المغرب يحقق الملاءمة المكتملة مع الصكوك والمعايير الدولية المعمول بها في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر                بيتيس يعلن إصابة سفيان أمرابط        الوكيل العام بمراكش يكذب خبر وفاة مواطن بأحداث سيدي يوسف بن علي    باحث فرنسي متخصص في الشأن المغربي: احتجاجات "جيل زد" في المغرب تكشف أزمة ثقة عميقة بين الشارع والمؤسسات    مجلس الأمن يٌبرمج ثلاث جلسات مغلقة هذا الشهر لمناقشة قضية الصحراء    المواطنة والحراك    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    مسرح رياض السلطان يواصل برنامجه لشهر اكتوبر    رسالة اجتماعية وأرقام قياسية.. أغنية "الهيبة" تحقق صدى واسعًا    تجربة إبداعية فريدة تجمع بين الشعر والموسيقى    الفرقة الوطنية توقف شخصا ببني بوعياش متورطا مع شبكة رضوان التاغي في هولندا    تخريب تجهيزات السد القضائي للأمن الوطني بمدخل إمزورن    ترامب يعلن عن "يوم كبير" ويشيد بدور دول عربية في خطة إطلاق الرهائن    وقوع ضحايا جدد في غزة رغم دعوة ترامب إسرائيل إلى وقف القصف    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    صحيفة إلكترونية أمام لجنة الأخلاقيات بسبب نشر محتوى محرض على العنف    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    صحيفة لوجورنال دو ديمانش الفرنسية: الجزائر على صفيح ساخن... شباب "جيل Z 213" يتحدّى نظام تبون    الاتحاد الإسلامي الوجدي يهدد انطلاقة شباب المحمدية والمغرب التطواني يبحث عن تصحيح الأوضاع    لماذا يتجاهل بعض التونسيين أزمتهم الداخلية ويركزون على المغرب؟    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    المحامية سوجار تنتقد اعتقال شباب مغاربة على خلفية مظهرهم خلال الاحتجاجات    أكادير: أرباب مطاعم السمك يحتجون الاثنين تزامناً مع دورة مجلس الجماعة    رئيس "اليويفا": إستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم غير مطروح    تعيين محمد فوزي واليا على مراكش وخالد الزروالي واليا على فاس    البرلمان الهولندي يدعو إلى الإفراج الفوري عن ناصر الزفزافي وباقي السجناء السياسيين في المغرب    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو إلى إطلاق سراح النشطاء المحتجزين من طرف إسرائيل و تندد بخرق القانون الدولي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب        فيدرالية اليسار تجمع أحزابا ونقابات وجمعيات حقوقية لدعم حراك "جيل زد"                            تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر            فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلسلات تركية واللغة سورية والقناة مغربية! ! !
نشر في هسبريس يوم 21 - 11 - 2010

أليس غريبا أن يجد المشاهد المغربي نفسه مجبرا على مشاهد مسلسلات لا علاقة له بها ؟
ما سر هذه الخلطة التلفزيونية ذات الأبعاد الإثنوغرافية والسياسية ؟
سؤال مركب موجه إلى مدير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ، الذي يسهر على التوقيع على برمجات قنواته الكثيرة . ليجيبنا وليشرح لنا – نحن من لم نفهم – هذه الخلطة التلفزيونية العجيبة التي نتلقاها كل يوم كجرعات دواء مر، نتناوله مجبرين ، على قنوات من المفروض أنها ملك للمواطنين ما داموا يؤدون ضرائب شهرية عنها في فواتيرهم الخاصة بالكهرباء .
أتحدث هنا بغيرة كبيرة عن المجتمع المغربي الذي يتعرض تباعا لعلميات تخذير علقي ، أثناء عرض ثقافات عديدة مرة مكسيكية ومرة أمريكية ومرة مصرية والآن تركية ، ولا أحد يدري ماذا ينتظرنا مستقبلا .
