بايرن ميونيخ يعبر إلى نصف نهائي أبطال أوروبا    توقيف شخص بحوزته كوكايين و1800 قرص مخدر    رغم الاستيراد.. توقعات بارتفاع صاروخي لأسعار أضاحي العيد    نتنياهو يتعهد بالرد على هجوم إيران ويؤكد أن "إسرائيل ستتخذ قراراتها بنفسها"    الخدمة عسكرية .. بلاغ هام من وزارة الداخلية    دوري أبطال أوروبا.. ريال مدريد يثأر من السيتي ويتأهل لنصف النهائي    "أسود الفوتسال" يستعدون لمواجهة ليبيا    بايرن ميونخ بلاعبه المغربي مزراوي يحجز بطاقة نصف "الشامبيونزليغ"    الأمريكي كاتلين يتألق والعطية يقود المشاركة المحلية في بطولة السعودية المفتوحة للجولف    فرنسا ترمي بورقتها الاقتصادية الثقيلة للمناورة بالمغرب    لقاء مهني إسباني مغربي بطنجة لتدارس استدامة مصايد الأسماك ببحر البوران    دياز وريال مدريد ربحو مان سيتي بالبيلانتيات وتأهلو لدومي فينال شومبيونزليگ    لامارين روايال عتقات 131 حراگ من دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا فجوج زودياگات شمال العيون    اتفاق بين المغرب وجزر القمر على تكوين طلبة ضباط قمريين في الوقاية المدنية    "سانت كيتس ونيفيس" تجدد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه وتؤيد الحكم الذاتي    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    زاكورة.. جمعية للرفق بالحيوان تنقل الدابة التي تم بتر أطرافها إلى مراكش (صور)    الجيش ينقذ عشرات المهاجرين الأفارقة من الغرق بسواحل العيون    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    نظام الكابرانات يدشّن مرحلة الدبلوماسية الخرساء    أوزين ل"كود": كنتأسفو على هدر الزمن التشريعي بسبب الصراع على رئاسة لجنة العدل والتشريع وكنتمناو من الاتحاد الاشتراكي يستحضر التوافق كيف تافقنا من اللول    الإضرابات رجعات للتعليم.. تسطير برنامج تصعيدي فيه عدد من المحطات الاحتجاجية    الأمثال العامية بتطوان... (575)    زلزالان قويان يضربان غرب اليابان    انتشار سريع لفيديوهات ترصد ثلاثية رائعة لرحيمي أمام الهلال    الملك محمد السادس يعزي سلطان عمان إثر الفيضانات التي شهدتها بلاده    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    الأمم المتحدة توجه نداء إنسانيا عاجلا لصالح غزة والضفة الغربية    القطاع البنكي المغربي معر ض لمخاطر مناخية مادية    القضاء يحكم على «ولد لفشوش» قاتل الشاب بدر، بالإعدام ويدين شركاءه بالسجن النافذ    تشافي "لقطة طرد أراوخو حددت مصير الإقصاء"    تبادل الضرب والجرح بالسلاح الأبيض يُوقف ثلاثة أشخاص في صفرو    رسميا.. احجيرة رئيسا للفريق الاستقلالي خلفا لمضيان    ميناء العرائش : ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 8 % خلال الربع الأول من العام    سوء الأحوال الجوية يعرقل مطار دبي        كوثر براني تصدم متابعيها: 99 في المائة من الرجال "خونة"!    ندوة أكاديمية بالمضيق بعنوان " النقد والتحقيق بحاضرة الثقافة تطوان"    المغرب يتأخر في مؤشر عالمي لجودة الحياة    "اكتظاظ مطار مراكش"..مصدر: حالة شبه دائمة بسبب إقبال فاق التوقعات    الفيضانات تخلف قتلى في سلطنة عمان    حيار تؤكد اقتراب الحكومة من المصادقة على مشروع منح بطاقة شخص في وضعية إعاقة    حفل تكريم الدكتور يوسف تيبس بمدينة فاس    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    المغرب يحتضن فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في نسختها الثانية    الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في "حكمة الجنوب"    مجلس الأمن يصوت على طلب فلسطيني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    "محطات من تاريخ السينما بالمغرب".. موضوع محاضرة بكلية الآداب بالجديدة    شقيق رشيد الوالي يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    لأول مرة خارج المغرب.. عرض 200 قطعة من الحُلي الأمازيغية التابعة للقصر الملكي    ضريبة البطولة: لماذا يتم استغلال العمال غير الأنانيين مهنيا؟    الأمثال العامية بتطوان... (574)    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطيات الغربية تضع إستراتيجيات الإرهاب في مختبر التحليل

إن الديمقراطيات الغربية اهتزت أعماقها بسبب الأعمال العنيفة التي ضربتها، ورعب المشاهد الدامية التي تدور حلقاتها على الشبكة العنكبوتية، وأَنهكها جعلها تعاني من الضربات القوية لظاهرة الإرهاب الإسلامي.. يبدو الغربيون اليوم عاجزين، وعلى استعداد للتشكيك في القيم ذاتها التي تكمن وراء هذه الأنظمة الديمقراطية، والتي تفرض تعزيز النضال، الذي يبدو أنه بالفعل قد تعثر، من أجل حمايتها.
