ملف ‬الصحراء ‬المغربية ‬في ‬الأمتار ‬الأخيرة ‬من ‬الإغلاق ‬بقرار ‬أممي    اليمين ‬الإسباني ‬يعلن ‬حربا ‬جديدة ‬على ‬المغرب ‬    المغرب وروسيا يبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية    المغاربة المقيمون بالخارج يشكلون نحو ربع السياح الوافدين على المغرب من أصل 13.5 مليون زائر حتى غشت    آفاق ‬التعاون ‬المغربي ‬الموريتاني ‬تتسع ‬أكثر    مبيعات الإسمنت في المغرب تتجاوز 9.6 ملايين طن حتى غشت مع تسارع مشاريع البنية التحتية لمونديال 2030    بريد المغرب والبريد السعودي يوقعان اتفاقيتين لتعزيز التعاون في مجال الخدمات والتجارة الإلكترونية    بعد ‬تعليق ‬المغرب ‬استيراد ‬الدواجن ‬من ‬البرتغال ‬بسبب ‬إنفلونزا ‬الطيور    هذه أسعار الجملة للفواكه والخضر بالدار البيضاء    هجوم جديد على قارب من" أسطول الصمود" المتجه إلى غزة قبالة تونس    باحثون أمريكيون يبتكرون تقنية لتحليل الصوت وكشف السمات النفسية للأفراد    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    "فيفا" يخطر جامعة الكرة بموعد إرسال اللائحة النهائية للمنتخب المغربي المشاركة في كأس العرب    منتخب الرأس الأخضر يقترب من أول تأهل إلى كأس العالم في تاريخه بعد انتصاره على نظيره الكاميروني    النجم كيليان مبابي يتخطى هنري ويلامس عرش الهداف التاريخي لفرنسا    الحزم السعودي يعلن رسميا تعاقده مع عبد المنعم بوطويل    طقس معتدل اليوم الأربعاء في أغلب مناطق المملكة    توقيف أم وعشيقها متورطين في تعنيف ابنتها وإصابتها بحروق في الدارالبيضاء    عبد النباوي: لا إذن بالتعدد إلا بعد التحقق من الوضعية المادية لطالبي الزواج    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح العمل الاجتماعي للأمن الوطني    8 ‬ملايين ‬و271 ‬ألف ‬تلميذ ‬يلتحقون ‬بالمؤسسات ‬التعليمية    جدل حاد في الكونغرس الأمريكي عقب الضربة الإسرائيلية على قطر    فرنسا تسخر 80 ألف شرطي لمواجهة احتجاجات مناهضة للتقشف    تحقيقات قضائية في خروقات صفقات عمومية تستدعي مقاولين ومنتخبين    توتر دبلوماسي يدفع ترامب لعدم حضور قمة العشرين    الرباط تحتضن ندوة رفيعة المستوى حول مستقبل العلاقات الأورو-متوسطية    قطر تتحرك دبلوماسيا وقانونيا لمواجهة الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    كيوسك الأربعاء | المغرب رابع أفضل بلد في إفريقيا من حيث براءات الاختراع    شرطي يقتل ابن شقيقه رميا بالرصاص قبل أن يضع حدا لحياته    اليونسيف: السمنة تهدد 188 مليون طفل ومراهق حول العالم    المحكمة العليا الأمريكية تبث، في نونبر المقبل، في قضية الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب    مع حضور في الطقوس والأمثال .. الخبز في حياة المغاربة: من قوت يومي إلى مقام وجودي ورمز أسطوري وسلم اجتماعي    استعراض مؤهلات جهة الشمال على وفد فرنسي من تولوز    حمودي: "الأسطول الكوني" لكسر الحصار على غزة أكبر انتفاضة في البحر    مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    23 قتيلا و 2835 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    هشام العلوي يدعو المغرب إلى قطع علاقاته مع حكومة نتنياهو مع الحفاظ على الروابط مع المجتمع والشعب الإسرائيلي        "البام" ينادي بزجر تدليس الانتخابات    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال        اتحاد طنجة يطرح تذاكر مباراته الافتتاحية أمام الحسنية    المنتخب المغربي يتجه للحفاظ على مركزه ال12 عالميا    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    المختار العروسي يعلن ترشحه لرئاسة نادي شباب أصيلا لكرة القدم    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي            نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفويات: الكلام البيّن في مناقب أيّوب المزيّن
نشر في هسبريس يوم 28 - 06 - 2011

تلْكَ اللَّيالي التي أعْدَدْتُ مِنْ عُمْري ... مَعَ الأَحِبَّةِ، كانَتْ كُلُّهَا عُرْسَا
لمَ يَحْلُ، للعَيْنِ، شَيْءٌ، بَعْدَ بُعْدِهِم ...والقَلْبُ مُذْ آنَسَ التَّذْكَارَ مَا أنِسَا
محي الدين بن عربي
ليست هذه العفويات مجاملة، ولكنها إشادة. فهي مقصودة لمن أسمّيه "أخي الصغير"، الذي كان في السنة الماضية رفيق"المادلين بالبيض الطري"(1) في الليالي الحالكة بين فاس والرشيدية، وهذه السنة رفيق "المأدبة الكبيرة"(2) بين عدّة مدن مغربية. من النادر أن نجد شخصاً يضحّي بالغالي والنفيس، ويتحمّل متاعب السفر، ونفقات التنقّل، لكي يصاحب من يحبّه ويقدّره. هذه الندرة إسمها "أيوب المزيّن". ربما ليس هو "الإنسان الكامل"، لكن بحقّ "الإنسان المتكامل": صحافي، فوتوغرافي، مثقف، كاتب، روائي. خصاله تختصر ندرته: بشوش، ضحوك، صبور، متحمّس، فضولي. كان لي أوّل اتّصال به وعمره 12 سنة، حيث بعث لي وقتها برسائل الكترونية، مهتمّاً بما أكتبه وأنشره. عشر سنوات بعدها، لا يزال رفيق الدرب الجغرافي والفكري، يحاورني بين الحين والآخر، ويكتب عنّي، ويسافر معي. له أسلوب في الكتابة يُحسَد عليه لما يتميّز به من سلاسة وفطنة ودقّة: فهو بمثابة ميزان اللسان. لعباراته وزن ثقيل، من العيار الكبير، يُحسن وضعها في المقامات التي هي أهل لها، ينزلها منازلها، في المواطن التي تستحقّها بلا زيادة ولا تكلّف.
