عرض الماشية خلال عيد الأضحى السابق لم يتعدى 3.5 مليون رأس وحاجيات العيد تجاوزت 6.5 مليون رأس    ابن كيران يدعو إلى فتح الحدود لإنقاذ غزة ويقول: على الدول المطبعة مع "إسرائيل" التهديد بقطع العلاقات    متابعة "يوتيوبر" بالحسيمة في حالة سراح بعد اتهامه بهتك عرض قاصر    ثلاث تنظيمات طلابية كبرى ترفض طمس مشروع قانون التعليم العالي لتمثيليات الطلبة    تعيين نبيل احمينة رئيسا جديدا لجامعة ابن زهر بأكادير بعد فضيحة "قليش" التي أطاحت بالرئيس السابق        الركراكي: نحتاج إلى قلب دفاع أساسي قبل كأس إفريقيا ويتعين على الفريق بأكمله أن يقدم يد العون    الحكومة تحدث رسم شبه ضريبي لفائدة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية            مجموعة أونكوراد تجري أول عملية جراحية روبوتية لزراعة صمام بولي صناعي في إفريقيا        جيلان: من الأصالة إلى العالمية    "العدالة والتنمية" ينبه إلى إشكالات في ظروف الرحلات الجوية الدولية بالمطارات الوطنية    أوناحي يوقّع لجيرونا بعد مفاوضات طويلة    تازروالت.. ذاكرة روحية وحضارية تحاصرها قيود التهميش!    الجيش الاسباني يرسل دورية لمراقبة الجزر المحتلة شمال المغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أجواء فنية مميزة في افتتاح النسخة الثالثة من مهرجان السويسي بالرباط    باحثون روس يطورون شبكة عصبية تساعد على تشخيص مرض "باركنسون" بدقة 97%    أحفير.. توقيف شخصين بحوزتهما 5000 قرص مخدر في عملية أمنية مشتركة    رئيس الجزائر يُنهي مهام الوزير الأول    أوقفوا المضاربات التي تستنزف القوة الشرائية للزوار والسياح    "البام" يدين استهداف الثوابت الوطنية    ترامب يقلّص إقامة الطلاب والصحافيين    الركراكي: باب المنتخب مفتوح للجميع .. والهدف الأكبر لقب كأس إفريقيا    دراسة: نمط الحياة الصحي في سن الشيخوخة يقي من الخرف            تحديث قواعد "الفار" بعد ركلة حرة مثيرة    اتهامات ثقيلة تلاحق صامويل إيتو وتضع مستقبله على رأس الاتحاد الكاميروني في مهب الريح    الركراكي يحسم الجدل حول زياش ويؤكد: الباب مفتوح أمام عودته للأسود    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    كرة القدم ..ميسي يقود إنتر ميامي إلى نهائي كأس الرابطتين الأمريكية والمكسيكية    الغلوسي يرفض "استغلال" الإعلام الجزائري لتصريحاته ويهدد باللجوء إلى القضاء    توقيف شخص ببركان للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالسرقة من داخل وكالة لتحويل الأموال    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    ناشطون مغاربة يدعمون بسفينتين "أسطول الصمود العالمي" المتجه لغزة    واتساب تطلق مساعدا للكتابة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي    دفاعًا عن التصوف المغربي الأصيل بيان صادر عن جمعية مولاي عبد السلام بن مشيش للتنمية والتضامن    لذاك المسمار في الصدأ الصدارة / 5من5    غروب فرنسا    الشاف المغربي أيوب عياش يتوج بلقب أفضل صانع بيتزا في العالم بنابولي    أحمد المصباحي يتألق على مسرح The Voice Suisse    في القيصر – لا مكان لا زمان سلوم حداد يعيد إلى الأذهان وجه أمني يعرفه السوريون جيداً            المغاربة يغيرون وجهتهم نحو السيارات الصينية.. الجودة والسعر كلمة السر    إلياس الحسني العلوي.. شاعر شاب يقتحم المشهد الأدبي ب "فقيد اللذة"    "من صبرا وشاتيلا إلى غزة" .. عندما كتب الفيلسوف الفرنسي دولوز دفاعا عن الشعب الفلسطيني قبل أربعين عاما    كيف تحوّل "نقش أبرهة" إلى أداة للطعن في قصة "عام الفيل"؟    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    اضطراب النوم يضاعف خطر الانتكاسات لدى مرضى قصور القلب (دراسة)    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدادٌ على وطن يغرقُ أبناءه في 20 سنة سجنا ظُلما
نشر في هسبريس يوم 27 - 06 - 2018

ليلة حزينة وجريحة أسالت الكثير من الدموع ورحّلت معها ذاك الشيء القليل والمتبقي من بصيص الأمل الذي كان يزور أذهاننا كلما ضاق بنا الوطن، ليلة قاتمة طردت جو الفرح والتفاؤل المرتقب لتستبدله بسواد حالك وظلام دامس يعمي القلب والعين، ولا مفر من البكاء ..
