رغم الآمال التي علّقها سكان إقليمالحسيمة على المشاريع السياحية الكبرى التي شُيّدت في المنطقة، وفي مقدمتها فندق "راديسون بلو"، من أجل خلق فرص شغل ومحاربة البطالة المتفشية في صفوف الشباب، إلا أن الواقع يكشف عن مفارقة مثيرة للقلق. فبدل أن تكون هذه الوحدة الفندقية رافعة للتشغيل المحلي، تشير المعطيات إلى أن إدارة الفندق تلجأ إلى استقدام يد عاملة من خارج الإقليم ولاسيما من مراكش، متجاهلة كفاءات وخبرات شبابية محلية تعاني من شبح البطالة والإقصاء. الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ أن بعض شباب المنطقة الذين يتم تشغيلهم بشكل موسمي خلال فصل الصيف، يُمنحون رواتب أقل من نظرائهم القادمين من مدن أخرى، ما يعكس تمييزاً غير مبرر ويفاقم الإحساس بالحيف في أوساط أبناء الحسيمة. كما يشتكي عدد من العاملين داخل هذه الوحدة الفندقية من ظروف عمل "غير إنسانية"، تتجلى في غياب احترام التوقيت القانوني للعمل، وفرض ساعات إضافية طويلة دون أي تعويض مادي أو تحفيز، وهو ما يخالف مقتضيات مدونة الشغل ويكرّس أوضاعاً هشة للعاملين، لا تليق بمؤسسة تحمل علامة فندقية عالمية. وفي الوقت الذي كانت فيه الآمال معقودة على أن تساهم الاستثمارات السياحية في إنعاش السوق المحلية للشغل، يجد العديد من الشباب أنفسهم خارج دائرة الاستفادة، مما يدفع للتساؤل حول مدى نجاعة السياسات السياحية بالإقليم ومدى التزام المستثمرين وكذا السلطات بالمساهمة الفعلية في التنمية المحلية. ويطالب نشطاء مدنيون بضرورة تفعيل آليات الرقابة الاجتماعية على مثل هذه المشاريع، وإلزامها بإدماج الكفاءات المحلية وتمكينها من حقوقها في التشغيل الكريم والعادل، بدل أن تتحول هذه الوحدات إلى مصدر جديد للإقصاء داخل الإقليم.