يستعمل أكثر من نصف سكان مدينة مليلية، الرازحة تحت التواجد الإسباني، اللغة الأمازيغية كاللغة الأم، ولكن من النادر العثور عليها مكتوبة، ولا يتم تدريسها في المدارس، ويبدو جعلها لغة رسمية ثانية حلما بعيد المنال. ويشير المسؤول عن المنتدى الدائم للغة والثقافة الأمازيغية، عفار حسن، إلى أن "الملجأ الأخير للغة الأمازيغية في مليلية هو النطاق العائلي"، وفق تصريحه ل"إفي". وعلى الرغم من أن هذا المنتدى تنظمه هيئة حكومية هي "معهد ثقافات مليلية"، إلا أن إمكانية أن تصبح "تاريفيت" لغة رسمية ثانية في المدارس يبقى أمرا بعيد المنال. يشار إلى أن العديد من الأحزاب قد طالبت البرلمان الإسباني بجعل الأمازيغية لغة رسمية في سبتة ومليلية، شأنها شأن الإسبانية، إلا أن الحكومتين المحليتين لهاتين المدينتين، اللتين تتمتعان بالحكم الذاتي، والتابعتين للحزب الشعبي الإسباني، تخشيان من "فتح جدل لا طائل منه، لن يكون في صالح سكان أي من الثغرين". وفي إشارة إلى اللغة الأمازيغية، صرحت مستشارة رئاسة مليلية، باث فيلاسكيث، بأن "الاعتراف برسمية اللغة الأمازيغيّة في المنطقة يبقى أمرا معقدا". ومع ذلك، شددت فيلاسكيث على أن "المدينة ذات الحكم الذاتي تدرك أن نصف السكان يتكلمون الأمازيغية، وعلينا أن ندعم ذلك"، إلا أنها استبعدت قيام وزارة التعليم بإدراجها في المدارس. ويرى حسن أن استحضار الأمازيغية من النسيان سيساعد في الحد من الفشل الدراسي في مليلية، وهو الذي يعد من أعلى المعدلات في المناطق التي تخضع للسيادة الإسبانية. وحذر من أن "وزارة التعليم تحاول كسب المزيد من الوقت حتى تتمكن من مسح هذه اللغة من أذهان الأجيال الجديدة من الريفيين". ووفقا للناشط نفسه، فإن "ما يتم هو حرمان أطفال إيمازيغن من لغتهم الأم، وبالتالي من هويتهم، وهم يمثلون ما يقرب من 85 ألف شخص في مليلية، كما أنهم يشكلون جزء من أصل عشرات الملايين من الأمازيغ الذين يعيشون في عموم منطقة شمال إفريقيا". ويشارك وجهة نظر حسن حول اللغة الأمازيغية، التي ترجع إلى أكثر من 5 آلاف عام، فارس المسعودي أحمد، أحد مؤلفي كتاب "الجالية الأمازيغية في مليلية" وأحد أعضاء منظمة اليونسكو في المدينة ذاتها، ضمن تصريح ل"إفي"، بالقول إنه "ينبغي الاهتمام باللغة الأمازيغية في الثغر، انطلاقا من تعليمها في المدارس". وعلى الجانب الآخر، يرى مدير التعليم في مليلية، خوسي مانويل كالثادو، أن "المشكلة لا تكمن في اللغة الأمازيغية، إنما هي اجتماعية وثقافية، نظرا لأن هناك آباء لا يهتمون بتعليم أطفالهم أيا كانت اللغة المعتمدة"، وفق تعبيره. وقالت إحدى المدرسات التي تقوم بتدريس هذه اللغة في مكان تابع ل"الجالية الإسلامية في مليلية"، ضمن تصريحها ل"إفي"، إن "كثيرا من الناس يتحدثون بالأمازيغية داخل الثغر، وأول خطوة مطلوبة هي الإرادة". وأضافت: "يجب أن يتم تدريسها في المدارس، كما أنه سيكون أمرا رائعا أن يتم إدراجها في برامج الأطفال على تلفزيون مليلية". وأشارت المُدرسة إلى أن العديد من تلاميذها القدامى يعملون حاليا في العديد من المجالات؛ حيث إن المستشفيات والمحاكم وخدمات الطوارئ والمحلات التجارية في المدينة بحاجة إلى أشخاص يتحدثون اللغة الأمازيغيّة، "حتى وإن كانوا مبتدئين في التعاطي معها". * إفي