مدريد، باريس، بروكسل، برلين، لندن، ستوكهولم.. والسؤال المؤلم: ما هي العاصمة المقبلة، ما المدينة التالية في قائمة هذه الجنازة؟ ويعزز طعم العجز فقدان السيطرة على التأثير الحقيقي على المجتمع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن "الإرهاب" ليس ظاهرة جديدة، بعيدا عن هذا، إذا نظرنا إلى الوراء، إلى العصور القديمة، في القرن الأول من عصرنا، عندما هاجم المتطرفون في فلسطين الرومان وذبحوهم في الشوارع والأسواق. وبرزت الإشارة إلى "الإرهاب" خلال الثورة الفرنسية عام 1794.
وهكذا فإن "الإرهاب" يمكن أن يكون شكلا لممارسة السلطة أو وسيلة لمقاومتها..هذه الظاهرة ليست ذات طابع حصري، جغرافيا، سياسيا ودينيا..لقد عانت المملكة المتحدة لعقود عديدة من الهجمات الإرهابية للجيش الجمهوري الإيرلندي، وعانت فرنسا وإسبانيا من هجمات منظمة إيتا (المنظمة المسلحة للمطالبين باستقلال إقليم الباسك).. دون أن ننسى الاعتداءات المتتالية التي ضربت فرنسا عام 1995، بتوقيع الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية، والتي أدت إلى وضع خطة vigipirate*، التي فرضت على المواطنين أن يعتادوا على عبور الجيش في الشوارع العامة. (*vigipirate "فيجيبيرات": هي خطة أمنية أعدتها فرنسا لمكافحة الإرهاب تم إحياؤها في منتصف التسعينيات إثر الاعتداءات الإرهابية المتتالية التي شنتها الجماعة الإسلامية الجزائرية. تشمل الخطة مجال اليقظة، الوقاية والحماية من الأنشطة الإرهابية في جميع المجالات الرئيسية لنشاط المجتمع (النقل، الصحة، الغذاء، شبكات الطاقة، وأمن نظم المعلومات...)) المترجم.
ولكن ما هي أسباب تفاقم خطورة هذا الجرح الذي أصاب الديمقراطيات اليوم، التي تجعلنا نجرؤ على الحديث عن زعزعة استقرارها، وعلى الصعوبة الكبرى التي تكتنف القضاء على عمل الخلايا المسلحة؟ من أجل محاربة ظاهرة الإرهاب يجب علينا أن نحددها أولا.. على سبيل المثال، التعريف الذي اقترحه كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة عام 2004: "الإرهاب هو كل عمل يستهدف القتل أو يتسبب في إصابات جسدية جسيمة للمدنيين أو غير المقاتلين، حيث يكون الغرض من هذا الفعل، بحكم طبيعته أو سياقه، زرع الرعب في السكان، أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على اتخاذ أي إجراء أو الامتناع عن القيام به".
