تعيش ساكنة عدة مناطق بالجنوب الشرقي للمغرب حالة من الرعب والفزع بسبب الكوارث الطبيعية التي تشهدها سنويا، خاصة الفيضانات والسيول التي تنهي حياة بعض الأشخاص وتسبب للآخرين خسائر مادية كبيرة، وتغمر الطرقات والمنازل بالأوحال والأتربة، وهو مشهد يتكرر كل سنة، دون تعويض المتضررين. ولا تقتصر هذه الكوارث الطبيعية على السيول والفيضانات الجارفة، فالمناطق الجبلية بالجنوب الشرقي للمغرب تكون محاصرة في فصل الشتاء بثلوج تصل في بعض الأماكن إلى ثلاثة أمتار، مما يجعل السكان، خصوصا الرحل، يعيشون تحت رحمة البرد القارس، فمنهم من يسلم روحه إلى بارئها، ومنهم من يبقى يحتضر إلى حين إغاثته من قبل لجان اليقظة. وفي هذا السياق، أجمع عدد من الحقوقيين على أن خطورة الكوارث الطبيعية التي تضرب الجنوب الشرقي للمغرب بين الفنية والأخرى، والتي غالبا ما تخلف خسائر بشرية ومادية، ستزداد مستقبلا، موضحين أن المغرب يواجه تحديا كبيرا في هذا المجال نظرا لصعوبة التحكم في الأخطار والكوارث المتعلقة بالمياه. الكوارث الطبيعية تهدد الجنوب الشرقي لم يخف عبد المجيد الهادي، مهتم بالمجال المائي، أن الجنوب الشرقي للمغرب مهدد بخطر الكوارث الطبيعية، خصوصا المرتبطة بالسيول والفيضانات، نظرا إلى ما تعانيه هذه المناطق من جفاف غير مسبوق، موضحا أن "الجنوب الشرقي عانى من الجفاف وليس ببعيد على أن يعرف تساقطات مطرية غزيرة ستؤدي إلى فيضانات وسيول، وقد تسجل خسائر في الأرواح أكثر من الحوادث السابقة"، وفق تعبيره. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن عدة مناطق بالجنوب الشرقي تعرضت خلال الأسابيع الماضية لفيضانات خطيرة وغير مسبوقة تسببت في وفاة العشرات من المواطنين، وانهيار المنازل، وتسجيل خسائر فادحة في الفلاحة وممتلكات المواطنين، مشيرا إلى أن "هذه المناطق مهددة بشكل حقيقي". من جهتها، قالت جميلة الصالحي، من الرشيدية، إن الكوارث الطبيعية التي تضرب الجنوب الشرقي، خصوصا خلال السنوات الأخيرة، "تستوجب تحركا على مستوى المركز من خلال عقد لقاءات دراسية لبحث سبل انقاذ هذه المناطق من خطر الكوارث"، مضيفة أن "هذه المناطق تعاني من الفيضانات والسيول والحرائق والثلوج"، وفق تعبيرها. وطالبت المتحدثة لهسبريس الدولةَ بتخصيص صندوق لكل جهة من أجل مجابهة أضرار الكوارث الطبيعية وتداعياتها، معتبرة أن "الجنوب الشرقي يعد من الجهات المتضررة بشكل كبير، وفي الوقت نفسه يعاني من قلة الموارد المالية والدعم المادي والمعنوي من طرف الحكومة"، على حد قولها. مآس وأحزان "حياة أهل الجنوب الشرقي كلها مآس وأحزان"، جملة رددها الحاج حمو المنحدر من ضواحي تنجداد، مضيفا أن "أهل الجنوب الشرقي إن استطاعوا الإفلات من الفيضانات والسيول، تلحقهم الحرائق. وإن نجوا منها، تلحقهم الثلوج"، موضحا أن "هذه المناطق تعاني من ضربات الكوارث الطبيعية من جهة، ومن ضربات تهميش الدولة لها من جهة ثانية"، وفق تعبيره. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قائلا: "كل سنة تقيم منطقة من مناطق الجنوب الشرقي حدادا على أبنائها الذين يموتون في هذه الكوارث الطبيعية"، مستحضرا "ضحايا تشكا بورزازات، وضحايا وادي الدرمشان بالرشيدية، وضحايا الثلوج"، مبرزا أن "حصيلة قتلى الكوارث الطبيعية بالجنوب الشرقي في السنوات الأخيرة ثقيلة جدا". مسؤول بعمالة الرشيدية قال: "لا أحد يخفي مخاطر هذه الكوارث الطبيعية التي تسبب مآسي وأحزانا للأسر والعائلات بين الفنية والأخرى"، مضيفا أن "الدولة اليوم تتجه إلى إحداث صندوق خاص لمجابهة هذه المخاطر المحدقة بالمغرب عموما، والجنوب الشرقي سيستفيد من مشاريع ضخمة في هذا الإطار"، وفق تعبيره. واعترف المسؤول ذاته بأن "هناك تهميشا يمارس في حق ساكنة هذه المناطق، خصوصا في الماضي، لكن اليوم سيتم تدارك الأمر وتنزيل مشاريع مهيكلة وكاملة بالمنطقة إسوة بباقي بمناطق المملكة"، موردا أن "المنطقة غنية بثرواتها الطبيعية والفلاحية، وهو ما يتطلب تنميتها". تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية لا يقتصر عدد ضحايا الكوارث الطبيعية بالجنوب الشرقي للمغرب على شخص أو شخصين، بل هناك المئات، منهم من مات ومنهم من أصيب بعاهات مستديمة ومنهم من فُقِد، إلا أن الدولة إلى حدود اليوم لم تعوض أهاليهم واكتفت بتقديم العزاء مباشرة أو عبر وسائل الإعلام. صابر نايت داود، طالب من ايت هاني بإقليم تنغير، قال: "هناك عدد من الأسر بأقاليم درعة تافيلالت فقدت معليها الوحيد وسط الثلوج أو الفيضانات ولم تستفد من أي تعويض مادي أو دعم معنوي"، مشيرا إلى أن "العشرات من أهالي ضحايا الكوارث الطبيعية صاروا اليوم من ممتهني التسول لتوفير لقمة العيش للصغار"، مطالبا ب"ضرورة دعم هؤلاء الأشخاص المحتاجين"، وفق تعبيره. وشدد المتحدث لهسبريس على أن تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية يجب تفعيله في أقرب الآجال لإنقاذ الأسر والعائلات من التشرد والضياع، مضيفا: "لا يعقل أن يستفيد برلماني أو وزير من تقاعد مريح وساكنة الهوامش تبحث عن دراهم معدودة تؤمن للصغار لقمة العيش". للمسؤول رأي في الوقت الذي حاولت فيه هسبريس الاتصال بالحبيب الشوباني، رئيس جهة درعة تافيلالت، من أجل نيل تعليقه على هذا الموضوع، لكن هاتفه ظل يرن دون مجيب، قال مسؤول بإقليم تنغير إن "وزارة الداخلية تتجه إلى إخراج برنامج خاص بهذه الكوارث الطبيعية، سيتكلف به الولاة والعمال من أجل تنزيله في أحسن الظروف بعيدا عن المزايدات السياسية والانتخابية"، وفق تعبيره. وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن إحداث صندوق خاص بالكوارث الطبيعية "مبادرة حميدة تتوخى إنهاء المعاناة التي تتخبط فيها الساكنة المتضررة، ودعم الضحايا"، موردا أن "العمال بالأقاليم الخمسة للجهة يعدون تقارير حول هذه الكوارث وآثارها على الأقاليم المعنية من أجل دراستها وإيجاد لها حلول جذرية". وكشف المسؤول ذاته، الذي فضل عدم البوح بهويته للعموم، أن عامل إقليم تنغير بدأ في حل مجموعة من المشاكل الكبيرة التي عرفتها بعض الملفات التنموية بالإقليم، مشيرا إلى أن الإقليم سيعرف في غضون شهر أو شهرين انطلاقة مشاريع مهمة واستئناف العمل في بعض المشاريع الأخرى. وتحدث المصدر ذاته عن وجود عمل يقوم به المسؤول الأول على الإقليم، بتنسيق مع باقي الشركاء من مصالح وزارية، ل"الحد أو التقليص من آثار هذه الكوارث الطبيعية التي تشهدها عدة مناطق بالإقليم، خصوصا الجبلية منها"، وفق تعبيره.