نبقى قليلا في هذه الأفلام التركية التي بتنا نسمع عنها هذه الأيام . فأغلبها قصص حب محترقة أو فراق لا رجوع بعده وألم بلا حدود . وأظن أننا لا نعدم مثل هذه المواضيع في مجتمعنا المغربي ويمكن أن نجد ما يشبهها ، لكن المشكلة أن هذه المسلسلات تنقل لنا حكايات تركية بلغة سورية لمجتمع مغربي . فلننظر إذن إلى نتيجة هذه الخلطة الاثنوغرافية العجيبة، التي لن نفهم معناها الان . لأننا لا نفهم ماذا تريد دولة تركيا من نشر هذه الأفلام في الدول العربية ومنها المغرب . ولا نعرف ماذا تريد الدولة المغربية من بث هذه المسلسلات التي حتى إن أردنا إدراجها في إطار حوار ثقافي بين الشعبين التركي والمغربي ، فإننا لن نجد المسوغ الكافي لتمرير هذه الحجة الواهية ، لأنه في الوقت الذي تنشر فيه تركيا ثقافتها – وان كانت مترجمة إلى السورية - فان الدولة المغربية لا تروج أي شئ في تركيا ( لا سلع ولا ثقافة ) ، كما أننا ونحن تلاميذ لم نتعرف على الثقافة التركية في إطار دروس الجغرافية ، واليوم تقدم لنا هذه الثقافة جاهزة في قالب درامي غاية في الحبكة . كما أن بث هذه المسلسلات في الدول العربية الأخرى قد يجد تفسيره بحنين الدولة التركية إلى مستعمراتها القديمة ( التي كانت تحت وصاية الإمبراطورية العثمانية ) ، في حين المغرب لم تربطه أية علاقات بهذه الدولة البعيدة جغرافيا ، لكنها بفضل مسلسلاتها أصبحت أقرب من دول لا تفصلنا عنها إلا أسلاك الحدود الوهمية .
ولا ننسى أن الإعلام حمال أوجه ولا يخلو من خلفيات سياسية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى . بمعنى أنه في هذا الإطار يجب طرح سؤال كبير : ماهو الهدف من هذه المسلسلات الأجنبية سواء كانت تركية ، أمريكية أو حتى مصرية ؟ أليس من أهداف الدول الحفاظ على ثقافة شعوبها ؟ الجواب بالطبع بلى ، لكن ربما نحتاج دائما إلى تذكير بأن المواطنين في أي بلد متحاجون من وقت لآخر إلى تذكير بقيمهم الثقافية المشتركة ، والتي ترسخ العيش المشترك في المجتمع ، وهذه المسلسلات الأجنبية تضرب هذا المبدأ عرض الحائط ، بمعنى أن المجتمع المغربي ، في المدى المتوسط والبعيد ، سيشهد تغيرات ثقافية هائلة ،ستبدأ معالمها على شكل تقليد لأنماط اجتماعية مختلفة وسلوكات مستوردة ( تقليد عادات غريبة عن الواقع المغربي كحرية الفرد التي قد تفهم خطأ كتحرر من قيود الدين والعادات الاجتماعية ، وضرب مفهوم الأسرة مقابل الحياة الخاصة لأفراد المجتمع ...) هذه التغييرات الجوهرية ستنتج عن هذه المسلسلات التي ستبني - الآن ومستقبلا - وعيا جديدا ، خاصة أنها تصاغ في قوالب فنية تجذب الأطفال والمراهقين والشباب ، وهم أكثر الفئات العمرية تأثرا بوسائل الإعلام ، وهم المستهدفون الأوائل من كل هذه العملية .
باختصار ، يمكن القول أن الأعمال الدرامية المدبلجة سوف تحدث تغييرات في المجتمع المغربي ، وهو ما لن نستطيع إيجاد حلول له مستقبلا ، لأن ما تبنيه الشعوب في قرون ويتم تشويهه أو تغييره ، يصعب كثيرا إصلاحه . وحتى أصل إلى نتيجة من كل هذا الكلام ،
أقول للمسؤولين عن هذه الأعمال ( ترجمة – تشخيصا- و برمجة ) ، وأخص بالذكر الجهات العليا المختصة في وزارة الاتصال المغربية، أن ينتبهوا إلى هذه الكارثة الثقافية الحقيقة التي ستحل بنا إن نحن تمادينا في نشر هذه الأعمال ، المخلة أحيانا باحترام الذوق العام و الدين والعادات والتقاليد المغربية . والتي سيشكل التخلي عنها تخليا عن أسس وقواعد المجتمع وهو ما سيهدده بالانهيار الثقافي. ومقابل ذلك أطالب هؤلاء المسؤولين بتشجيع الإنتاجات الوطنية ، خاصة تلك التي تحتفي بثقافتنا المغربية المتجدرة بتفرعاتها ( الامازيغية العربية الصحراوية الأندلسية الإفريقية ) . والتي لم يكشف عن الكثير منها لأنه مازال في كتب التاريخ والروايات الشفوية الشعبية .
* أستاذ – باحث في قضايا التواصل والإشهار
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.