ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    المغربي الزلزولي يصدم برشلونة    بنموسي يراهن على القراءة لمواجهة تدني التعلمات    الجيش الإسباني يدرب الحرس المدني على "الدرونات" قرب الناظور    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    بطولة العرب لكرة اليد.. الجزائر تنسحب أمام المغرب بسبب خريطة المملكة    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    منتخب الهوند الجزائري ما جاش لدونور يلعب مع المغرب بسبب خريطة المملكة وخوفو من الكابرانات    خريطة المغرب تزعج الجزائر بالبيضاء    أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي يكثف هجماته في مختلف أنحاء القطاع    الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن "تمجيد الإرهاب" إثر بيان حول حماس    الانتخابات الجزئية بفاس... "البيجيدي" يشتكي من "ممارسات فاسدة" و"طغيان المال الحرام"    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير فلسطيني : المغرب تحت قيادة جلالة الملك من الدول العربية والإسلامية الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. المدرب الإسباني أوناي إيمري يجدد عقده مع أستون فيلا حتى 2027    وزير : تقنيات الجينوم الجديدة أداة رئيسية للتكيف مع التغيرات المناخية    آيت الطالب: الحوار الاجتماعي في القطاع الصحي حقق العديد من مطالب النقابات    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    وزير خارجية سيراليون : العلاقات مع المغرب بلغت "مستوى غير مسبوق"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    التعليم رجع كيغلي فوق صفيح ساخن. ملف الأساتذة الموقفين غادي بالقطاع لأزمة جديدة وسط رفض نقابي لتوقيع عقوبات ضدهم    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تخاصم العلوم الإسلامية الإبستمولوجيا؟
نشر في هسبريس يوم 28 - 02 - 2015

تأتي أهمية هذه المقاربة لحاجة العلوم الإسلامية، والفكر الإسلامي بعامة، إلى إدماج مجالات معرفية نقدية وتحليلية ضمن نسقه؛ وخاصة الابستمولوجيا. وليس هذا العمل فعلا موضوعيا، بقدر ما هو تعرف على معطيات معرفية قائمة قبله، لأن الفعل النقدي الإبستمولوجي، يقتضي بدءا إنتاج المعرفة العلمية Production scientifique الشيء الذي لا نتوفر عليه الآن في قطاعات علمية ومعرفية كثيرة.
وقد تجاذب الابستمولوجيا، من حيث التعريف والاشتغال، توجهان علميان إثنان؛ واحد فرنكفوني يجعلها فلسفة للعلم، والعلم بمعنى science، وآخر أنجلوساكسوني يعتبرها (نظرية المعرفة)، والمعرفة بمعنى knowledge. ويبقى التعريف العام للإبستمولوجيا هو أنها: الدراسة النقدية والتحليلية للعلم وللمعرفة.
وتميز الفكر المغربي، ضمن الفكر العربي والإسلامي، في تقريب مفاهيم الإبستمولوجيا، رغم أنه لم يكن إنتاجا لمعرفة جديدة، بل مجرد مداخل لمعرفة قائمة أنتجت خارج أفقنا الفكري والعلمي. وحاولت تلك الكتابات التمهيدية للإبستمولوجيا في الفكر العربي الإسلامي تقريبها بكيفيات مختلفة؛ إما عبر تعريف الابستمولوجيا من خلال مقارنتها بميادين معرفية أخرى، مما يجاورها أو يتداخل معها، من حيث الموضوع أو من حيث المنهج؛ مثل فلسفة العلوم، وفلسفة المعرفة، والمنطق، والفلسفة، وعلم اجتماع المعرفة، وعلم نفس المعرفة، وهذا ما أنجزه الأستاذ محمد عابد الجابري، رحمه الله، في كتابه (مدخل إلى فلسفة العلوم، العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي)، والأستاذ محمد وقيدي في كتابه (ما هي الابستمولوجيا؟) ، والأستاذ عبد السلام بن عبد العالي، وسالم يفوت، رحمه الله، في كتابهما (درس الابستمولوجيا).أو من خلال حلقات علمية متخصصة شهدتها جامعة محمد الخامس،خصوصا كلية الآداب والعلوم الإنسانية،من تنظيم مجموعة من هياكل البحث في الكلية؛حول:(التحقيب:التقليد،القطيعة،السيرورة،تنسيق محمد مفتاح وأحمد بوحسن،1994)، و(التفسير والتأويل في العلم،تنسيق سالم يفوت،1996)،و(انتقال النظريات والمفاهيم،تنسيق محمد مفتاح وأحمد بوحسن،1996)،و(المفاهيم:تكونها وسيرورتها،تنسيق محمد مفتاح وأحمد بوحسن،1998)،و(المفاهيم وأشكال التواصل،تنسيق محمد مفتاح وأحمد بوحسن،1998)،و(العلم والفكر العلمي بالغرب الإسلامي في العصر الوسيط،تنسيق بناصر الباعزاتي،مراكش2000)،و(العلم:المحلية والكونية،تنسيق بناصر الباعزاتي،2001)،و(كيف يؤرخ للعلم،تنسيق سالم يفوت،مراكش1994).
