"لَم يَعُد هُناك مُبرّر للسّكُوت".. هكذا انبرى رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، محمد زهاري، للرّد على ما وصفه "التضييق المُمنهج" الذي تُمارسه السلطة، مُتّهما الأخيرة ب"شرعنة سلطة الاستبداد المناهِضة للحق في التنظيم"، وإقصائها من وسائل الإعلام؛ وكل ذلك بدَاعِي "الانتقام" من مواقف سجلتها العصبة في الآونة الأخيرة. الخروج الإعلامي للLMDDH، يأتي أياماً بعد خرجة مماثلة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH)، التي اتهمت السلطات بممارسة التضييق على أنشطتها، في مجال حماية حقوق الإنسان، واعتقال نشطائها مع تلفيق التّهم إليهم، فيما يؤشر الأمر على اندلاع معركة جديدة بين الجمعيات الحقوقية "المحاصَرة" والدولة، للمطالبة بفك الحظر عنها، بغضّ النظر عن مواقفها ونوع القضايا التي تتبناها. منع من التأسيس عبد الرزاق بوغنبور، عضو المكتب المركزي للعصبة، قال في الندوة الصحفية التي نظمت اليوم بالرباط، إن مسلسل المنع والتضييق على الجمعية تمثل في رفض السلطات المحلية بمدينة آسا استلام الملف القانوني الخاص بفرع العصبة، "رغم توصل السلطة بالملف عن طريق البريد المضمون والمفوض القضائي"، إضافة إلى منع ندوة حقوقية أواخر يناير الماضي. الناشط الحقوقي، أردف أن السلطات رفضت أيضا الملف القانوني للفرع العصبة بكلميم، "بمبررات تثير السخرية.. أن موظف السلطة تعذر عليه الحضور للجمع العام التأسيسي"، وهو ما نفته العصبة بكون المعني بالأمر حضر في المؤتمر التأسيسي. البلاغ الصحفي الصادر عقب الندوة، زاد توضيحا بالقول إن السلطات في آسا وكلميم ترفض استلام المكاتب الإقليمية للعصبة بسبب "وجود مواطنين مغاربة ينشطون بجماعة العدل والإحسان اختاروا عن قناعة النضال ضمن صفوف العصبة.."، قبل أن تتسائل "هذا هو السبب الرئيسي.. فلتمتلك السلطة الجرأة وتصرح بهذا المبرر". مسلسل التضييق على الجمعية الحقوقية، التي تعد أول منظمة حقوقية "تأسست في 11 ماي 1972 ومعترف لها بالمنفعة العامة"، امتد، حسب بوغنبور، لمدينتَيّ المضيق ومرتيل، حيث أورد المتحدث أن السلطات رفضت استلام الملف القانوني لفرع العصبة في المضيق، فيما تم رفض تسليم وصل إيداع الملف القانوني بمرتيل. إقصاء من الإعلام العمومي قضية "تضييق" أخرى أصرّ محمد زهاري على إثارتها خلال الندوة، وهي ما أسماها "الإقصاء الممنهج" من المشاركة في البرامج الحوارية والندوات الفكرية التي تنظم بوسائل الإعلام العمومية، السمعية والمرئية، حيث سجل الناشط الحقوقي عدم استدعاء العصبة من طرف الإعلام العمومي، "مقابل تواجد وجوه معينة وجمعيات محددة لأسباب نجهلها إلى حدود الساعة". وأورد زهاري لجوء العصبة إلى الهيئة العليا للسمعي البصري (الهاكا)، عبر شكاية تم تقديمها أمس، بغرض التدخل "لضمان مبدأ تكافؤ الفرص في استعمال وسائل الإعلام العمومية" و"الحرص على عدالة المشاركة في البرامج الحوارية والندوات الفكرية الموضوعاتية". ثمن للمواقف وفيما تسائل رئيس الLMDDH عن سبب "إصرار" السلطات على منع العصبة من ممارسة حقها في التنظيم في الأقاليم الجنوبية و"إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بالصحراء المغربية"، قال بلاغ الجمعية أن الإقصاء يأتي في إطار "الانتقام" من المواقف التي سجلتها العصبة منذ مؤتمرها الوطني السادس، في قضايا متعددة، أبرزها قرار مقاطعتها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان "بسبب إقصائه للعصبة ومكونات الحركة الحقوقية الوطنية خلال عملية تشكيل المجلس". مبررات التضييق، من منظور العصبة، تتمثل أيضا في عدم استجابتها لطلب التوقيع على رسالة "جاهزة" موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حول التوصية "التي كان مقترحا إصدارها حول إحداث آلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء المغربية"، زد على ذلك "التقرير الموضوعي الذي أصدره المكتب المركزي حول متابعته لأطوار المحاكمة العسكرية التي توبع خلالها معتقلون صحراويون على خلفية أحداث اكديم إزيك". وأضافت العصبة بالقول إن تضامنها المستمر والمبدئي مع الحركات الاجتماعية والفكرية والنقابية، "خاصة منها جماعة العدل والإحسان والمعتقلين الإسلاميين، والمعطلين حملة الشواهد وشباب 20 فبراير والطلبة المعتقلين من مختلف المرجعيات الفكرية والسياسية"، كانت كفيلة بإقدام السلطات على "محاصرتها". "التأكيد على أن ما وقع في مصر خلال صيف 2013 يعتبر انقلابا على الشرعية وأن أحداث رابعة والنهضة تعتبر جريمة إبادة تستدعي تحريك المسائلة الجنائية الدولية في حق عبد الفتاح السيسي ومساعديه بارتكابهم لعملية تقتيل جماعي ضد المدنيين"، هي مواقف رأت فيها العصبة مسوغا آخر للسلطات حتى تُضيّق عليها الخناق، إضافة إلى "اعتبار اعتقال الصحفيّيْن علي أنوزلا ومصطفى الحسناوي اعتقالا تعسفيا ومحاكمتهما محاكمة جائرة".