت أن معظم عمليات الاغتيال تمت داخل منازل الضحايا، وبعضها وهم نائمون، ما يشير إلى اختراق استخباراتي نوعي لأماكن إقامتهم ونمط حياتهم، ويكشف خللًا بنيويًا خطيرًا في منظومة تأمين القيادات العليا في إيران.
لكن المشهد لم ينتهِ عند الضربة. في أقل من 12 ساعة، أطلقت طهران واحدة من أعنف موجات الرد في تاريخ المواجهة بين الطرفين. مئات الصواريخ والمسيّرات الهجومية غمرت الأجواء الإسرائيلية، مستهدفة عمق تل أبيب، الجليل، حيفا، وريشون لتسيون. الصواريخ لم تكن رمزية، بل خلفت دمارًا حقيقيًا. 13 قتيلا على الأقل خلال ليلتين وأكثر من 380 جريح، بعضهم في حالات حرجة. مبانٍ انهارت، أحياء بأكملها أُخليت، وشهدت إسرائيل موجات نزوح جزئي من مناطق مأهولة، وسط شلل في أنظمة الطوارئ وتعطل الاتصالات.
الهجوم الإيراني شكّل مفاجأة مدوية. فعلى الرغم من الاعتماد على القبة الحديدية ومنظومات الاعتراض، فإن حجم الهجوم وكثافته أربكا الجبهة الداخلية. تقارير إسرائيلية أشارت إلى أن الصواريخ أصابت مواقع أمنية محيطة بوزارة الدفاع في تل أبيب، وأخرى في شمال البلاد، بينما تضررت منشآت حيوية، وسُجلت خسائر في صفوف القوات النظامية.
رسائل الطرفين كانت واضحة. إسرائيل أرادت أن تُثبت أنها قادرة على تفكيك قلب النظام الإيراني من الداخل، من خلال تصفية القادة و"خنق" بنيته الدفاعية من غرف النوم قبل غرف العمليات. أما إيران، فأرادت أن تبرهن أنها لم تُشلّ بعد، وأن ردّها قادر على إسقاط صورة "الحصن الإسرائيلي" وتهديد العمق المدني والعسكري في آن واحد.
التحول الأهم هنا لا يقتصر على الأهداف، بل على قواعد الاشتباك. لم تعد المواجهة تجري في الظل، بل خرجت إلى النور. انتقلت الحرب من أجهزة استخبارات وعمليات تخريب فردية إلى مواجهة عسكرية شاملة، تمتد من السماء إلى البنى التحتية، ومن المنشآت النووية إلى البيوت، بما فيها غرف نوم القادة.
في هذا السياق، تراهن إسرائيل على استراتيجية "الضربة القاضية المبكرة"؛ أي إزاحة القيادة الإيرانية المركزية، بدءًا بالمرشد علي خامنئي، وإحداث فراغ يُربك هيكل السلطة، ويُضعف قدرة إيران على الرد. وبحسب ما ألمحنا سابقا، فإن "السقوط الهرمي" للنظام الإيراني لم يعد استنتاجًا نظريًا، بل فرضية واقعية قابلة للتحقق في أي لحظة، إذا ما استمر النهج الاستخباراتي على الوتيرة ذاتها.
ومع أن الرد الإيراني، وإن كان أقل دقة وتطورًا، كشف هشاشة غير مسبوقة في الجبهة الإسرائيلية، فقد فرض أيضًا معادلة ردع جديدة، لن يكون من السهل تجاوزها. فبينما تُراكم تل أبيب خططها لتصفية الرؤوس، تُعيد طهران ترتيب أوراقها في مواجهة داخلية مأزومة، وجبهة خارجية مشرعة على المجهول.
هكذا، تحوّل الشرق الأوسط إلى مسرح مفتوح لحرب لا تعرف القواعد. حرب تديرها الأقمار الصناعية والمجسات الحرارية والعملاء المحليون والطائرات المتطورة. حرب بات فيها الاختراق الأمني لا يقل فتكًا عن صاروخ، والاستهداف المعلوماتي لا يقل خطرًا عن قصف جوي.
إنه فصل جديد في الصراع، عنوانه الأبرز: لا أحد في مأمن. لا في طهران، ولا في تل أبيب. والمرحلة القادمة، كما توحي مؤشراتها، قد تشهد نهايات مدوية تبدأ من قمة الهرم، قبل أن تنتقل إلى ساحات أوسع... وأكثر اضطرابًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.