استغلَّتْ جبهة البوليساريو الاستقالة الأخيرة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كولر، لمهاجمة فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، باعْتِبارها أطرافا تمثّل بحسبها حُلفاء للمملكة، مُلقيةً اللّوم على "أصدقاء" المغرب في استقالة كولر الذي غادر رسمياً وظائفه الدّبلوماسية "لأسبابٍ صحية". واعتبرتْ قيادة الجبهة في تفاعُلها مع قرار استقالة الرّئيس الألماني السابق، هورست كولر، الذي كانَ يتواجدُ على رأس البعثة الأممية إلى الصّحراء، أن هذه الاستقالة "بمثابة نكسة لملف الصحراء، وعلى مجلس الأمن الدولي التحرك وتحمل مسؤولياته لإيجاد حل للنزاع"، معتبرة أنها تعتبر كذلك خسارة لديناميكية الجهود الأممية للتوصل إلى ما أسمته "الحل العاجل والدائم للنزاع". ودعتْ البوليساريو في اجتماع قيادييها، بحضور زعيم الجبهة إبراهيم غالي، الأممالمتحدة إلى التحرك بسرعة لتعيين مبعوث شخصي جديد "ممن يتسمون بمثل القناعة القوية والمكانة والهمة التي تميز بها الرئيس كولر"، رافضة "تحميل مسؤولية الفشل الدبلوماسي الذي تتعرّض له في نزاع الصحراء". وبينما تعترفُ قيادة البوليساريو بأنَّ مبعوث الأممالمتحدة اسْتقالَ بسبب مشاكل صحية، يتهم محمد خداد، مسؤول العلاقات الخارجية بالأمانة الوطنية للجبهة، فرنسا بأنها "دمّرتْ" عمل كولر، "وقد تكون سبباً في أصل رحيله المتسرّع". وادّعَى المسؤول في الجبهة أن وسيط الأممالمتحدة كان يصْطدم ب"العقبات" التي لطالما أثيرت في الأممالمتحدة، ولاسيما من طرفِ باريس وواشنطن، متهماً هذه الأطراف، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، بلعبِ دورٍ كبيرٍ في إقبارِ مشروع كولر في الصحراء، "خاصة أنّه يسّر الطريق للمغرب لإبرام اتفاقيات زراعية جديدة معه". وكانت الأممالمتحدة أعلنت أن هورست كولر، البالغ من العمر 76 عاماً، استقال من منصبه "لدواع صحية"، وقالت في بيان لها إن "الأمين العام أنطونيو غوتيريس يأسف بشدة لهذه الاستقالة"، وأضافت أنه "يتفهمها تماماً، معرباً عن أطيب أمنياته للمبعوث الأممي الذي تسلم مهامه في يونيو 2017". وكان كولر خلف كريستوفر روس، الذي لم ينجح طيلة سنوات في طي الخلاف بين المغرب والبوليساريو. ونجح كولر، وهو رئيس سابق لألمانيا، في إشراك جميع الأطراف المعنية بملف الصحراء؛ وهي المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو. وسهر المبعوث الأممي، في السنتين الماضيتين، على عقد جولتين من اللقاءات بمشاركة جميع الأطراف. وقد ساهمت هذه الخطوة في تصفية الأجواء بين الأطراف الأربعة، بعد تعثر مسجل منذ سنة 2012. وكان مقرراً أن تعقد جولة ثالثة في الأشهر المقبلة بين الأطراف للدخول في صلب موضوع الصحراء؛ لكن الاستقالة قد تؤجل ذلك إلى حين. ومن المقرر أن تعيّن الأممالمتحدة، في غضون الأسابيع أو الأشهر المقبلة، مبعوثاً جديداً؛ وهو ما سيجعل ملف الصحراء أمام تحدّ جديد.