قال أحمد عصيد، باحث في الثقافة الأمازيغية، إن "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية يكرس إحدى المعضلات الكبرى، وهي إنشاء لجان لوضع استراتيجيات، لكن حينما تضع خلاصاتها أمام المسؤولين، يضربون بها عرض الحائط، خصوصا داخل الأمانة العامة للحكومة، أو باقي دهاليز الدولة". وأضاف عصيد أن "اللجنة التي وضعت القانون بصيغته الأولى ترأسها ادريس خروز، بمشاركة 32 شخصية وطنية، اشتغلت بجد وعقدت لقاءات دراسية ونسقت مع الفاعلين المدنيين لتصل إلى مشروع قانون ممتاز، يقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (إيركام) وأكاديمية محمد السادس للغة العربية كمؤسسات مستقلة ماليا وإداريا". واعتبر المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "من العبث أن تأتي السلطة بشخصيات وطنية ثم تتجاهل كلامها"، مشيرا إلى أن "القانون خرج ممسوخا من الأمانة العامة بعد أن تم تذويب المؤسستين داخل المجلس"، مؤكدا أن "هذا ما تريده الجهات العليا حقيقة"، متسائلا: "كيف يذوب إيركام في مجلس استشاري؟"، معتبرا ذلك "خطأ فادحا لا يقبله عقل". وبخصوص أكاديمية محمد السادس، أشار عصيد إلى أن "المؤسسة يتحدث عنها الجميع منذ 1997 لكن دون أن يكون لها وجود إلى حدود اللحظة"، مسجلا أن "معهد التعريب بدوره مشلول ولا ينتج أي شيء يذكر، بالعودة إلى انتظار الجميع لخروج الأكاديمية، لكن اليوم يمنح استقلاليته، فهل الدولة غير عازمة على إنشاء الأكاديمية؟". ووصف الباحث في الثقافة الأمازيغية الخطوات الأخيرة ب"المرتبكة"، مشددا على أنها "دليل على غياب استراتيجية واضحة لدى الدولة"، موردا أن "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كان ثورة ثقافية، فلأول مرة تعترف الدولة بشيء تتجاهله، كما أن تيفيناغ التي كانت سببا في اعتقالات عدة، أصبحت حرفا رسميا لكتابة لغة الأرض". وأشاد عصيد بعمل "إيركام"، قائلا إن "أمازيغ ليبيا نسخوا حرف إيركام، كما أن المعهد هو من صحح كتبهم الدراسية"، مؤكدا أنه "بعد كل هذا النجاح يأتي التقزيم"، وهذه "خطوة لا تنفع البلد"، مطالبا ب"الإبقاء على المعهد مستقلا بحكم عمله الجيد على امتداد سنوات، خصوصا في علاقته بالمجتمع المدني". وتحدى عصيد المنتقدين أن "يأتوا بمؤسسة على امتداد تاريخ المغرب اشتغلت كما إيركام، بحيث أسس الكتاب المدرسي ووضع قواعد الصرف والتحويل"، مشددا على أن "الطرح السليم في علاقة المعهد بالمجلس الوطني للغات، هو تمثيلية للعميد داخله".