لمن يقرأ له يعي بأنّ له شأن في الكتابة، وباع في الصياغة الأسلوبية والصناعة الفكرية. لا عجب في ذلك ما دام ابن فاس نشر أوّل كتابه وعمره 15 سنة: "البطن العالمي بين الولائم والوضائم"، فضلاً عن المقالات والترجمات، وهو يقيّد الآن روايته. هو أيضا في عداد ما يسمّيه علي حرب "الإنسان الرقمي"، له باع في التكنولوجيات (...) كان يشرف على موقع شباب المغرب، وكان منخرطاً في قضايا عدّة تخص هموم الشباب أتاحت له الالتقاء بالشباب العربي في ملتقيات عدّة في مصر وسورية والأردن وتونس ولبنان والجزائر. التقى بالعديد من المفكّرين من أمثال مهدي المنجرة وعلي حرب ومؤخراً هاشم صالح وعبد السلام بنعبد العالي. كان يهوى كرة القدم والحياة عنده هي مثل كرة القدم، حلبة للعراك بين استراتيجيات صلبة ومثقلة، وتكتيكات فارّة وسائلة. يقف المزيّن في هذه الحلبة ليمارس هوايته في "كرة القلم"، بالكتابة والتدوين، بالتفكير والتحليل.
وفي سماء الفكر، تحوم فوق رأسه أطياف نيتشه وخصوصاً ألبير كامو الذي يقرؤه بهيبة ويقظة، يحفظ أحياناً عن ظهر قلب مقولاته الناصعة والصاعقة، من فرط قراءتها وتقريظها، والولوج في أشجانها والتمتع بألحانها، والوقوف على أسرارها، والالتحام بعوالمها. أراه مثلاً في القطار بين الرباط ومكناس يقرأ بموقف وإجلال ألبير كامو، وعدد من مجلة "الماغازين لتيرار" حول إميل سيوران. إنّ الفكر عند المزيّن هو الكلمة المجسَّدة، بل إنّ المزيّن هو الفكر يمشي على قدميه، يتزيّن بجواهر الكلمة وذخائر الحكمة، يتزيّن بالكلمات مثلما يتزيّن الإنسان بالحلى واليواقيت. وأيّة زينة أجمل من التزيّن بالعبارات والحِكَم والأمثال والثقافات؟ يحمل المزيّن زينته في إسمه ورسمه، كما في فعله وأدائه.
كما قالت العرب: سُمّي السّفر سفراً لأنّه "يُسْفِر" عن أخلاق الرجال، وفي سفره معي، وقفتُ على خصاله وشغفه لاكتشاف المواقع النظرية والمواطن الجغرافية، واللقاء بالأشخاص والأفكار. فهو دائماً في "ترحال جديد"، يلتمس الأغراض ويتجدّد مع الأعراض في اقتناص النفحات الوجودية والواردات الفكرية. إنّه عنوان "المتكامل" في سعيه دائما نحو الاكتمال، ولا يشوب مساره مثقال علوّ أو انفعال. يعجز اللسان عن بيان الامتنان لهذا الشاب الميمون، والأمنيات النابعة من القلب أن يلتحق بالركب ليكون من أعلام المغرب، ولقد بيّن بالقدر الكافي ذكاءه الوافي وسخاءه الشافي، في خصاله كما في لسانه.
****
[1] هذه العبارة هي ما يجمعني بأيوب: حيث كانت الحافلة التي تقلنا من فاس إلى الرشيدية، تتوقف لمدة نصف ساعة في بلدة ميدلت لكي يستريح المسافرون ويأكلون ويشربون. فكنا نشرب القهوة بعكك المادلين وعلى غلافه مكتوب "مادلين بالبيض الطري".
[2] المأدبة الكبيرة هو فيلم رهيب لماركو فريري الصادر سنة 1973 ويصوّر الشراهة التي يأكل بها الأشخاص وتؤول إلى موتهم، إشارة إلى مجتمع الاستهلاك الذي نحياه وقد أحدث الفيلم ضجة إعلامية كبيرة وقت صدور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.