وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري    وفاة مؤثرة مغربية بسبب عملية جراحية بالخارج        زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب قبالة سواحل ألميريا ويهزّ سبع مناطق إسبانية        الملك محمد السادس يهنئ إيمانويل ماكرون بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    أثنار رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق: شيراك اقترح علي تسليم سبتة ومليلية للمغرب أثناء أزمة جزيرة ليلى    مؤسسة وسيط المملكة تعتزم إطلاق برنامج وطني تحت شعار "نحو إدارة المساواة"    الدولي المغربي الشاب ياسين خليفي ينضم إلى سبورتينغ شارلروا    بورصةالبيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    طقس حار ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة اليوم الإثنين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة        ويحمان يكشف خبابا نشر رسالة الفقيه البصري حول تورط الاتحاديين في المحاولةالانقلابية- فيديو    "البتكوين" تتجاوز ال 120 ألف دولار    تنظيم حملة توعوية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    ماليزيا تشدد قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي الأمريكية    رحيل تييري أرديسون .. أحد أبرز وجوه الإعلام الفرنسي عن 76 عاماً    الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    تشيلسي يحصد 125 مليون دولار بعد التتويج في كأس العالم للأندية    لويس انريكي بعد خسارة نهائي كأس العالم … !    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى        لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر        مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش        فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من نهاية لمحتكري الفعل السياسي بالمغرب؟
نشر في هسبريس يوم 22 - 06 - 2011

يسود المغرب ظاهرة سياسية أقل ما يقال عنها أنها معادية لكل منطق سياسي يروم إلى الاعتراف بالتعددية واحترام الاختلاف. فبعض المنابر السياسة وغير السياسية لا يكتفي بتصنيف نفسه ضمن الفاعلين السياسيين في المغرب فحسب، بل أن هذا البعض وعلى الرغم من مجهريته وضآلة وزنه الشعبي، وغياب امتداده في سوق السياسة في المغرب، يدعي أنه يمثل وحده ضمير الأمة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك حين يزعم أنه وحده القادر على رسم مستقبل المغرب السياسي. ويحكم على كل من يعارضه، أو يختلف معه في الرأي، بالمتخلف الذي تجاوزته الأحداث، بل يعتبره في عداد الموتى من الناحية السياسية.
استحضرت هذه المظهر الجديد القديم للمشهد السياسي المغربي، وأنا أتابع النقاش الدائر حول مشروع الدستور المعروض على استفتاء الشعب المغربي، وموقف بعض الأحزاب والهيئات التابعة لها، أو المتضامنة معها في رفض المشاركة في الاستفتاء.
وإلى هنا والأمر عادي في الممارسات الديمقراطية. فرفض الاستفتاء موقف سياسي في حد ذاته، بناء على المثل القائل: "عدم الحكم حكم". أما الأمر الذي لا يمكن أن يكون سياسيا ولا إنسانيا أن يُتهم المشاركون في الاستفتاء بنعم، أو بلا، بأنهم لا يمثلون القوى الحية في البلاد.
وللأسف، فإن هذه التهمة؛ تهمة أن الأحزاب الداعية إلى المشاركة في الاستفتاء ليست من القوة الحية، لا يتم تداولها في الحلقات الحزبية المغلقة، أو في جلسات الهيئات المناصرة لها فحسب، بل تُعلن جهارا نهارا على القنوات الإذاعية والفضائية؛ وهي مسؤولية كبرى أن يتم الحكم على الأحزاب والهيئات والأشخاص المختلفة رؤيتهم وموقفهم عن هذا البعض، في مشروع الدستور الجديد، بأنهم لا ينتمون إلى القوة الحية للشعب المغربي، ويحتكر هو وحده هذه الصفة السياسية.
فقد تابع مشاهدو قناة الجزيرة ليوم 21 يونيو 2011 قول أحدهم، الممثل لهذا البعض، بأن كل القوى الحية للشعب المغربي ستقاطع عملية التصويت. وعدد هذه القوة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وأحزاب النهج الديمقراطي، واليسار الموحد، والطليعة.
