السياسة الساخرة والكوميديا الساحرة بايطاليا وسط بحر من التصفيقات ظهرفي نوفمبر 2011 ببروكسيل مقر البرلمان الاروبي الفنان الايطالي الساخر "روبيرتو بينيني" بجسمه النحيل وشعره الغير المُرتب ومُتئكا على عُكازين طبيين لحادث ألم به وقتها..في أوج الأزمة الاقتصادية حاول الساخر بينيني رفع معنويات الايطاليين من داخل أعلى مكان للتشريع الاروبي بروكسيل تحدث بكل فخر عن تاريخ ايطاليا ورجالاتها وأنها كانت منارا للانسانية في كل مناحي المعرفة والثقافة والمعمار والموسيقى والتجارة وأدوات الاقتصاد..تحدث بايسهاب عن ايطاليا في الحرب والسلم وايطاليا في عصر النهضة وخلص أن ايطاليا بلد العجائب والمعجزات بأسلوب رائع وقفشات ذكية تنتزع الضحك من الجميع.. تلاعب بعواطف الحاضرين وانتقد بشكل لاذع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية..أضْحكهُم مرة وأخْجلهُم من أنْفُسهم مرات عديدة..حاضر كأستاذ في مُدرج جامعي وسط طلبة متعطشين للمعرفة وكأنهم يأخدون تلك المعلومات لأول مرة..تحكم في الحضور وأبحر بهم في تاريخ ايطاليا الطويل ومدى تأثيرها على العالم..لم يقطع صوته الا تصفيقات الاعتراف بقدرات عالية لفنان ساخرمثقف وممثل حائز على جائزة الاوسكار 2008..صراحة مع روبيرتو بينيني " مُشْ حتْغمضْ عينيك.." من جهة أخرى نصفق لهذا التقليد ولشجاعة الساسة لاستدعاء أحد أعمدة الكوميديا السوداء بايطاليا لقبة البرلمان رغم علمهم المسبق أنهم لن يسلموا من سهام سخريته الجادة... "بيبي غريلو " كوميدي ساخر,ينحدرمن عائلة ثرية ويفتخر بمدينة جنوة..قارئ جيد للتاريخ وللاوظاع السياسية والاقتصادية الايطالية والعالمية.. مؤيدوه يصفونه بالمتقدم جدا في أفكاره أما خصومه فينعتونه بالشعبوي ...لا يُخفي عداؤه للاحزاب السياسية حيث يعتبر التاريخ قد تجاوزها..بكل هذه المواصفات حاضرهو أيضا في يونيو 2007 بمقر البرلمان الاروبي..تحدث عن كل شيء بل انه تنبأ بالازمة الاقتصادية وقدم عرضا مطولا ولم يسلم من لسانه اللاذع أي أحد.. أطلق على حركته اسم" 5 نجوم" لأنه أعتبرها فوق السياسة وأطلق على حملته في انتخابات 24 و25 فبراير " تسونامي" في حين هناك من اعتبرها ربيعا ايطاليا...توعّد وحذر وهدّد الأحزاب والطبقة السياسية فقالوا عنه شعبوي..قاطع الصحافة الايطالية واحتل ساحات المدن الايطالية..تواصله المباشر بالجماهير وقوة حُجته جعلته يمتلك مقاديرعقاقير جديدة..لتحقيق أحلام المتقاعدين والعاطلين والحالمين بمستقبل أفضل..احتشدت حوله جيوش من المقاطعين والغاضبين عن السياسة فاقت 8 ملايين ناخب جعلت منه معادلة صعبة وسلمته مفاتيح الحل والعقد بايطاليا..عندها تذكر خصومه صيحاته وسط أنصاره وتحذيراته للسياسيين بالاستسلام لأنهم محاصرين بجيوش من العاطلين والمتقاعدين...ثورة غريلو الناعمة ضد الطبقة السياسية أدخلت وجوها شابة وجديدة من العاطلين ومن أسر متواضعة للبرلمان..و رمت بوجوه سئم منها الايطاليون خارج البرلمان بعد أكثر من 3 عقود من احتلال مقاعد برلمانية.. العارفين بالسياسة يقولون ان نقطة ضعف حركته عدم خبرتها وتجربتها في التسييرأما هو فقد بدى غير آبه ولا زال يتخد من التويتر والفايسبوك مقرا لقيادته العامة ومنصة لصواريخه.. غازله تحالف اليسار بزعامة بيرصاني الفائز الخاسر لهذه الانتخابات وأظهروا منتهى الاستعداد للتعاون فبادلهم بمنتهى التحفظ.. بمزاج رجل شغل الناس اسمه غريلو..الكوميدي الساخرلكنه من طينة المثقفين..تلاحقه أكبر المحطات الاخبارية العالمية لسبق صحافي.. "روبيرتو بينيني" توقف عند حدود الفنان الساخر في النقد واحراج المسؤولين والتعبيرعن هموم الناس..فيما "غريلو" ذهب بعيدا في تحدّيه للآلة السياسية القديمة..وقهرها وأمسك بزمام ايطاليا بدون حزب سياسي, بدون دعم مالي , بدون تلفزيون فقط قال "ستعود الأمانة مُودة جديدة..وعلى جميع السياسيين العودة للبيت لافلاسهم.." السؤال الذي نطمح اليه من خلال سرد مسار نجميْ الكوميديا السوداء بايطاليا والذي لم يكن أبدا مجانيا..هوهل يملك البرلمان المغربي الشجاعة والجرأة لاستضافة أحد فناني المغرب الساخرين في مشهد" وُجُوهْكُم في المْرايا.." مثلا ؟ وهل سيسلك البرلمان المغربي نفس تقليد البرلمان الاروبي كنوع من التطور في الأداء الديمقراطي..؟ لكن مهلا, هل يملك المغرب أصلا كوميديا سوداء من طينة غريلو و بينيني من حيث الالمام بالتاريخ والعلوم ويملكون أدوات سخرية بعيدة عن "الكوميديا الخُبزية " تعلو على مواضيع متهالكة " كالعْروبي و المْديني..." ؟ صراحة نشفق على العديد من الساخرين الذين تجاوزهُم الشارع بكثير ويرددون فقط أسطوانات مشروخة..لكن هذا ليس عُذرا كافيا للبرلمان المغربي بعدم دعوة بعض من يُمثل الكوميديا السوداء المغربية...أستسمح فيبدو أني تلقيت ضربة شمس في شهرماي الغير الحارقة أو أصابني دُوار البحر رغم أني في اليابسة...ورغم هذا فإني أصرعلى السيد الطالبي رئيس البرلمان بدعوة الفنانين لمقرالبرلمان المغربي اقتداء بمثيله الاوروبي..وفي انتظار الفاصل حجزت مقعدي من الآن أمام التلفاز, انتظر دعوة الطالبي لمواجهة, بين ممثلي الأُمة وممثلي الفن الساخر..في كْلاسيكو يجمع بين الفن والسياسة ؟ ووو أراك لفْراجة... - التجمع الديمقراطي للجمعيات المغربية بايطاليا