في تطور خطير يُنذر بتصعيد إقليمي واسع، شنت إسرائيل فجر الجمعة سلسلة من الغارات الجوية المركزة على مواقع نووية وعسكرية في عمق الأراضي الإيرانية، أسفرت عن مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين والعلماء النوويين. وتأتي الضربات قبل أقل من 48 ساعة من جولة مباحثات نووية مرتقبة بين طهرانوواشنطن في العاصمة العمانية مسقط. منشآت استراتيجية تحت النار بدأ الهجوم في الساعة 03:30 فجراً بالتوقيت المحلي، مستهدفاً منشآت نووية، أبرزها مفاعل نطنز لتخصيب اليورانيوم، إضافة إلى مصانع للصواريخ الباليستية ومقار عسكرية حساسة. وأفادت مصادر إيرانية بسقوط انفجارات عنيفة في مناطق متعددة، بما في ذلك شمالي طهران، حيث أُعلن عن مقتل 12 مدنياً وإصابة 50 آخرين، بينهم أطفال ونساء. وفي بيان مقتضب، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الضربة تمثل "المرحلة الأولى من عملية واسعة النطاق" تهدف إلى "منع إيران من امتلاك السلاح النووي"، مشيراً إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تقدر أن طهران تمتلك ما يكفي من المواد لتجميع 15 قنبلة نووية خلال أيام. قادة وعلماء في مرمى النيران أكدت وسائل إعلام إيرانية ومصادر رسمية مقتل عدد من القادة والعلماء الإيرانيين، أبرزهم، اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء"، العالم النووي فريدون عباسي، العالم النووي مهدي طهرانجي، وأستاذ الهندسة النووية أحمد رضا ذو الفقاري. مصادر إسرائيلية نقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم إن الضربات استهدفت أكثر من 300 موقع عسكري ونووي، وتم تصفية ما يزيد عن 10 علماء يعملون في برنامج إيران النووي. خامنئي يتوعد.. وإيران تحمل واشنطن المسؤولية في أول تعليق رسمي، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي إسرائيل ب"عقاب مؤلم ومرير"، مؤكدًا أن خلفاء القادة والعلماء الذين قُتلوا سيواصلون مهامهم فورًا. وأكدت هيئة الأركان العامة الإيرانية أن "المعركة في سماء إيران مستمرة" وأن الرد سيكون "قاسيًا في الزمان والمكان المناسبين". من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية الإيرانيةالولاياتالمتحدة بالمشاركة غير المباشرة في الضربات، معتبرة أنها "ما كانت لتقع دون ضوء أخضر أميركي"، ووصفت واشنطن بأنها "شريكة في العدوان"، محمّلة إياها المسؤولية الكاملة عن التداعيات المحتملة. واشنطن تنفي وتستعد للأسوأ الولاياتالمتحدة نفت عبر وزير خارجيتها ماركو روبيو أي دور مباشر في العملية، مؤكدة أن إسرائيل "تصرفت بمفردها"، لكنها حذّرت إيران من استهداف القوات والمصالح الأميركية في المنطقة. وكانت واشنطن قد سحبت دبلوماسييها من العراق قبل يومين، وسمحت بمغادرة عائلات جنودها من قواعد في الشرق الأوسط، في خطوة وُصفت بأنها استعداد لتصعيد وشيك. توقيت لافت ورسائل متبادلة توقيت الضربة مثير للانتباه، إذ تسبق محادثات مسقط النووية بين إيرانوالولاياتالمتحدة، التي تهدف إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى تفاهم جديد. ويرى مراقبون أن الضربة تمثل رسالة واضحة من تل أبيب برفض أي مسار تفاوضي ترى فيه تهديدًا لأمنها القومي، وخصوصًا في ظل تقارير تفيد بتسارع البرنامج النووي الإيراني. كما تأتي الضربة بعد يوم من قرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوبّخ إيران على خلفية عدم تعاونها مع المفتشين الدوليين، وهو أول توبيخ من نوعه منذ أكثر من 20 عامًا، ما اعتبره بعض المحللين تمهيدًا دوليًا لتبرير تحرك عسكري ضد إيران. نقلة نوعية في الاستراتيجية الإسرائيلية الضربة الإسرائيلية تمثل تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية المتبعة ضد إيران، إذ انتقلت من سياسة الاغتيالات الفردية إلى عمليات جوية مركزة تستهدف أعدادًا كبيرة من القادة والعلماء والبنى التحتية النووية والعسكرية دفعة واحدة. ويُتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى رد فعل إيراني عنيف، سواء عبر طهران مباشرة أو من خلال وكلائها في المنطقة. خطر الانزلاق إلى حرب شاملة أثار الهجوم موجة من القلق الدولي بشأن احتمال انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب شاملة بين إيران وإسرائيل، وهما من أكبر القوى العسكرية في المنطقة. وأعلنت إسرائيل حالة التأهب القصوى، فيما يترقب المجتمع الدولي الرد الإيراني، وسط دعوات إلى ضبط النفس وتفادي التصعيد.