ألا تعتبر هذه المقاربة اختزالية عندما تتجاهل التطرف، أي التنشئة الدينية على العنف؟ وهذه هي نقطة انطلاق ظاهرة الإرهاب، التي بدأت مع الوعظ في المدارس القرآنية والمساجد، قبل استخدام وسائل الاتصال الحديثة، حتى التجنيد داخل زنازين السجون التي تضم عددا من أفراد المجتمع المحلي الذين هاجروا إلى العقائد الدينية المتطرفة، وإقناعهم بالقتال في سوريا في صفوف "داعش" أو بتفجير أنفسهم في قطارات المترو.
إن التطرف الديني ليس طارئا وسيتطلب بدون شك سنوات للقضاء عليه، ليس فقط لأن من الصعب تحديد المروجين له، ولكن أيضا لأن الأسس الديمقراطية لهذه الدول توفر الحماية لحرية نشر كل الأفكار، وأن الحدود بين المسموح به وغير المسموح به في الكثير من الأحيان جد واهية.
من الملح إدراج التطرف في المجال الجنائي والسماح بالمتابعات القضائية للمتهمين به وتوقيع العقاب الذي يستحقونه. ومن جهة أخرى، فإن فهم الإرهاب على نحو أفضل، ومكافحته أيضا، تفرض علينا أن نتساءل عن سبيل الاستعجال عن مصادر تمويله. ففي أعقاب تفجيرات مدريد عام 2004 حث الاتحاد الأوربي الدول الأعضاء على اتخاذ كافة الإجراءات لمكافحة الإرهاب من خلال التشديد على طريقة تمويله. وقد انبثق هذا من رسالة اللجنة الأوربية إلى المجلس والبرلمان الأوربي المؤرخة في 20 أكتوبر 2004 (منع ومكافحة تمويل الإرهاب من خلال تدابير تستهدف تطوير تبادل المعلومات، الشفافية وإمكانية تتبع المعاملات المالية).
هكذا، أوصت الرسالة بإتباع ثلاث زوايا لمقاربة الظاهرة: تحسين سبل تبادل المعلومات، شفافية أقوى للكيانات القانونية، وإمكانية رصد وتتبع المعاملات المالية. لكن - للأسف - لم يكن لهذه التوصية الأوروبية تأثير يذكر، ومع ذلك فمن الواضح أنه إذا كانت الطرق التقليدية لتحريات الشرطة تسعى إلى التعرف على أعضاء الخلايا المسلحة (عبر التنصت، الإغراء والاختراق...)، فإن البحث عن منافذ تمويل الإرهاب سيشل الحركات المتطرفة ويحد من انتشارها، ويؤدي إلى ضبط الجهات الراعية لها. من يمول الإرهاب إذن؟
الإرهابيون أنفسهم، من خلال ارتكاب الجرائم الكلاسيكية مثل الاتجار بالمخدرات. وفي هذا الصدد، يؤكد أنطونيو ماريا كوستا، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، الذي يتخذ من فيينا مقرا له، في حوار مع "إكسبريس": "لقد حصلنا على أدلة بأن هناك رافدين لتدفق المخدرات غير المشروعة- الهيروين في شرق إفريقيا والكوكايين في الغرب- يلتقيان الآن في الصحراء عبر خلق مسارات جديدة لعبور المخدرات الصلبة عبر تشاد والنيجر ومالي. هذه الحركة لا تغذي الجريمة المنظمة فحسب، ففي منطقة الساحل، يعتمد الإرهابيون والقوات المناهضة للحكومات القائمة على موارد تجارة المخدرات لتمويل عملياتهم.. شراء المعدات ودفع رواتب عناصر قواتهم. وعلاوة على ذلك، تتخذ حركة العبور هذه بعدا جديدا. فنحن اليوم، لا نضبط مجرد كيلوغرامات ولكن طنا من الكوكايين! وبدلا من أن يتم ذلك عبر قوافل الجمال، فقد أصبح نقل المخدرات أسرع وأكثر تطورا كما يتضح من حطام طائرة بوينغ 727 التي وجدت في 2 نونبر في غاو بمالي، وهي منطقة متأثرة بالتمرد والإرهاب. من المحتمل أنه كان على متن هذه الطائرة، التي أُحرقت بعد تفريغها، عشرة أطنان من الكوكايين". هذا ما يبدو وكأنه جريمة أكثر كلاسيكية.
