اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الأربعاء، على الخصوص، بالبيان الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة أمام البرلمان في تونس، وبالتضامن مع مديرة النشر صحيفة (الفجر) في الجزائر، وب"أزمة التعليم" في موريتانيا على خلفية النقص في الأساتذة في ولاية الحوض الغربي. ففي تونس تطرقت الصحف إلى تقديم رئيس الحكومة يوسف الشاهد للبيان الحكومي أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) وهو البيان الذي تضمن تشخيصا للوضع العام في البلاد مع تقديم مرتكزات مشروع الميزانية وقانون المالية لسنة 2018. وفي هذا الإطار سجلت صحيفة "الشروق" أن الشاهد قدم معطيات حديثة حيث تحدث عن تحقيق تقدم في العديد من القطاعات على غرار إنتاج الفوسفاط والسياحة وغيرهما، مشددا على أن المؤشرات الإيجابية مكنت من أن تتجاوز نسبة النمو عتبة 2 بالمائة وهي نسبة متأتية "من إنتاج حقيقي". وأضافت أن الشاهد أكد أن الحكومة تسعى إلى تحقيق نسبة نمو ب3 في المائة في 2018 ونسبة نمو ب5 في المائة في أفق 2020. ومن جهة أخرى لاحظت الصحيفة أن الشاهد شدد على أن الوحدة الوطنية تقتضي الابتعاد عن التجاذبات السياسية الضيقة والحسابات الفئوية والقطاعية والابتعاد عن المعارك الوهمية. وأشارت إلى أن الشاهد أكد أن حكومة الوحدة الوطنية ملتزمة وستظل بما جاء في وثيقة قرطاج وستواصل حربها على الفساد. من جهتها سجلت صحيفة "الصحافة اليوم" أن رئيس الحكومة بين في الكلمة التي ألقاها أمام مجلس نواب الشعب أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 سيمكن من تراجع عجز الميزانية إلى حدود 4.9 في المائة كخطوة أولى في انتظار الوصول إلى الهدف المرسوم في أفق سنة 2020 والذي يحصر نسبة العجز في حدود 3 في المائة. واعتبرت الصحيفة أن "للحكومة الحق في أن تتفاءل، خاصة إذا ما رأت الارتفاع المطرد في عدد السياح الوافدين إلى تونس، وكذلك الارتفاع الملحوظ في إنتاج الفوسفاط والمنتوجات الفلاحية وبعض الصناعات التحويلية، لكن ذلك لا يمكن أن يجعلها تغمض عينيها عن التدهور في قيمة العمل وفي الإنتاج الصناعي والزراعي وفي الصادرات..." ومن جهتها لاحظت صحيفة "الصباح" أن الشاهد شدد على أن السياسة الاقتصادية للدولة لا تتلخص في قانون المالية أو الميزانية فحسب، معربا عن أسفه لأن الحوار السياسي حول السياسة الاقتصادية ينحصر في قانون المالية والميزانية. وأضافت أن الشاهد ذكر النواب ببرنامج حكومته الاقتصادي الذي أطلق عليه برنامج الانعاش الاقتصادي، مشيرة إلى أن هذا البرنامج سيتضمن مجموعة من المشاريع ستتم في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص إضافة إلى مجموعة من المبادرات الحكومية من أجل دفع النمو والاستثمار. وسجلت من جهة أخرى أن النواب لم يخفوا خلال الجلسة العامة المنعقدة أمس قلقهم إزاء تدهور وضعية المالية العمومية ومن ارتفاع نسبة المديونية، وطالبوا الحكومة بالمضي في إنجاز الإصلاحات الكبرى وبمواصلة الحرب على الإرهاب والفساد والتجارة الموازية والتهريب والاحتكار... وفي معرض تعليقها على البيان الحكومي الذي قدمه يوسف الشاهد كتبت "المغرب" في افتتاحيتها أن "تونس تحتاج إلى رجة قوية لتستعيد الحد الأدنى في نسق إنتاجها وبالتالي نموها"، مضيفة أن هناك "إجماع حاصل، حتى بالصمت، بأن النمو هو المهمة الأساسية للقطاع الخاص..." واعتبرت الصحيفة أن "دروب الإصلاح مازالت ممكنة وأن إخراج البلاد من نموها الهش هو أولوية الأولويات، فكل إصلاح يصبح أيسر عندما ينتعش الاقتصاد على عكس ما يعتقده الكثيرون". ورأت أنه "لا بد من مصارحة أنفسنا: السنوات القادمة ستكون عسيرة ولا مخرج لنا منها سوى العمل والإنتاج وسلوك طريق الإصلاح.." ومن جهتها ذكرت صحيفة "لوكوتيديان" أن الشاهد بدا واثقا من خلال الإعلان عن تسجيل انتعاش اقتصادي، مما أدى إلى مضاعفة النمو بالمقارنة مع 2016، وجعل الحكومة تطمح إلى تحقيق نسبة نمو قدرها 3 في المائة في 2018. ولاحظت الصحيفة أن ردود فعل النواب جاءت متباينة. وأشارت صحيفة "لابريس" من جانبها إلى أن مشروع قانون المالية أثار جدلا في ما يتعلق بتأثيره على النمو والتقليص من التفاوتات التي يعرفها الاقتصاد التونسي. واعتبرت الصحيفة أن هذا الوضع يتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات التي ينبغي أن تندرج ضمن رؤية مستقبلية ومخطط عمل واضح من أجل تطبيقها، وهو ما دافع عنه رئيس الحكومة بقوة. وتطرقت صحيفة "لوتون" من جهتها إلى الخطوط العريضة للبيان الحكومي وإستراتيجية الحكومة الرامية إلى انعاش الاقتصاد. ولاحظت أن هذه الاستراتيجية ترتكز على النهوض بالاستثمار وتشجيع الادخار ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة ومكافحة التهرب الضريبي. وفي الجزائر، تطرقت الصحف للتجمع الذي نظم، أول أمس الاثنين، أمام مقر صحيفة (الفجر) بالجزائر العاصمة، تضامنا مع مديرة النشر بالصحيفة حدة حزام، التي تخوض إضرابا عن الطعام منذ ثمانية أيام. وكتبت صحيفة (لوتان دالجيري)، في هذا الصدد، أن عددا كبيرا من الصحافيين والفاعلين في المجتمع المدني وممثلي المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان مثل منظمة (العفو الدولية) والأحزاب السياسية كالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، توافدوا من أجل التعبير عن تضامنهم مع مديرة النشر بالصحيفة التي تصدر باللغة العربية، والتي تحتج على ما تصفه ب"الضغط الممارس" ضد صحيفتها من قبل السلطات "من خلال حرمانها من الاعلانات الحكومية للوكالة الوطنية للنشر والإشهار". وسجلت لجنة الدعم، في بيان لها، أن "التجمع ندد بإخلاف وزير الاتصال للموعد مع التوجه الداعي إلى فتح حوار دون تأخير حول مستقبل الصحافة الجزائرية بعد سنوات من استعمال السلطات العمومية للإشهار في الابتزاز". من جهتها، كتبت صحيفة (الخبر) أنه بعد إلحاح من المتدخلين في هذا التجمع التضامني ظهرت الصحافية لدقائق معدودة بعد انطلاق التجمع وقد بدت عليها علامات الضعف وغير قادرة على الكلام، وقبلت إنهاء إضرابها عن الطعام. وكشفت الصحيفة أن العديد من المشاركين في التجمع عبروا عن تضامنهم مع صحفيي (الفجر) الذين لم يتوصلوا بأجورهم منذ أربعة أشهر. ونقلت عن أحد الصحفيين قوله "لقد توصلنا في مناسبتين طيلة أربعة أشهر، بنصف رواتبنا"، مشيرا إلى صعوبات في الاستمرار في العمل والضغط الذي يثقل كاهل العمال على الصعيد الاجتماعي، وهي وضعية تسائل السلطات ومالكي الصحف الذين يتعين عليهم أن يضعوا في مقدمة أولوياتهم التكفل بظروف عمل مهنيي الصحافة من أجل مشهد إعلامي أفضل. من جانبها، أوردت صحيفة (الوطن) أن الجسم الصحفي اتحد خلال تجمع يوم الاثنين حول كلمة واحدة " لا لخنق وسائل الإعلام"، معبرا بالمناسبة عن تضامنه مع حدة حزام. وأضافت أن صحيفتها هي من بين وسائل الإعلام "المدرجة في اللائحة السوداء للسلطات العمومية وبفعل خطها التحريري والتي تتم معاقبتها عن طريق حرمانها من إعلانات الدولة التي تمر عبر الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، وهي مؤسسة عمومية تحتكر تدبير الاشهار العمومي". بدورها، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن العديد