البنك الدولي يرصد توسع الفجوة بين أطفال الفقراء وأبناء الأغنياء

قال البنك الدولي إن هناك تفاوتاً في توفير التنمية الجيدة للطفولة المبكرة بالمغرب، ويتجلى ذلك في فجوات كبيرة بين الأطفال الأكثر ثراءً والأطفال الأكثر حرماناً، وشدد على ضرورة إيلاء الأهمية لهذا الأمر لأنه يُقرر مسار التنمية المستقبلية، ويكون معدل العائد من الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة مرتفع بشكل كبير.
وأوضح البنك، في تقرير نشره على موقعه الرسمي، أن الخطوة الأولى في تنمية الطفولة المبكرة تكمن في توفير الدعم للمساعدة على البقاء على قيد الحياة في المهد، مشيراً إلى أن هناك 25 من بين كل ألف طفل مغربي يموتون في الأشهر الأول من عمرهم.
كما لفت البنك الدولي إلى أن التغذية أساسية في تنمية الطفولة المبكرة، ويقصد بها مرحلة بداية المشي والفترة اللاحقة، ويورد أن هناك فجوات بين كبيرة في هذا المكون الأساسي، إذ تشير الأرقام إلى أن 23 في المائة من الأطفال دون الخامسة من العمر كانوا مصابين بالتقزم و10 في المائة مصابون بنقص الوزن.
وخلص البنك إلى أن نقص برامج تنمية الطفولة المبكرة يؤدي إلى استمرار التفاوت، حيث أوردت تصريحاً للبروفيسور جيمس هيكمان الحائز على جائزة نوبل، قال فيه إن "الأطفال الذين ينشؤون في بيئات محرومة لا تقل فقط احتمالات نجاحهم في المدرسة أو المجتمع، بل أيضا تتدنى فرصهم في أن يكونوا بالغين أصحاء".
وأشار البنك الدولي إلى أنه بالرغم من زيادة تيسير الحصول على التعليم الأولي بدرجة كبيرة على مدى العقود الماضية، فإنه يظل ترفاً بالنسبة إلى العديد من الأطفال المحرومين في المغرب، حيث لا تزال شبكة مؤسسات التعليم قبل المدرسة ضئيلة، خاصة في المناطق القروية حيث تشتد الحاجة إليها أكثر.
وتفيد المعطيات التي نشرها البنك الدولي بأنه بين عامي 2015 و2016 التحق 43 في المائة فقط من أطفال المغرب ممن تتراوح أعمارهم بين أربع إلى خمس سنوات بالتعليم قبل المدرسة، مقابل 27.9 في المائة فقط في المناطق القروية.
وشدد البنك على أهمية مشاركة الوالدين في تنمية القدرات الإدراكية للطفل، إذ خلصت دراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن الوالدين اللذين يلعبان ويتحدثان مع أطفالهما منذ الأيام الأولى، واللذين يقرآن لهم الكتب ويساعدانهم في واجباتهم المدرسية، تكون فرص نجاح أطفالهما في الدراسة أكبر.
لكن البنك الدولي يشير إلى أن التحفيز الإدراكي من قبل الوالدين للأطفال نادر في المغرب، لا سيما في الأسر المحرومة. ويرجع ذلك، حسب البنك الدولي، إلى "تدني مستوى تعليم الوالدين، وكبر حجم الأسر، ونقص المعلومات لديهم بشأن السلوكيات التي يمكن أن تساعد أطفالهم على النجاح".
وأكد البنك الدولي أن دعم تنمية الطفولة المبكرة في المغرب يعد استثماراً أساسياً لتحقيق نتائج أفضل في التنمية البشرية، مشيراً إلى أنها لا تؤثر فقط على التطور الشخصي والاجتماعي والمهني للفرد، بل أيضاً يقرر آفاق النمو للبلد كله.
وشدد البنك على أن تنمية الطفولة المبكرة يعتمد على وجود استراتيجية متكاملة متعددة القطاعات وشاملة لتنميتها، حتى يمكن تطبيقها بطريقة منسقة وفعالة في مجالات الصحة والتعليم والتغذية والحماية الاجتماعية.
كما يرى البنك أنه يجب "التركيز على جودة تنمية الطفولة المبكرة أكثر من مجرد زيادة الالتحاق بالهياكل التعليمية"، وقال إنه عنصر مهم في توفير المناخ التعليمي والإنمائي المساعد في دعم التنمية الشاملة للأطفال، لاسيما أولئك المعرضون لخطر الإقصاء الاجتماعي.
وحسب البنك الدولي، فبإمكان المغرب أن يجني عائدات اقتصادية وبشرية طويلة الأمد من خلال وضع معايير جيدة لرعاية الطفولة المبكرة والتعليم؛ وهو ما سيحتاج إلى صياغة ومتابعة وتنفيذ في جميع أنحاء البلاد، وهو الأمر الذي سيساعد على حماية وتعزيز تنمية الأطفال والتيقن من إتاحة الفرص المتكافئة لازدهارهم بغض النظر عن ظروفهم.
جدير بالذكر أن الرؤية الإستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب 2015-2030 تتضمن إجراءات ستجعل التعليم الأولي ضمن التعليم العمومي الإجباري، عكس ما كان عليه الأمر في السابق.