فقد عرضت هذه المؤلفات والموائد العلمية المستديرة التعريفية/ التأسيسية الاتجاهات الإبستمولوجية لتقريبها، كميدان معرفي جديد، إلى المعرفة العربية والإسلامية. وكان تركيز المؤلفات المذكورة على الوضعية عند أوغست كونت، والوضعية الجديدة، والعقلانية، والإبستمولوجية التكوينية، والنزعات التطورية. وقد مس هذا العرض المهم اختلال في التوازن بين الاتجاهات البحثية والتعريفية،ربما لأنها،المؤلفات وليس الموائد، كانت مجهودات فردية، ولم تقم بها مجموعة علمية بذاتها، فسادت الاتجاهات الوضعية، واتجاهات العقلانية التكوينية،تحكمت في أغلبها الالتزامات البحثية الإشهادية؛أي أبحاث الحصول على شهادة دبلوم الدراسات العليا أو أبحاث الدكتوراه، بل ظهر اتجاه بعينه داخل هذه الاتجاهات الغالبة وهو: عقلانية غاستون باشلار؛ إذ حضيت باهتمام كبير، بل كان لها تأثير أكبر على تصور المهتمين بالإبستمولوجيا لمهامها ووظائفها وجذورها، كما نجد عند الأستاذ الجابري، رحمه الله. بل يذهب الأستاذ وقيدي إلى أن العقلانية الباشلارية كان لها الأثر على نظرة هؤلاء المهتمين إلى الاتجاهات الإبستمولوجية الأخرى؛ حتى أصبحت صفة الإبستمولوجيا متماهية مع العقلانية الباشلارية، أو هي التي تحدد مهامها من داخل البناء الابستمولوجي لباشلار، أو في الوقوف على مسافة قريبة جدا من ابستمولوجيا باشلار. جعل كل هذا، المجهود المغربي في الإبستمولوجيا، تعريفا وتأسيسا، يدور في فلك مفكر واحد، هو غاستون باشلار، مرتكزا إليه في النظر إلى الاتجاهات الأخرى، سواء كانت تمتاح من فلسفة العلم أو من نظرية المعرفة، مع قلة المتابعة لمايدور في الفضاء الأنجلوساكسوني بخصوص البحث الإبستمولوجي، مما شكل أحد الثغرات في هذا الفكر المنهجي المغربي، ومما حد من فاعليته وتنوعه، بل رسم له أوهاما ومضايق ما زال يعاني من آثارها إلى اليوم في مختلف الحقول المعرفية. فقد تحول الفكر الابستمولوجي لباشلار ذاته إلى عائق إبستمولوجي داخل المعرفة العربية والإسلامية؛ حجب عنها الكثير من الممكنات الإبستمولوجية والمنهجية، وحد من الإمكانات النقدية والتحليلية لهذا الفكر في دراسة النصوص المرتبطة بالمجال التداولي (بتعريف طه عبد الرحمن) لهذه المعرفة، يضاف إلى ذلك أن هذا الفكر الإبستمولوجي، المرتهن لنسق إيديولوجيا باشلار الإبستمولوجي، بقي مجرد مداخل إلى العلم لا تأليفا فيه و لا مساهمة في تطويره، بل انكفاء على نسق مغلق وأحادي تغلب فيه الاتجاهات الفرنسية، والأغلب فيها الاتجاه العقلاني الباشلاري واتجاهاته. وخلق هذا الانغلاق حواجز مع الإبستمولوجيا،كاختيار نقدي وتحليلي، أمام تطرف إيديولوجيا باشلار الإبستمولوجية، في النظر إلى الكثير من قضايا العلم والمعرفة والدين والأخلاق وعموم الظواهر الاجتماعية، بحكم تأسيسها النموذجي (paradigme)، على نمط العلوم الطبيعية. وزاد من عزلة الابستمولوجيا، كاختيار نقدي تحليلي، تصنيفها، في إطار التقسيم الإداري للمعارف في الجامعات، باعتبارها مجرد فرع علمي ملحق بالدراسات الفلسفية، مما يعني أنها ليست إلا مهمة/تخصص لا علاقة له بالمجالات العلمية الأخرى، أمام تحول التخصصات داخل الجامعات، إلى عقائد دوغمائية، و إلى مجالات حيوية للريع والاستغلال والترقي وإخفاء العجز، تحتاج إلى التحصين بأسوار مقدسة، خصوصا في مجال البحوث الاجتماعية والإنسانية؛فالمس بالتخصص مس بمصلحة ما.