من الصحافيين تناولوا الكلمة خلال هذا التجمع، الموجه لإثارة انتباه وزارة الاتصال حول الحالة الصحية لحدة حزام، وحول هشاشة الصحافة المستقلة بصفة عامة، من أجل اقتراح القيام بأعمال ملموسة في إطار مواصلة المعركة التي انطلقت من خلال الإضراب عن الطعام. وأكدوا جميعهم ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياة الصحافة بالجزائر، يتعين أن تنطلق من تشخيص واقع القطاع. وقد دقت الصحف الجزائرية ناقوس الخطر وعبرت عن مخاوفها "من أن الجزائريين يوجدون اليوم في نفس المشروع الرامي إلى القضاء على أي صحافة في بلادهم تقاوم الضغوط والاستبداد، وأن هناك إرادة قوية لإسكات أي حركة احتجاجية في المجتمع". كما لاحظت أن الجزائر غارقة في الأخبار الواردة من الخارج وأن الجزائريين لا يعيرون الاهتمام للأخبار التي يتم بثها على التراب الوطني، فهم يأخذون الحيطة والحذر منها ويرفضونها بشكل مطلق. وفي موريتانيا، عادت الصحف لتولي اهتماماتها لما وصفته ب"أزمة التعليم" على خلفية النقص في الأساتذة في ولاية الحوض الغربي (جنوب)، والتي شهدت، خلال اليومين الماضيين، أعمال "شغب وتخريب"، أسفرت عن ايقاف تلاميذ إحدى الثانويات تضاربت الأرقام حول أعدادهم. وكتبت، في هذا الصدد، أن وكيل الجمهورية بالحوض الغربي "أمر بتوقيف 16 تلميذا من ثانوية مركز اطويل بتهمة التجمهر غير المرخص والاعتداء على السلطات الادارية والعسكرية، وذالك على خلفية تنظيمهم تظاهرة احتجاجية ضد نقص الاساتذة في ثانويتهم، وهي التظاهرة التي أعقبتها أعمال شغب استهدفت بعض الممتلكات العامة، كما اسفرت عن اصابة قائد فرقة الدرك في رأسه". وأضافت أن شرارة التظاهرة اندلعت بعد أن فشلت الإدارة المحلية في توفير أي أستاذ، منذ انطلاق الموسم الدراسي في أكتوبر 2017، بفعل رفض السماح بالتحاق المتعاقدين بشكل مبكر، وعجز الإدارة الجهوية عن توفير الأساتذة لمجمل المراكز التابعين لها. وأشارت إلى أن الأزمة في مدينة لعيون عاصمة ولاية الحوض الغربي لاتزال تراوح مكانها، في انتظار مذكرة يعتقد أنها ستصدر نهاية الأسبوع عن والي الولاية، بعد مذكرة أشعلت غضب الأساتذة والمعلمين، وعطلت الحياة الدراسية في المدينة بشكل كامل، ناهيك عن الأحداث التي شهدتها نهاية الأسبوع المنصرم بعد تكسير مكتب المدير الجهوي واعتقال بعض المعلمين والأساتذة. وتابعت أن النقابة الحرة للمعلمين الموريتانيين نظمت، أمس الثلاثاء، وقفة أمام مباني ولاية الحوض الغربي في مدينة لعيون تنديدا بما سموه "التدخل السافر في الحريات النقابية" وتضامنا مع زملائهم المتهمين. وقالت إن المشاركين في الوقفة رفعوا شعارات تطالب بإلغاء قرار قاضي التحقيق القاضي بوضع ثلاثة مدرسين تحت المراقبة القضائية فورا، وإلغاء مذكرتي تنقيل "تعسفيتين"، مشددين على أنه لا تفاوض مع الإدارة الجهوية للتهذيب الوطني (التربية الوطنية) أو غيرها، قبل الحرية الكاملة لزملائهم ممن تم وضعهم تحت المراقبة القضائية. وذكرت الصحف بأن هذه الوقفة تأتي ضمن سلسلة احتجاجات شملت عدة مناطق كازويرات والطينطان وستشمل باقي الولايات في الأيام القادمة، بسحب القائمين عليها، مبرزة أن وزارة الداخلية كثفت من جهودها الرامية إلى احتواء التوتر داخل الساحة التربوية بموريتانيا. وأوضحت أن الوزارة تمكنت عبر الوالي من حل الإشكال بعد أيام من المواجهة في سيلبابى عاصمة ولاية كيدي ماغا (جنوب)، وتم تأمين الإفراج عن المعتقلين الذين ناهز عددهم 35 شخصا، بعد تعهد الإدارة بتوفير الأساتذة والمعلمين وإعادة الاعتبار للعملية التربوية وإشراك آباء التلاميذ في الخطط المعمول به.