شهدت قاعة مراكش برواق وزارة الثقافة، ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، حضورا مكثفا لباحثين مغاربة وأجانب، بالإضافة إلى مجموعة هامة من الطلبة والمهتمين بالحقل التاريخي، في حفل تقديم وتوقيع الكتاب الجماعي الذي أصدرته مؤخرا المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والموسوم ب"المغرب والبرتغال: تاريخ مشترك وذاكرة متقاطعة". وشارك في هذا العمل الأكاديمي، الذي أشرف عليه الإطار في المندوبية الدكتور أنس الفيلالي، حوالي أربعون باحثا وباحثة من المغرب ومصر والبرتغال وإسبانيا والجزائر. وقدمت خلال الندوة التي نظمتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مجموعة من المداخلات من الدكتور عثمان المنصوري، أحد المتخصصين في تاريخ العلاقات المغربية البرتغالية وأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بالمحمدية، الذي أشاد بالمجهود المبذول في إنجاز العمل، مركزا في كلمته على الإضافات التي جاء بها هذا العمل في الذاكرة المشتركة بين المغرب والبرتغال. وعرف اللقاء أيضا تقديم مداخلات من طرف كل من الدكتور محمد العمراني، أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي التربوي بمكناس، والدكتور أسامة الزكاري، ممثل مؤسسة أيت يدر للدراسات والأبحاث بالدار البيضاء، والدكتور عمر المغيبشي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بن المسيك بالدار البيضاء، والدكتور أنوار الترفاس، باحث متخصص في الأدب العربي والتحقيق، ثم الدكتور كمال النفاع، أستاذ التعليم الثانوي بأكاديمية الرباط. وحاولت هاته المداخلات، التي دامت حوالي ساعتين من العرض والنقاش، تأطير الذاكرة المغربية البرتغالية المشتركة من التاريخ الوسيط (غرب الأندلس)، مرورا بالتاريخ الحديث إلى التاريخ المعاصر، مركزة على الإضافات الجديدة التي انفرد بها الكتاب في الذاكرة المشتركة بين المغرب والبرتغال، إذ توقفت على المواضع التي كان سباقا لطرحها على المستوى الثقافي والأدبي والفني والوجودي؛ فيما أشارت مجموعة من المداخلات في هذا اللقاء، الذي قام بتسيير فعالياته الدكتور عبد الحميد الموذن، إلى الدور الكبير الذي يمكن للكتاب أن يلعبه على مستوى الدبلوماسية الموازية. وكان الدكتور مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أبرز في تقديمه لكتاب "المغرب والبرتغال: تاريخ مشترك وذاكرة متقاطعة"، أنه "يضاف إلى سلسلة من المشاريع الأكاديمية التي أطلقتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حول الذاكرة والتاريخ المشتركين مع الشعوب الأخرى، وينطلق من الحدود الفاصلة بين الذاكرة والتاريخ المشتركين بين المغرب والبرتغال". وأضاف المتحدث ذاته أن "المشاركين الأكاديميين المختصين في التاريخ تناولوا مختلف التقاطعات التاريخية التي تجمع المغرب والبرتغال، سواء في التاريخ الوسيط، من خلال وضع عدة تيمات وشخصيات علمية في غرب الأندلس داخل سياقها التاريخي، على اعتبار أن هذا المجال يدخل تاريخيا في المجال البرتغالي في صورته الحالية، بعد أن أضحت البرتغال دولة في سياق الدولة الحديثة، وما صاحب ذلك من تبلوُر العديد من العوامل التي وسمتْ العلاقات المشتركة بين غرب الأندلس والمغرب خلال العصر الوسيط، أو على مستوى التيمات والمواضيع في التاريخ المشترك في العصر الحديث، بما فيها التي تخص معركة وادي المخازن، وما خلفته من انعكاسات ذهنية واجتماعية وعسكرية على البلدين، أو في ما يخص المواضيع في التاريخ المشترك التي تهم التاريخ المعاصر والراهن". وأكد الكتيري أنه "على مستوى الذاكرة فقد كانت مساهمات الباحثين متجددة ومُحيّنة، وذلك من خلال دراسة وتوظيف عدة زوايا وعلوم معرفية مختلفة همت الشعر والموسيقى والرواية والمسرح، كما همت مجال الذهنيات وتيمة الموت وغير ذلك"، مضيفا: "إذا كانت معركة وادي المخازن، أو معركة القصر الكبير كما يسميها البرتغاليون، عرفت لدى المغاربة من خلال الأبحاث التاريخية بشكل أخص، فإنّ هذا العمل حاول أن يكون سباقا لإبراز أهميتها ومكانتها في الذاكرة المشتركة على المستوى الأدبي والفني". وبخصوص معركة وادي المخازن أو القصر الكبير، أبرز مصطفى الكتيري أنها "استنفدت كما هائلا من الإصدارات والمقالات والندوات في المغرب وجل دول أوربا والوطن العربي، من خلال الأهمية التاريخية التي تمثلها على المستوى الكوني، ليس فقط في عالم القرن السادس عشر، بل إن نتائجها ظل مفعولها قائما خلال باقي الفترات الموالية، خاصة بالنسبة للمغرب والبرتغال".