تم حصر "القوة الحية" في هذه الأحزاب، ولم يشر مجرد إشارة إلى "رفاقه" في مقاطعة الاستفتاء: مجموعات 20 فبراير، جماعة العدل والإحسان، وبعض الجمعيات الأمازيغية. فأمر القوة الحية، إذن، لا يتعلق بالمقاطعين أو المشاركين في الاستفتاء، بل أنه احتكار لصفة القوة السياسية الحية في المجتمع، ممثلة في الأحزاب التي ذكرها هو، على طريقة القذافي وستالين. فهل هناك من إهانة واحتقار لهذا الشعب أكثر من هذا؟؟
ألا يشبه ما فاه به هذا "المناضل" ما كان يردده حزب آخر على مسامع المغاربة، غداة استقلال المغرب وبعدها، بأنه الممثل الوحيد للوطنية في المغرب، مقصا بذلك، من الانتماء إلى الوطنية، كل من لم منضويا أو خاضعا لذلك الحزب الذي احتكر صفة الوطنية لنفسه دون الأحزاب الأخرى؟ فحدث ما حدث من عنف وقمع وترهيب وحرمان من الحقوق. ولا يزال ذلك الحزب، والحزب الذي تفرع عنه بعد الانشقاق، يضفيان على نفسيهما صفة "الحزبين الوطنيين"، وكأن الأحزاب المغربية الأخرى غير وطنية، أي خائنة لوطنها.
فإذا كان سلوك الحزب القديم لا يزال يقصي كل المغاربة الذين لم ينخرطوا في صفوفه من الانتماء الوطني، فإن ما سرده هذا "المناضل" يحرم المختلفين مع رؤيته السياسية من أن يكونوا من القوة الحية في المغرب!
فإلى متى يستمر هذا الاحتكار لصفات هي من حق جميع المغاربة، ولماذا هذا الاحتقار لوعي المغاربة باتهامهم بعدم قدرتهم على تقرير مستقبلهم السياسي، وتنزع منهم انتماءهم الوطني، أو تستصغره، أن لم يكونوا تحت وصاية ما؟
والواقع أن ما يخيف فعلا ليس المشاركة أو عدم المشاركة في التصويت على مشروع الدستور، أو التصويت بنعم أو بلا. إن الخوف الحقيقي يكمن في عدم وجود حزب سياسي يتعامل مع كل المغاربة كمواطنين كاملي الأهلية بغض النظر إن كانوا منخرطين في هذا الحزب أو ذاك، أو أنه من هذه المنطقة أو من تلك، من الشرق أو من الغرب، من الشمال أو من الجنوب.
هذه هي المعضلة الحقيقية التي يمكن أن تواجه مغرب الدستور الجديد بالصلاحيات المخولة لرئيس الحكومة المقبل، ما لم يتجدد المشهد الحزبي. فإلى الآن لم يشهد المغاربة، كل المغاربة، غير أحزاب ترعى مصالح بعض الفئات، أو بعض الجماعات والأسر، أو بعض منخرطيها فقط، ولا تتعداها إلى مجموع الشعب إلا في وعود الحملات الانتخابية، التي تُهمَل في اليوم التالي للانتخابات، فتعود حليمة إلى عادتها القديمة. ولذا كانت لامبالاة الشعب وعزوفه عن المشاركة في الانتخابات، إشعارا لكل من يعتبر الشعب قاصرا، ومجرد رعايا، بضرورة تجديد رؤيتها وممارستها السياسية، اليوم قبل الغد، اعتبارا للمسؤولية التي يتحملونها، وأداء للواجب، وكسبا لثقة الشعب.
ويخطأ من يعتقد أن ذاكرة الشعب مخرومة، وأنه يمكن أن تنطلي عليه، مرة أخرى، شعارات ووعود جديدة، وواقع أمرهم يؤمن بأنهم "يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم".
ونتمنى، والحال هذه، أن تعيد الأحزاب النظر في ممارساتها وتعاملها مع مجموع الشعب المغربي لكي تسترجع ثقة المواطنين كل المواطنين، دون تمييز، أو وصاية، أو تصنيف، طبقا للمفهوم المتعارف عليه في كل الأنظمة السياسية التي تحترم حقوق المواطنة لكل المواطنين، بغض النظر عن جهته، أو لغته، أو معتقده الديني، أو اختياره السياسي.
أما إذا استمرت لغة تصنيف المواطنين تصنيفا يخالف في أساسه ومرماه المقاصد السياسية للحكم الرشيد، وساد منطق الولاء بدل مبدا الكفاءة في تسيير شؤون المجتمع، واستمر التمييز القائم على الانتماء الحزبي الأسري أو الفئوي أو الأيديولوجي الضيق، فإن ذلك هو الخطر الحقيقي الذي سيشل بناء مستقبل المغرب وتأخير بنائه.
أما سياسة الاحتكار، أو سياسة الوصاية على الشعب، فلا يمكن أن تكون لها صلة لا بالدستور مهما كان مضمونه، وبطموحات المغاربة، كل المغاربة، التواقين إلى العيش الكريم كمواطنين كاملي الأهلية، وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية اللائقة بهم في القرن الواحد والعشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.