منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    "دعم عمومي" يثير الجدل بين فاعلي القطاع الصحي الخاص بالمغرب    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أزمة الحكومة الفرنسية تتعمق .. وماكرون أمام تحديات برلمانية ومالية    المغربيان عزيز غالي وبن الضراوي ينتظران الترحيل بعد الاعتقال الإسرائيلي    "أشبال الأطلس" يصطدمون بكوريا الجنوبية في ثمن نهائي المونديال    حصيلة قتلى انهيار مدرسة في إندونيسيا ترتفع إلى 54 شخصا    انطلاق أسبوع جوائز نوبل بإعلان الطب    منح جائزة نوبل للطب لاكتشاف كيفية ضبط الجهاز المناعي    المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬            جيل "Z212" المغربي يرفع صوته: حب للملك ورفض للفساد في رسالة وطنية تهزّ مواقع التواصل    محمد أوجار: احتجاجات الشباب تمرين ديمقراطي يؤكد نضج الأجيال الجديدة بالمغرب    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين    استقالة الحكومة الفرنسية بعد يوم واحد من تشكيلها    معاً ‬و ‬سوياً ‬وفوراً ‬لمعالجة ‬أعطاب ‬الحكامة ‬الترابية ‬في ‬دلالاتها ‬الواسعة    الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول (2-1)    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    ‮«‬التعاقد ‬الاجتماعي ‬مع ‬الشباب‮»‬ ‬في ‬صلب ‬لقاء ‬شبابي ‬هام ‬ترأسه ‬الأستاذ ‬نزار ‬بركة ‬الأمين ‬العام ‬لحزب ‬الاستقلال    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    نقلة ‬نوعية ‬حقيقية ‬في ‬الترسانة ‬القانونية ‬المغربية ‬لمكافحة ‬الاتجار ‬بالبشر    كيوسك الإثنين | الحكومة تشهر "سيف" الاقتطاع من المنبع لمكافحة التهرب الضريبي            القنصلية المغربية بباستيا تشارك في احتفالية الذكرى 82 لتحرير كورسيكا    حزب التقدم والاشتراكية.. أطول إقامة في وزارة الصحة وأقصر مسافة نحو الإصلاح        عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً                        منصة "إنستغرام" تمنح المستخدمين تحكما أكبر في المحتوى المقترح    مباراتان وديتان للمنتخب المغربي لأقل من 17 سنة أمام نظيره السينغالي يومي 9 و 12 أكتوبر في دكار    البطولة: الجيش الملكي يلتحق بركب المقدمة بانتصاره على أولمبيك آسفي    الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة استقطبت حوالي 150 ألف زائر    وهبي: الهزيمة أمام المكسيك "درس"        إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    المركز السينمائي يكشف لجان تحكيم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدير "الأنموذج المغربي"
نشر في هسبريس يوم 08 - 08 - 2019

المقاربة الاقتصادية لجلالة الملك مدخل أساسي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء
لقد شكلت نهاية التسعينيات من القرن ال20 ببداية قوية لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية، المتسمة بسياسة الانفتاح الشامل، وبتطبيع العلاقات الثنائية ولو مع الدول التي كانت معادية للوحدة الوطنية سابقا.
وبمجرد تولي الملك محمد السادس عرش البلاد سنة 1999م، شهدت العلاقات المغربية الإفريقية دينامكية جديدة، تجلت في الجولات الإفريقية الرسمية والزيارات الدبلوماسية التي قام بها جلالته لعدة دول إفريقية من جنوب الصحراء، امتدت من غرب القارة إلى شرقها، منذ 2001 سنة إلى حدود وقتنا الحالي.
هذه الزيارات الملكية، التي تم اعتبارها بمثابة تدشين ومأسسة لمفهوم جديد للسياسة الخارجية المغربية تجاه هذه الدول، انبثقت عنها مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات، همت مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي بمختلف أبعادها التنموية، من خلال إطلاق مشاريع إستراتيجية كبرى في دول إفريقيا جنوب الصحراء، بهدف خلق قطب اقتصادي إفريقي قادر على التنافسية الدولية في الأسواق العالمية.
إن التوجه الجديد للدبلوماسية المغربية تجاه هذه الدول تزامن مع انحسار الصراعات الإيديولوجية وتلاشي مفهوم الزعامات الفردية التي كانت تعمل بطرق استبدادية، وتقوي شرعيتها إما بالدعم العسكري أو المخابراتي أو المالي- المادي من جهات معروفة. وبالتالي، فقد اعتمد المغرب بشكل كبير على البعد الاقتصادي في إطار علاقة "جنوب- جنوب"، مؤمنا بأن العلاقات الدبلوماسية التقليدية المنحصرة سابقا فيما هو سياسي وشكلي محض، أصبحت متجاوزة و- إن كانت تخدم النخب والأنظمة السياسية الحاكمة - من حيث التقارب السياسي، فهي لم تكن تلبي تطلعات الشعوب الإفريقية نحو التقدم والتنمية، من خلال استثمار إمكاناتها الاقتصادية سواء المحلية منها أو في إطار استثمارات "عبر- وطنية"، تفرز تكتلات اقتصادية إقليمية وقارية قوية.
