عاد الجدل حول التهرب الضريبي للعديد من الشركات المقترنة بالفضاء الترابي للأقاليم الجنوبية المغربية ليطفو على السطح من جديد داخل المؤسسة التشريعية، خاصة بعد مطالبة النائب البرلماني محمد سالم البيهي لوزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، بضرورة فتح تحقيق عاجل في الموضوع. يأتي هذا التحرك في وقت سبق أن أوصى تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول النموذج التنموي الجديد للصحراء، بسن نظام ضريبي عوض استمرار العمل بالإعفاءات الحالية، داعيا إلى انتقال من اقتصاد الريع المعتمد على الأنشطة الأولية والامتيازات، وقصد إطار يشجع الاستثمار الخاص والمنتج، مع إرساء آليات شفافة لتقييم وتتبع حقوق وواجبات كل طرف.. كما اعتبر التقرير ذاته أن من شأن النظام الضريبي أن يرفع من جاذبية تلك الأقاليم، مؤكدا على أهمية فرض ضريبة على الشركات وضريبة الدخل محفزتين، زيادة للضريبة على القيمة المضافة ورسوم محلية موحدة. البرلماني البيهي، المنتمي لصفوف نواب الأغلبية بانتمائه لفريق العدالة والتنمية، خط سؤالا كتابيا برر ضمنه دعواة وزير الاقتصاد والمالية إلى فتح تحقيق حول التهرب الضريبي للشركات الطبية بالأقاليم الجنوبية بكون المعنيين بالأمر حققوا على مدى سنوات، أرباحا طائلة من خلال العمليات الاحتيالية التي طالت مصالح الوزارة، مثيرا أن هامش الأرباح فاق 50 في المائة ببعض الصفقات. وجاءت المعطيات التي حملها البرلماني المذكور مستندة على تقارير كشفت، مؤخرا، عن "وجود شبكة متخصصة في استغلال الإعفاءات الضريبية التي تخولها الدولة للشركات الطبية الفاعلة في الأقاليم الجنوبية، وذلك من أجل تحقيق أرباح مالية بملايير السنتيمات جراء حرمان الدولة من عائدات مالية عبر التدليس في الوثائق المحاسبتية والفواتير". وأوضح ذات السؤال المطالب لبوسعيد بالتحرك أن "هذه الشركات استفادت من خصم الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 20 في المائة بعد إبرام صفقات مع شركات فاعلة في الصناعة الصيدلانية"، مشددا على أنه "بدل توجيهها إلى الأقاليم الجنوبية، يتم تفويت شحنات الأدوية إلى صيدليات بجهة الدارالبيضاء الكبرى".. كما طالب ذات ممثل الأمّة بالكشف عن الإجراءات و التدابير التي ستتخذها وزارة الاقتصاد، بحكم مسؤولياتها، لمعاقبة كل شركة، خاصة الفاعلة بالصناعة الصيدلانية، تستغل الاعفاءات الضريبية بالأقاليم الجنوبية لتوجيهها نحو مدن كبرى كالدار البيضاء". وكانت فرق الأغلبية النيابية، المنتمية لصفوف الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي الحالي، قد اقترحت بمشروع قانون المالية لسنة 2013، ضمن المادة 47 منه وفي إطار الإعفاءات المؤقتة، إعفاء الأقاليم الجنوبية المغربية المسترجعة سنة 1975 من الضريبة.. مبررة ذلك بكون الضرائب، بالرغم من أنها مفروضة على كافة أقاليم المملكة، "لا تطبق فعليا ولا توجد إدارة ضريبية بهذه الأقاليم".