عبد النباوي يدعو النساء القاضيات إلى اقتحام مناصب المسؤولية القضائية ب"فضول العالم ورغبة المريد"    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى جلالة الملك    خيي كاتبا جهويا ل "مصباح الشمال" ومريمة وبلقات يحجزان معقدا عن تطوان    ياسين بونو رجل مباراة الهلال السعودي وسالزبورغ النمساوي    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    لماذا يُمثّل أمين ضور الخيار الاستراتيجي لقيادة "مشروع الحسنية الجديد"؟    "حماية الثروة الغابوية والوحيش" موضوع يوم دراسي يحتضنه المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    أداء سلبي في افتتاح بورصة البيضاء    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    نجوم مغاربة يخطفون أنظار أعرق أندية الدوري الإيطالي        انقلاب سيارة لنقل العمال الزراعيين    ترقب إغلاق مضيق هرمز يثير مخاوف ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    العدالة والتنمية يدين الهجوم الأمريكي على إيران    حجيرة ل"اليوم 24": علاقتنا التجارية مع تركيا استراتيجية وسنناقش معهم هذا الأسبوع اتفاقية التبادل الحر    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    أمطار رعدية مرتقبة بالريف وحرارة قد تصل إلى 38 درجة            الذهب يصعد مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة بفعل التوتر في الشرق الأوسط    تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران وطهران تتوعد بتوجيه ضربات لأمريكا    مقتل ‬ضباط ‬جزائريين ‬بطهران ‬    الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬        إيران تتوعد واشنطن "بعواقب وخيمة" وتستهدف إسرائيل برشقة صاروخية جديدة    معنى ‬أن ‬تصبح ‬العيون ‬نقطة ‬وصل ‬بين ‬شمال ‬أفريقيا ‬وعمقها ‬الجنوبي    المغرب يحقق قفزة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنة 2024 وسط انتعاش إفريقي غير مسبوق    وثيقة مزورة تعكس انزعاج الجزائر من نجاحات المغرب    الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    كيوسك الإثنين | تسجيل 111 حريقا غابويا أتى على 130 هكتارا من يناير إلى يونيو    نزيف إسرائيل الداخلي.. تزايد الهجرة الجماعية لمواطنيها مند 2023    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    منحرفون يفرضون إتاوات على بائعي السمك برحبة الجديدة وسط استياء المهنيين    الأستاذ عبد الرحيم الساوي يغادر المسؤولية من الباب الكبير.. نموذج في الاستقامة والانتصار لروح القانون    إيران تبدأ هجوماً صاروخياً جديداً على إسرائيل    إيران تتحدى الضربات الأمريكية: مخزون اليورانيوم والإرادة السياسية ما زالا في مأمن    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    الكلام عن الشعر بالشعر مقاربة لديوان « في معنى أن تصرخ» لفاطمة فركال    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    مهرجان كناوة بالصويرة يختتم دورته ال26 بعروض عالمية    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم يحبّنا العالم
نشر في هسبريس يوم 22 - 11 - 2016


سألتني التلميذة:
- ما هو السبب الذي جعلك "تنتبهين" للحيف الموجه إليك باعتبارك امرأة؟ أجبتها بسرعة : "الدرّاجة".
لا أدري كيف خرجت من فمي كلمة "دراجة" هكذا معزولة، مكتفية بذاتها وحاسمة... يبدو أنها كانت دائما هناك تتحيّن فرصتها التاريخية لتتحرر من عقالها... كنت في تلك الأثناء أشرب بعيني مشهد التلميذات المراهقات الرائق أمامي في أوضاعهن المسترخية على مقاعدهن الدراسية، بأجسادهن الحرة بسراويلهن الجينز وأحذيتهن الرياضية، بشعورهن الحرة أو المعتقلة تحت خرق ملونة، بمظهرهن الذي يكاد ينتفي فيه الفارق الجنسي مع زملائهن من الأولاد. ذكرنني بهيأتي وأنا في مثل سنهن وتذكرت "غضبي الوجودي" الذي تفجر ذات مساء بسبب واقعة الحيف الأول الذي تعرضت له عندما دخل أبي دافعا أمامه درّاجة جديدة حمراء وصرخت من شدة الفرح وعانقته معتقدة أنها لي مقابل نتائجي الممتازة التي تفوق بكثير نتائج إخوتي الذكور. تذكرت جواب أبي الذي نزل علي كالماء البارد: "الدراجة لأخويك وليست لك".
الدرّاجة لم تكن فقط الحيف الأول والغضب الأول بل كانت أيضا الشرارة الأولى والوعي الأول الذي فتح عيني على الحقيقة: أنت أنثى وذلك ليس أمرا مريحا بالمرة في المجتمع الذي قذفت فيه. بعد ذلك سيظل "الغضب الوجودي" يبحث لنفسه عن صوت ليصرخ من خلاله... سيمر عبر أشكال كثيرة من الصراخ قبل أن يعثر على الكتابة ويستقر في صخبها الصامت.
عندما نطقت كلمة درّاجة شعرت بحركة ما تمر مثل رعشة وسط البنات ثم تتحول بسرعة إلى نظرة تواطؤ تتوقف في عيونهن الجميلة وأنا أخبرهن وقد استبدت بي حالة من البوح، أن واقعة الدراجة ستحرمني وللأبد من الخفة التي تجعل الناس يعيشون بسلام داخل أجسادهم... أخبرتهن أنني ومنذ ذلك الوقت وجدت نفسي أحمل قضية ثقيلة ومستعصية لا أستطيع أبدا أن أضعها جانبا وأمضي، اسمها قضية النساء. أخبرتهن أنني إن كنت فعلا أومن بشيء فإنني أومن بعدالتها...
لم أقل لهن أن الدراجة الحمراء ستظل في ذاكرتي مع ذلك حيفا "مضيئا" داخل عتمة منظومة الظلم العتيدة التي سأكتشفها فيما بعد، لم أخبرهن أنني سأكتشف وأنا أتقدم في السن وأتقدم في الوعي وأتقدم في الغضب، أن الحيف قانوني وثقافي وديني واقتصادي وسياسي، أردت أن أتركهن يكتشفن الحياة بمفردهن فربما يفهمن كما فهمت أن قوة التجاذب الطبيعي بين الرجال والنساء توازيها قوة تنافر ثقافي في مجتمعات تخاف من الجسد الأنثوي وتقدس القضيب وتدنس اللذة...
نظرت إليهن وسمعت نفسي أقول:
- إنه مجرد حق طبيعي حقنا البسيط مثل جميع كائنات هذه الأرض في امتلاك أجسادنا وعقولنا وأحلامنا...
وكما طفت كلمة "دراجة" فجأة قادمة من مكان قصي في الذاكرة سوف تصعد وبنفس السرعة تلك الرسالة المؤلمة التي تركتها الإيرانية ريحانة جباري فوق الطاولة لتصفع بها وجه البشرية وتوبخ بها ذكورية هذا العالم الذي قدفت فيه بالخطأ... رسالتها لأمها قبل أن تتوجه إلى مقصلة الإعدام، تذكرت جملتها التي تقول المأساة و تختصر الألم:
"لم يحبّنا العالم"
صحيح ريحانة... لم يحبنا العالم رغم أننا أحببناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.