إن التنمية الاقتصادية - طبقا للنهج الدبلوماسي المغربي- تتلخص في "مفهوم الشراكة الإستراتيجية بمفهومها الشمولي" والتي تبقى هي الخيار الأمثل لحل الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها معظم هذه الدول الإفريقية، والممثلة أساسا في عدم الاستقرار السياسي وانتشار الفقر والبطالة وتنامي المد التطرفي، والهجرة غير الشرعية نحول دول الشمال.
بحق، لقد نجحت الدبلوماسية المغربية في تصدير "الأنموذج المغربي" بوجهتيه السياسية والاقتصادية معا، من خلال استثمار إمكانياته وخبرته بإفريقيا جنوب الصحراء. هذا الانتصار سيمكن المغرب لا محالة من الانتقال إلى العمل المؤسساتي من "داخل الاتحاد الإفريقي وليس من خارج التنظيم" من خلال حلفائه التاريخيين، وبالتالي فهو بصدد تأسيس مرحلة تاريخية جديدة مستفيدا من مكانته الجيو- إستراتيجية سواء بالنسبة إلى أوروبا أو بالنسبة إلى الدول العربية. فعلى مستوى دول جنوب المتوسط، يبقى المغرب البلد الإفريقي الوحيد الذي يحظى بموقع متقدم مع الاتحاد الأوروبي، بما يخوله له ذلك من امتيازات اقتصادية مهمة ومجال أكبر للاستثمار، كما يبقى الشريك القوي والمتميز بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، التي ضاعفت من استثماراتها بالمغرب وجعلت منه منصة اقتصادية ودعامة للاستثمار في دول إفريقية عدة.
ويبقى أهم إنجاز إستراتيجي لهذا التوجه الجديد في السياسة الخارجية هو تمكن المغرب من الحصول على مساندين جدد من الناحية السياسية لنصرة القضية الوطنية الأولى، وذلك راجع إلى مصداقية الخطاب الدبلوماسي المغربي، والذي لم يبق مجرد خطابات سياسية تؤثث المنصات والمحافل الرسمية فحسب، بل أكدتها جملة من الاتفاقيات الثنائية والمؤسساتية لإنجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية ضخمة بهذه الدول.
فحسب التقرير الاقتصادي والمالي المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2018، فقد استوعبت دول إفريقيا جنوب الصحراء خلال السنوات الأخيرة أكثر من نصف مبادلات المغرب مع القارة الإفريقية، حيث بلغت حصتها 51 في المائة مقابل 42 في المائة سنة 2014، متجاوزة حصة إفريقيا الشمالية، وتعزى هذه النتيجة إلى الارتفاع الكبير للمبادلات المغربية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء (بحوالي 30 في المائة) التي بلغت 20،4 مليار درهم سنة 2015 مقابل تراجع التبادل التجاري مع دول إفريقيا الشمالية ( - 11 في المائة) الذي سجل 19،5 مليار درهم فقط.
كما أن إفريقيا جنوب الصحراء تمثل أهم وجهة للاستثمارات المغربية المباشرة بحصة تناهز 85 في المائة من التدفقات نحو إفريقيا، و47 في المائة من مجموع الاستثمارات المغربية ما بين 2003 و2015، حيث يرتكز حضور الاستثمارات الأجنبية للمغرب على عشرين دولة في إفريقيا جنوب الصحراء.
وكخلاصة القول، تبقى المقاربة الجديدة للدبلوماسية المغربية تجاه دول إفريقيا جنوب الصحراء والمعتمدة أساسا على البعد الاقتصادي قد بوأت المغرب مكانه الطبيعي في الاتحاد الإفريقي، ضمن دائرة صنع القرار في القارة الإفريقية مما سيخول له القدرة والنفوذ على التأثير المباشر في القضايا التي تمس مصالح المغرب، هذا الإنجاز الذي تحقق رغم كل العقبات والمناورات التي قادها ويقودها أعداء الوحدة الوطنية، ذلك أن هذه المكانة الرائدة والقوية من شأنها أن تعزز النفوذ السياسي والاقتصادي للمغرب على المستوى الدولي.
*أستاذ التعليم العالي في القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.