ليلة الثلاثاء 26 يونيو ستظل وصمة عار على القضاء المغربي، على العدالة المغربية وعلى الذين أوهمونا باستقلالية القضاء ونزاهة المحاكمة، على الذين يدافعون عن حقوق الإنسان ليخلفوا اليوم موعدهم معها وبذلك يخلفوا الموعد مع الديمقراطية ..ليلة حداد على الحرية، على الكرامة، على العدالة، على ماتبقى من الوطن ..ولم يتبق منه شيء ..
لما كان الفلسطيني غسان كنفاني يشرح الوطن لصفية في روايته عائد إلى حيفا، قال لها بأن الوطن هو ألا يحدث ذلك كله، وأتساءل اليوم، أين هو الوطن بعد ما حدث كل شيء؟ بعدما سُلبت حرية مواطنين وصاروا سجناء بتهمة مشاركتهم في مسيرة سلمية مطالبين بالكرامة والعدالة وبتجهيز مدينتهم بما يحتاجونه من مدارس ومستشفيات؟ أين هو الوطن بعدما دُمرت حياة معتقلي حراك الريف وحوكموا بعشرين سنة؟ أين هو الوطن بعدما بكت أمهات المعتقلين ودمعت عيونهن واعتصرت قلوبهن ألما وحزنا على مصير أبنائهن ..
ألا يعرفون أنهم لم يسجنوا فقط ناصر الزفزافي أو نبيل أحمجيق أو وربيع الأبلق؟ ألا يعرفون أنهم لم يتهموا فقط نشطاء حراك الريف؟ لقد زجوا بنا جميعا في زنزانة وحيدة وقتلونا جميعا مع أسرهم وعائلاتهم الذين كانوا يسافرون كل أسبوع من الحسيمة إلى الدار البيضاء مُتجرعين مرارة الاعتقال، متكبدين عناء سنة كاملة من المرافعات والجلسات الباطلة، ورغم ذلك آملين في الفرج القادم وفي المحاكمة العادلة والأكثر من هذا متمسكين بثقتهم في القضاء، أما الآن، من سيثق في هؤلاء القضاة الذين قضوا على حياة نشطاء حراك الريف ومعها قضوا على آمالنا وعلى كل ما كنا نحلم به في هذا الوطن ..
لماذا يصر الوطن على أن يعاقبنا ونحن الذي نتغنى به وبشعاره منذ الصغر؟ علمونا حب الأوطان من الإيمان، فكنا أكثر إيمانا به وأكثر محبيه وأكثر المدينين له، لكننا لم نحظ بنفس الحب، لم يكن نصيبنا سوى التنكر والنسيان وفي حالات نلاحظها اليوم نصيبنا هو الاعتقال بتهمة الدفاع عن الحقوق والحريات ..
