شرعت بعض الأبناك التشاركية بالمغرب في الترويج بشكل كبير ل"وديعة استثمار"؛ وهو المنتج الخاص بتوظيف الأموال وجني الأرباح، وهي مساع ترمي إلى إغناء عروض هذه الأبناك لتدارك ضعف حصيلتها بعد انطلاقها سنة 2017. ويعتمد منتج "وديعة الاستثمار" على مبدأ المضاربة، بحيث يقوم البنك باستثمار أموال العميل، سواء كان فرداً أو مهنياً أو مؤسسة، ثم اقتسام عائد الاستثمار بينه وبين البنك وفق نسبة توزيع متفق عليها في العقد؛ وهو منتج موافق عليه من طرف اللجنة الشرعية للمالية التشاركية التي تضم علماء الدين. ويُعتبر العميل صاحب رأس المال أما البنك التشاركي فهو المستثمر لأمواله في محفظة استثمار تتكون من التمويلات التي تضم المرابحة العقارية والمرابحة للسيارات، وسيتم توزيع الأرباح بعد أشهر حسب ناتج الاستثمار والمبلغ المستثمر والمدة، ويمكن أن تختلف المدد حسب الاستثمار ورغبة صاحب المال والبنك. وللاستفادة من منتج "وديعة الاستثمار"، يتعين على الراغب في ذلك التوفر على فتح حساب لدى البنك التشاركي، ثم تزويد الحساب بالمبلغ المرغوب استثماره، والذي حددته أحد الأبناك في مبلغ أدنى قدره 5000 درهم، ثم توقيع عقد وديعة الاستثمار في إحدى الوكالات البنكية. وتسعى السلطات المالية إلى الترويج لهذا المنتج في المغرب لاستقطاب زبناء يرغبون في جني أرباح بأموالهم بطريقة سريعة ومطابقة للشريعة الإسلامي؛ وهو ما سيُساهم بالتالي في تطوير الاقتصاد الوطني، عبر ما تقوم به الأبناك من تمويلات واستثمارات مختلفة. ويبقى مبدأ المضاربة الذي تعتمد عليه "وديعة الاستثمار" محفوفاً بالمخاطر، وهو يُعتبر في بلدان أخرى أهم صيغ التمويل في البنوك الإسلامية وأكثرها ارتباطاً بالاقتصاد الحقيقي ومساهمةً في التنمية الاقتصادية؛ لكن صاحب الاستثمار لا ضمانة له في حالة الخسارة. وتسعى الأبناك التشاركية إلى جذب زبناء أكثر إلى هذا المنتج الجديد لتدارك الضعف المسجل في نتائجها بعد أكثر من أكثر من عام ونصف العام من انطلاقها في المملكة، حيث بلغت حصتها من السوق البنكية أقل من 1 في المائة، حسب آخر أرقام صادرة عن بنك المغرب. ووصلت الودائع لدى الأبناك التشاركية بالمغرب ما يناهز 1.6 مليارات درهم؛ فيما بلغت حصيلة التمويلات التي قدمتها للزبناء حوالي 6.5 مليارات درهم، وهو حصيلة متواضعة تعاكس التوقعات التي كان الفاعلون في القطاع يضعونها نصب أعينهم قبل انطلاق المنظومة. ويرجع تواضع الحصيلة إلى كون الأبناك التشاركية حديثة العهد بعد عقود من تعامل المغاربة مع البنوك التقليدية، كما أن عدم اكتمال الترسانة القانونية لمنظومة المالية التشاركية كان سبباً في هذا الضعف، إذ لا يزال منتج التأمين التكافلي لدى البرلمان إلى حد الساعة، إضافة إلى مقتضيات أخرى تنظم المنتجات التشاركية.