حل اليوم العالمي لحرية الصحافة في وقت يعرف المشهد الإعلامي المغربي مخاضا عسيرا لميلاد مدونة الصحافة والنشر، نظرا للانقسام بين الفاعلين في المجال حول بعض النقاط الأساسية في القانون الجديد؛ ولعل أبرزها العلاقة غير المعلنة بين قانون الصحافة والقانون الجنائي. وفيما تشيد وزارة الاتصال، على لسان الوزير مصطفى الخلفي، بالتقدم الكبير الذي جاء به القانون الذي تشرف عليه، مفتخرة بكونه "ثمرة جهود جميع الفاعلين في المجال"، فإن ملامح المهنيين، ممثلين في النقابة الوطنية للصحافة، لا تعلوها علامات الرضا، بسبب ما اعتبروه "تراجعات خطيرة" على مستوى حرية الرأي والتعبير. ويتهم المهنيون الوزارة الوصية بالتحايل في صياغة ديباجة القانون الذي أحيل على البرلمان، من خلال ترحيلها العقوبات السالبة للحرية من قانون الصحافة إلى القانون الجنائي، الأمر الذي نفاه مصطفى الخلفي، موضحا في تصريح لهسبريس أن المسألة لا تتعلق بالترحيل، وإنما فقط بمادتين في القانون الجنائي في ما يتعلق بالثوابت الوطنية. اليوم العالمي لحرية الصحافة عاد من جديد ليصطدم بواقع أسود تكرسه التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، والتي تصنف المغرب في مؤخرة ترتيب حرية الصحافة والنشر، كما هو الشأن بالنسبة لتصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود"، الذي يضع المغرب في الرتبة 131 في حرية الصحافة. من جانبها، وضعت منظمة "فريدوم هاوس"، في آخر تقاريرها، المغرب في خانة الدول التي لا تتوفر فيها حرية الصحافة والإعلام على الإطلاق، إذ حصل على معدل 66 على سلم للمعدلات ينطلق من الصفر كأحسن معدل، وصولا إلى مائة كأسوأ المعدلات. بعيدا عن ظلمة التقارير الدولية، حضرت المناسبة هذه المرة لتجد نقطة ضوء في المشهد السمعي البصري، والذي عرف ميلاد أول قناة تلفزية إخبارية، متمثلة في قناة "ميدي1 تيفي"، التي اختار القائمون عليها خوض تحدي الإعلام المتخصص في أول تجربة إعلامية من نوعها في المغرب. وتحاول القناة ارتداء ثوب قناة إخبارية من خلال تخصيص جزء مهم من شبكتها لنشرات إخبارية متواصلة باللغتين العربية والفرنسية، مع الحفاظ على مساحة معينة للبرامج الترفيهية والثقافية. إصلاحات جزئية محمد العوني، أستاذ باحث في الإعلام، اعتبر أن المشهد الإعلامي "يعرف تحولات إيجابية"، خاصة على مستوى التشريع، ومن ضمنها طرح وزارة الاتصال لمدونة الصحافة والنشر، "الذي جاء بعدة تعديلات لا تمس الجوهر، ويمكن وصفها بالجزئية"، حسب تعبيره. وربط رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير-حاتم تحسين تصنيف المغرب ضمن لوائح المنظمات الدولية التي ترصد حرية الصحافة عبر العالم بالعمل على الارتقاء بالقوانين المنظمة للمجال، "كما هو الشأن في تونس ما بعد الربيع العربي"، حسب تعبيره. وأوضح العوني، في تصريح لهسبريس، أن "حركية التحولات والإصلاحات التي يعرفها المجال الإعلامي في الوقت الراهن موسومة بميسم التردد بشأن توسيع هامش الحرية من طرف الدولة"، مضيفا أن "هذا الوضع القائم ناتج عن التخبط في التعامل مع المنظومة الديمقراطية". *صحافي متدرب