هل سيكون الإرهابيون مجرد "بلطجية" وتجار مخدرات؟ يقدم تنظيم "داعش" مثالا صارخا: الاتجار بالقطع الأثرية المسروقة في المواقع الأركيولوجية، الابتزاز وتهريب البشر والاتجار بهم، مبيعات النفط... إنها أصول خاصة متعددة الجنسيات قُدرت عائداتها في عام 2015 ب2250 مليار أورو. ألا يفرض هذا الأمر أهمية البحث عن عملاء هذه المقاولة الإجرامية؟ هناك نوع من النفاق يسود على المستوى الدولي حول هذه النقطة، للنظر في ارتفاع معدل احتمال تورط بعض الدول في المساهمة سريا لتعزيز توسع دولة الخلافة، وتنمية وتدريب الخلايا الإرهابية في أوروبا.. هل دخل الإرهاب بقدميه في عالم الجريمة المالية، من خلال أهمية الظاهرة العالمية التي أصبحت تهدد زعزعة استقرار الدول (انظر مثلا، الانعكاسات الاقتصادية للهجوم على السياح في تونس) والتنظيم الإجرامي لتمويلها؟.
تنشر الأصولية مخالبها مثل أخطبوط، وتطور أسلحة جديدة.. كيف تحاول إقحام الشريعة في النظم القضائية الأوروبية، متذرعة بالمبادئ الديمقراطية للأغلبية؟ يجب التذكير بتصريحات أنجم تشودريAnjem Choudry في بريطانيا، التي تبشر بأن "راية الشريعة" سترفرف في 10 شارع داونينج Downing Street عام 2020، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه سيكون هناك 500 تحويل مالي في اليوم الواحد في انجلترا، قواعد تتسرب داخل القانون الإيجابي للدول الغربية.
هكذا قضت محكمة هامبورغ في 21 يناير 2009 بأن "للمسلمين فهما مختلفا للاغتصاب يجب أخذه بعين الاعتبار". في بريطانيا العظمى، تعطي بعض المجالس الشرعية آراء استشارية خاصة في الشؤون الأسرية.. هذه المحاكم، التي تعقد جلساتها أساسا في المساجد، وتسوي النزاعات المالية والأسرية على أساس المبادئ الدينية، تصدر قرارات يمكن تنفيذها بالكامل إذا أقرتها المحاكم الوطنية. وقد ذهب اللورد نيكولاس فيليبسLord Nicholas Phillips ، رئيس السلطة القضائية في إنجلترا وويلز، إلى حد اقتراح قبول القانون الإسلامي في إجراءات المصالحة، حين صرح بأنه "لا توجد هناك أسباب معقولة تمنع اعتماد مبادئ الشريعة الإسلامية، أو أي قانون ديني آخر، لتكون أساس الوساطة أو أي أشكال أخرى بديلة لحل النزاعات". ولكن مع الأخذ في الاعتبار أنه إذا فشلت الشريعة الإسلامية في تحقيق الوساطة "فستكون العقوبات من قوانين إنجلترا وويلز".
من المهم أن نتذكر دوما هذا التمييز المأساوي بين أولئك الذين يطورون الأفكار النابعة من الإسلام التنويري ومريدي الحقد والكراهية الذين يُحوّرون الدين عن أهدافه السامية. ماذا سيحدث عندما سيشكل متزعمو الأفعال الإجرامية "كوماندو"، ليس بهدف التفجير الانتحاري، ولكن ليستخدم أفراده شبكة النيت كسلاح فتاك؟ تحويل طائرة تحلق في السماء، انطلاقا من حاسوب بسيط أو جهاز لوحي، تدمير النظم المصرفية، اختراق جميع الاتصالات... تعيش الديمقراطيات سباقا حقيقيا ضد عقارب الساعة. ويبدو التحدي ذا شقين: الاحترام والتمسك بالقيم الديمقراطية للتنوير، والحفاظ في نفس المعركة على الإسلام المتسامح الذي يدعو إلى الحب والأخوة العالمية.
* قاضي التحقيق المالي بالمحكمة الابتدائية لبروكسل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.