وعليه أصبحت الإبستمولوجيا اهتماما فلسفيا بالعلوم، داخل غيتو إداري هو شعبة/ قسم الفلسفة، أو قل مهمة فلسفية موضوعها العلم. ويصبح النقد/ أو التحليل، كوظيفة إبستمولوجية في الأساس، ذا مضمون فلسفي، لذلك شكلت الفلسفة بذاتها عائقا ابستمولوجيا آخر، أمام الممارسة الإبستمولوجية في العلوم الأخرى، ومن بينها العلوم الإسلامية، فأصبح البحث الإبستمولوجي في أحد معانيه، علاقة الفلسفة بذاتها، أوعلاقة فرع بأصل. جعل مجمل هذا (الاحتواء) الفلسفي، بمفهوم التخصص/ الشعبة/ القسم للإبستمولوجيا، الباحثين في العلوم الأخرى لا يلقون بالا للسؤال الإبستمولوجي، أو درس الإبستمولوجيا، بتعبير بن عبد العالي ويفوت.
ولما ورثت المعرفة الإسلامية خصومة تاريخية مع الفلسفة، منذ سيادة مدرسة الأثر وهيمنتها على مداخل التفكير في العلوم الإسلامية، وحملة أهل الحديث المغرضة على علم الكلام وعلى العلوم التأويلية، وتحريم المحدث المحافظ جدا ابن الصلاح للمنطق، واشتباك الغزالي مع الفلاسفة، في (مقاصد الفلاسفة) و(تهافت الفلاسفة)، وغيرها من حالات العداء والتوجس من كل فكر فلسفي، ما زالت مستمرة إلى اليوم؛ لعل ما يمثلها بشكل صارخ وساذج في الجامعة المغربية، العداء بين شعبتي الفلسفة والدراسات الإسلامية، بناء على ولاءات تخصصية مغرقة في الإيديولوجيا والأهواء الشخصية، يضاف إلى أسباب هذا التوجس عند عموم المهتمين بالمعرفة الإسلامية من الفلسفة بروز نماذج نقدية وتحليلية تنتحل صفة الإبستمولوجيا و(الوضوح المنهجي) والخلفية النقدية في قراءة النص التراثي والمعرفة الإسلامية، وهي مغرقة في الإسقاط المخل للمفاهيم، ومغرقة في الإيديولوجيا والتضليل المنهجي؛ مثل ما نجد عند طيب تيزيني في (مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط)، وعند حسين مروة، في (النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية)؛إذ اعتمدا (المادية التاريخية)،باعتبارها دليلا منهجيا عاما في البحث التراثي، وباعتبارها مقدمات، لكنها لم توضع بعد الإنتهاء من البحث،كعرف علمي وإبستمولوجي،؛ذلك أن هذه المقدمات،بحسب كمال عبد اللطيف، (في بحثه: صعوبات الاستعمال المنهجي للمفاهيم)،لم تستثمر مجهود عمليات البحث،ولاتحيل إلى صعوباته، بقدر ماتقرر مجموعة من المقدمات والمسلمات، وبصورة قطعية وجازمة، من هنا فقرها الإبستمولوجي، وبعدها عن (الوضوح المنهجي)، و(التأصيل المنهجي)، و(التفكير المنهجي).فهذه الأبحاث لم يكن التفكير الإبستمولوجي أولويا فيها،ولكن غرضها هو تأويل الحضور الفلسفي في الإسلام من منطلق مادي تاريخي،وهو حق فكري مشروع، لكنه ليس مقاربة إبستمولوجية أبدا.