ماذا يحدث في المغرب؟ هل يريدون إعادة تاريخ الرصاص والقتل والاعتقال وبذلك ينسفون جهود المصالحة والإنصاف ويعلنون بذلك الانتكاسة الحقوقية والإنسانية؟ ماذا عن زمن الانتقال الديمقراطي، لماذا يعودون خطوات كثيرة للوراء ليخلفوا الموعد معه؟ هل جزاء المطالبة بالحقوق والحريات في المغرب وممارسة حق الاحتجاج كحق دستوري هو عشرون سنة خلف القيود؟
عشرون سنة ..هذا الرقم بالضبط الذي يخيف كل شاب مقبل عليه، خوف من المستقبل ومن الأشياء القادمة، أما اليوم فهذا الرقم منطوق القاضي حُكمًا على شباب خرجوا في مسيرة شعبية سلمية من أجل تحسين أوضاعهم، عشرون سنة حبسا تنطفئ معها كل أحلام وآمال الأحرار في وقت يتمتع فيه الأنذال والمفسدون والسارقون وناهبُوا المال والثروات والكاذبون والمنافقون والسياسيون الماكرون بحريتهم، ويتنقلون كما يشاءون دون أن يوقفهم أحد، دون حتى أن يشار إليهم بتهمتهم ..عشرون سنة اليوم هي جزاء من يناضل من أجل حقوق أبناء مدينته ووطنه، هي جزاء من يطالب بالحرية والكرامة ..
إنهم يدمرون الوطن بأيديهم، إنهم ينطقون حكما في دقيقة واحدة ليدمروا بعدها ذاك الشيء القليل من الرصيد الحقوقي والنضالي ويسيئوا للوطن، ماذا سيقول المكلفون في التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان؟ ماذا سيقولون في الاستعراض الدوري الشامل أمام كل الدول؟ هل سيعترفون بأنهم اغتصبوا حريات الشرفاء ونالوا من فرحة أمهاتهم؟ هل سيعترفون بأنهم أشعلوا نيران الأسى في قلوب المناضلين من أجل العيش بكرامة؟ هل سيعترفون بأنهم رمّلوا أمهات ويتّموا أبناء ونزعوا عنهم فرحة العيد وفرحة الحياة؟ هل سيعترفون بأنهم أبكوا الصغير الذي اشتاق لأبيه وهو القابع في السجن؟ هل سيعترفون بأنهم تركوا المفسدين أحرارا وجعلوا الأحرار مفدسين ظلما وعدوانا؟ هل سيعترفون أنهم لطخوا أياديهم بدماء الظلم والقهر والعدوان؟
أسئلة كثيرة ترخي بظلال الحزن واليأس والبؤس على قلوبنا، صراخنا لا يُسمع وآهاتنا لا تُسمع ودموعنا لا تُرى وكتاباتنا لا تبدِد أي شيء وموسيقانا لا تلطف بقلوب القضاة، فكيف نقاوم؟ كيف نصبر؟ كيف نبدد ضعفنا ومن أين نستمد قوتنا بعدما ضاقت بنا مساحة الوطن وضاق بنا حبنا له؟ من يضمدُ الجراح ومن يطفئ الغليل ومن يمسح الدمع؟
ليلة الثلاثاء هي ليلة العار وليلة الفضيحة الحقوقية والجبن السياسي، ليلة عرت كل المتواطئين والكاذبين والمنافقين الذين يكثرون الحديث عن الديمقراطية ثم فضحتهم ليلة الثلاثاء وكشفت عن جُبنهم وعن وقاحتهم، ليلة فضحت بعض أشباه الحقوقيين والسياسيين الذين لم تحرك فيهم عشرين سنة سجنا لأبناء الريف أي شيء ..واكتفوا بالصمت، وواصلوا أشغالهم كأن شيئا لم يحدث ..
نعم لم يحدث أي شيء ..فقط ومجرد عشرين سنة حكما ..
حداد على ماتبقى من الوطن ..حداد على الكرامة ..
حداد على العدالة ..حداد على القضاء المغربي ..
*طالبة صحفية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.