دافع الرئيس الجنوب إفريقي السابق، جاكوب زوما، اليوم الجمعة، عن رفع علم بلاده خلال زيارته الأخيرة إلى المغرب، مؤكداً أن "الرموز الوطنية ليست حكرًا على الحكومة"، بل "تمثل الشعب بأكمله، بجميع مكوناته السياسية والاجتماعية". جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في ساندتون، ضواحي جوهانسبرغ، برفقة عدد من مسؤولي حزب "أومخونتو وي سيزوي" (MK) الذي يترأسه، حيث قال زوما، في معرض رده على أسئلة الصحافيين: "لكل دولة علم، وكل مواطن يمتلك هذا العلم. ليس من المنطقي أن يكون رمز الدولة ملكًا حصريًا للمؤسسة الحاكمة. هذا أمر بسيط وواضح، ولا أفهم سبب هذا الجدل". وأضاف، بنبرة لا تخلو من السخرية: "أنتم تطرحون أسئلة حول العلم؟ العلم لا يعبّر عن الحكومة وحدها، بل عن الوطن... من لا يعرف ذلك؟"، في إشارة إلى الجدل الذي أثارته صور اللقاء التي أظهرت علمي البلدين بشكل بارز خلال لقائه بوزير الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة. وكانت وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب إفريقية قد أصدرت بيانًا رسميًا اعتبرت فيه أن رفع العلم الوطني في هذا السياق يشكل "خرقًا للأعراف الدبلوماسية" و"استخدامًا غير مشروع للرموز الوطنية"، لأنه "يوحي بتمثيل رسمي للدولة"، وهو ما نفاه زوما بشكل قاطع. الزيارة، التي جرت في منتصف يوليو الماضي، تمت بدعوة رسمية وبترتيب مشترك بين سفارتي البلدين، مما أضفى عليها طابعًا بروتوكوليًا معترفًا به، وفق مصادر هسبريس. وخلال لقائه المسؤولين المغاربة، عبّر زوما صراحة عن دعمه لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية لحل نزاع الصحراء، واصفاً المبادرة بأنها "تحترم السيادة الوطنية وتضمن الاستقرار والتنمية للمنطقة". وقد اعتبر مراقبون أن هذا التصريح يمثل تحولًا لافتًا في موقف سياسي بارز سبق أن تولى رئاسة البلاد، وينتمي إلى تقاليد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، المعروف تاريخيًا بدعمه لجبهة البوليساريو. إلا أن زوما، بحسب مصادر مقربة، يرى أن السياسة الخارجية الجنوب إفريقية بحاجة إلى مراجعة تقوم على الواقعية والمصالح الإفريقية المشتركة، لا على إرث إيديولوجي تجاوزه الزمن. وفي رده على الانتقادات المرتبطة باستخدام العلم، أوضح زوما أن رفعه للعلم الوطني في المغرب لم يكن تمثيلاً رسميًا، بل "تقدير شخصي له كمواطن ومناضل سياسي"، مشدداً على أن اللقاء مع بوريطة كان سياسيًا وشعبيًا، لا يحمل أي صفة رسمية، وجاء في إطار تواصل طبيعي بين قوى إفريقية تتقاسم إرثًا نضاليًا مشتركًا. ووفق معطيات أوردتها هسبريس، فإن سفارة جنوب إفريقيا في الرباط كانت على علم مسبق بالزيارة، بل طالبت بمنح زوما معاملة بروتوكولية، ما يُضعف موقف وزارة الخارجية الجنوب إفريقية، ويكشف عن تباين واضح في مؤسسات الحكم بشأن طريقة التعامل مع هذه المبادرة السياسية. أما من الجانب المغربي، فقد عكس استقبال زوما وتوفير كافة شروط الضيافة الرسمية انفتاحًا دبلوماسيًا على مختلف الفاعلين في القارة الإفريقية، بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو خلفياتهم السياسية. وكانت المملكة قد استقبلت في مناسبات متعددة وفودًا من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، في إطار انفتاح مستمر يعكس ثبات الموقف المغربي تجاه علاقاته الإفريقية. ويرى متابعون أن الجدل المثار حول العلم ليس إلا محاولة لتفادي النقاش الجوهري المتعلق بمضمون الزيارة، خاصة بعد أن عبّر زوما صراحة عن دعمه لمبادرة الحكم الذاتي. وقد اعتُبر هذا الموقف تعبيرًا عن رؤية وطنية مستقلة، تستند إلى تجربة سياسية طويلة، ومكانة رمزية يتمتع بها زوما داخل مشهد التحرر الإفريقي.