كل هذا، ومثله، خلق إحساسا في وسط المهتمين بالعلوم الإسلامية، بأن الإبستمولوجيا، مدخولة بالتأويل الفلسفي، ليست إلا تجليا من تجليات الأنساق الفكرية الغربية العلمانية/ المعادية للدين، ولأصول المعرفة الإسلامية، وخلفياتها المرجعية التي يشكل الدين الإسلامي أحد ركائزها الأساسية،ثم هي أداة أيديولوجية في الصراع الفكري الذي يعرفه كثير من البلاد العربية والإسلامية بين الإسلاميين والعلمانيين.
والحقيقة أن الأفكار الفلسفية التي تم نقلها إلى المجال التداولي العربي الإسلامي، كان تتبنى هكذا رؤى متحيزة ضد الدين،أي دين، وبشكل عام، كما أن الإبستمولوجيا التي تم نقلها، خصوصا في صيغتها الباشلارية، كانت تستلهم أطروحتها النظرية والنقدية من منهج العلوم الطبيعية؛إذ لم يخف باشلار عداءه للفلسفات الميتافيزيقة،وهو مايقربه من الأنساق الوضعية،ويرسخ اعتقاده بلامحدودية المعرفة العقلية.(ينظر بتفصيل حول باشلار، كتاب الأستاذ محمد وقيدي :"فلسفة المعرفة عند غاستون باشلار") ؛ ذلك أن المعرفة العلمية من منظور العلوم الطبيعية، في طبيعتها الفرنسية، نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، هي ما صدقته التجربة وحسب، والمعرفة الدينية ليست، على هذا الأساس، معرفة علمية.
و عليه برزت، في هذا السياق، المملوء بكثير من التحيز والإيديولوجيا عند نقل منجزات العلم الغربي، والمملوء بقليل من المعرفة الموضوعية منهجيا ونقديا، كتابات جديدة في الحقل الإسلامي، حاولت تجاوز خصومة الأنساق المعرفية الإسلامية المحافظة، مما يسمى ب"الفكر الإسلامي المعاصر"، مع الفكر الإبستمولوجي النقدي والتحليلي،وتجاوز محدوديتها الفكرية والنقدية، ثم تجاوز الانتحال الإيديولوجي للمفاهيم الإبستمولوجية كما برزت وتبرز في كثير من الدراسات والأبحاث والمشاريع الفكرية، التي لم تتخلص بعد من العداء الغريزي للدين، مع الاستنبات الاصطناعي للمفاهيم والمناهج والأطر النظرية، خارج أي منطق علمي؛ سواء كان تعريبا بتعبير العروي، أو تكييفا بتعبير الجابري، أو تقريبا بتعبير طه عبد الرحمن.
وفي هذا الإطار يمكن إدراج مجهودات عالم الاجتماع الفلسطيني الشهيد اسماعيل راجي الفاروق، والمنجز النظري للمفكر السوداني أبي القاسم حاج حمد؛ في كتبه: (إبستمولوجيا المعرفة الكونية)، و(المنهجية المعرفية للقرآن الكريم)، والمشروع العلمي للفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن، ومجهودات الدكتور عبد الوهاب المسيري،مما يحتاج إلى دراسة تفصيلية.
*أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.